فن وثقافة

تأثير شخصية متخذ القرار على استراتيجيات إدارة المخاطر في المؤسسات

حكيم سعودي

في عالم الأعمال، يعتبر اتخاذ القرارات الصحيحة أمرًا أساسيًا لنجاح المؤسسات واستمراريتها في التنافسية. ومن العوامل الحاسمة التي تؤثر على عملية اتخاذ القرارات هي شخصية الفرد المسؤول عن هذه العملية. فالقرارات التي يتخذها هذا الشخص لها تأثير مباشر على مسار المؤسسة ونجاحها في التعامل مع التحديات والمخاطر.
شخصية متخذ القرار لها دور كبير في توجيه الاستراتيجيات التي تتبناها المؤسسة في إدارة المخاطر. فتأثير عوامل مثل العواطف والتهور والضغط النفسي قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة ومتسرعة، مما قد يعرض المؤسسة لمخاطر كبيرة.
من أجل ضمان استدامة الأعمال وتحقيق النجاح، يجب على متخذ القرار أن يكون قادرًا على تقدير المخاطر بشكل دقيق واتخاذ القرارات بناءً على استراتيجيات محكمة. وتشمل هذه الاستراتيجيات:
استراتيجية ترك الموقف مفتوحًا: حيث يتم الاحتفاظ بمستوى الخطر على ما هو عليه دون تغيير كبير، ويعتمد ذلك على تقدير متوسط المخاطر وعدم جاذبية التكلفة لتداركها.
استراتيجية تحمل مخاطر محسوبة: وتشمل تحديد مستويات الخطر المقبولة واتخاذ التدابير اللازمة لتقليل المخاطر إلى هذا المستوى، مثل تنويع الاستثمارات واستخدام وسائل التأمين.
استراتيجية تغطي كل الخطر: حيث يتم التحييد تمامًا لمصادر الخطر، ويعتمد ذلك على الاحتمالية الضئيلة لحدوث المخاطر، مع توظيف أدوات هندسية مالية مثل العقود الآجلة والخيارات.
من المهم أن يتمتع متخذ القرار بقدرة على التعامل مع الضغوطات والتحديات بطريقة هادئة ومنطقية، وذلك لضمان اتخاذ القرارات الأفضل لصالح المؤسسة ومصلحتها على المدى الطويل. ومن خلال توازن بين العواطف والمنطق، يمكن لشخصية متخذ القرار أن تسهم في تحقيق أهداف المؤسسة وتعزيز استدامتها في ظل التحديات المتغيرة في السوق والبيئة الاقتصادية.
تواجه المؤسسات في عصرنا الحالي تحديات متعددة ومتنوعة، بما في ذلك التقلبات في الأسواق العالمية، والتكنولوجيا المتطورة، والتغيرات في السياسات الحكومية، وحتى الأحداث غير المتوقعة مثل الأزمات الصحية كما حدث مع جائحة كوفيد-19. لذا، يصبح من الضروري أن تكون استراتيجيات إدارة المخاطر متكيفة ومرنة لمواجهة هذه التحديات بنجاح.
تتطلب هذه الظروف المتغيرة من متخذ القرار أن يكون قادرًا على تقدير المخاطر بشكل دقيق واتخاذ القرارات بناءً على توقعات مستقبلية معقولة. يجب أن يكون لديه قدرة على التفكير الاستراتيجي وتحليل البيانات بشكل فعّال لاتخاذ قرارات تتماشى مع أهداف المؤسسة ومصلحتها العليا.
ومن الجدير بالذكر أن استراتيجيات إدارة المخاطر لا تقتصر على المخاطر المالية فقط، بل تشمل أيضًا المخاطر العملية والتشغيلية والتكنولوجية والقانونية والبيئية والسياسية. ولكل نوع من هذه المخاطر تحدياته الخاصة التي يجب على متخذ القرار أن يكون على دراية بها ويتصدى لها بشكل فعال.
في الختام، يمكن القول بأن شخصية متخذ القرار تلعب دورًا حاسمًا في استراتيجيات إدارة المخاطر في المؤسسات. فمن خلال توازن بين العواطف والمنطق، والتحليل الدقيق، والتفكير الاستراتيجي، يمكن لمتخذ القرار أن يسهم بشكل فعّال في حماية المؤسسة وتحقيق أهدافها على المدى الطويل، وبالتالي تعزيز نجاحها واستدامتها في ظل التحديات المتغيرة في البيئة الأعمال..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!