بعد انصاف الدكتور عبد السلام احجو من طرف القضاء .. الدكتورة حكيمة كرامي تقاضي عميد كلية الحقوق بفاس
محمد ايت موحتا
بعد فضيحة إقالة رئيس شعبة القانون العام بهذه الكلية بطريقة عشوائية من طرف العميد وإنصافه من طرف المحكمة الإدارية بفاس التي قضت بإلغاء هذا القرار، لازال مسلسل الخروقات القانونية والإدارية مستمرا بهذه الكلية، والأمر يتعلق هذه المرة بمباراة توظيف أساتذة التعليم العالي مساعدين المفتوحة في وجه الدكاترة الموظفين دورة 26 يوليوز 2021 تخصص قانون عام مزدوج بحيث أعلنت الكلية عن نتيجة “لا أحد” خلافا لما تضمنه محضر لجنة المباراة والمتمثل في نجاح ثلاثة مترشحين من بينهم الدكتورة حكيمة كرامي الحاصلة على دكتوراة في القانون العام فرنسي بكلية الحقوق بفاس سنة 2017 بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر من طرف لجنة مكونة من خيرة أساتذة القانون العام.
فمنذ فتح المباراة، اصطدمت الدكتورة حكيمة كرامي، والتي تشتغل بالتدريس بنفس الكلية منذ التحاقها بها سنة 2006 بكل تفان ومسؤولية وانضباط، برفض العميد طلبها الترخيص لاجتياز هذه المباراة دون أي مبرر قانوني، الأمر الذي تم حله بتدخل من طرف نقابة التعليم العالي.
حسب مصادرنا ، بعد إيداع الدكتورة حكيمة كرامي لملفها المستوفي لجميع الشروط القانونية للمشاركة في المباراة، تم انتقاؤها لتجتاز بعد ذلك الاختبار الشفوي (العرض والمناقشة) أمام لجنة المباراة –وهي لجنة علمية مختصة في القانون العام- بتاريخ 28-07-2021 لتفاجأ في اليوم الموالي بمقال نشر بجريدة إلكترونية يطعن في كفاءتها مع التشهير وتسريب معلومات شخصية ومعطيات مبتورة في محاولة للتأثير على قرار اللجنة. وعند اتصالها بالعميد للاستفسار عن الموضوع وخاصة المعلومات الشخصية التي تم تسريبها والتي لا توجد إلا بحوزة الإدارة، طمأنها وهنأها بنجاحها وأكد بأن الأمور تأخذ مجراها الصحيح بشكل قانوني ولا داعي للقلق من هذه الشوشرات الإعلامية التي غالبا ما تحدث في مباريات التوظيف من طرف مترشحين لم يتم انتقاؤهم.
إلا أن الفضيحة الكبرى وهي الإعلان – بعد مرور مايزيد عن ثلاثة أشهر- من طرف كلية الحقوق بفاس عن نتيجة “لا أحد” خلافا لما جاء في محضر لجنة المباراة، وذلك بناء على قرار موقع من طرف مديرة الموارد البشرية ( التي تمت إقالتها مؤخرا من طرف وزير التعليم العالي السيد الميراوي وأمر بتشميع مكتبها). هذا القرار ينص على أنه “تتعذر الموافقة على نتيجة المباراة للاعتبارات التالية :
- أن المترشحة ناقشت أطروحة الدكتوراه تحت عنوان التنمية المستدامة والتواصل
- أن المعنية بالأمر حاصلة على دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالي للإعلام والاتصال”
ولم يذكر القرار بأن الدكتورة حكيمة كرامي حاصلة على دكتوراة في القانون العام فرنسي من الكلية العتيدة للحقوق بفاس، وعلى شهادة الدراسات الاستراتيجية من مركز الدراسات الاستراتيجية بكلية الحقوق أكدال بالرباط وعلى الإجازة في الشريعة والقانون تخصص قانون من كلية الشريعة بفاس إضافة لشواهد أخرى وتكوينات مهمة يضيق المجال لذكرها.
وبالرجوع لهذا القرار، يمكن طرح التساؤل التالي : منذ متى تتدخل السيدة مديرة الموارد البشرية خريجة كلية الأداب في مواضيع أطروحات الدكتوراة في القانون ؟ وهل تتدخل السيدة المديرة أيضا في مواضيع الأطروحات المتخصصة في الفيزياء والروبوتيك والكيمياء والبيوميديكال والذكاء الصناعي و… لتصدر قراراتها بالموافقة أو تعذرها؟ أم أن هناك أياد خفية تحركها من أجل تصفية حسابات ؟
الكل يعلم – خاصة في الوسط الجامعي- أن موضوع الأطروحة يندرج في صلب المواضيع ومشاريع البحث المقترحة من قبل بنيات البحث أي فريق البحث ومختبر البحث وبالتالي فالادعاء بكون موضوع الأطروحة لا علاقة له بالقانون العام هو ادعاء مردود. لان مختبر البحث والمتكون من أساتذة التخصص هو من يقرر المواضيع المقبولة للاشتغال عليها من طرف الطلبة الدكاترة ويتم تقييمها ومناقشتها من طرف لجان مختصة.أم أن السيدة المديرة ترى نفسها اكثر علمية من اللجنة التي وافقت على موضوع البحث ومن الأستاذ المشرف على البحث ومن اللجنة العلمية التي قيمت البحث للمناقشة ومن اللجنة العلمية التي ناقشت البحث، بل وتضرب في اللجنة العلمية للمباراة من حيث سيادتها وقدرتها على تقييم المترشحين بإلغاء النتيجة بطريقة غير قانونية. وهنا نحيل السيدة المديرة ومن يقف وراءها على أطروحة دكتوراه بعنوان ” الدولة والإعلام السمعي البصري” بكلية الحقوق أكدال بالرباط ضمن تخصص القانون العام والعلوم السياسية ونطرح السؤال التالي : هل سيعتبر صاحبها ضمن الممنوعين من اجتياز مباراة اساتذة التعليم العالي بنفس الحجة؟
كما أن موضوع الأطروحة ” التنمية المستدامة والتواصل” المطعون فيه هو موضوع للقانون العام والعلوم السياسية بامتياز، على اعتبار أن التواصل العمومي يشكل ورشا من أوراش تحديث الإدارة العمومية بالمغرب وتحسين علاقة الإدارة بمرتفقيها وانفتاحها على محيطها وشكل محورا رئيسيا في استراتيجية تحديث الإدارة المغربية 2018-2022 كما أن التنمية المستدامة هو ما تصبو إليه جميع الحقول المعرفية المرتبطة بالقانون العام.
و حسب نفس المصدر فان ادعاء السيدة المديرة في قرارها بأن شواهد الدكتورة حكيمة كرامي لا تخول لها اجتياز مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين هو محض افتراء والتفاف على الحقيقة إما عن قصد أو لجهلها بالقوانين المنظمة لولوج هيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي والمتمثلة : – في المرسوم رقم 793-96-2 صادر في 11 من شوال 1417 (19 فبراير 1997) في شأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي وخاصة الفقرة 21 التي تنص على أنه ” يوظف أساتذة التعليم العالي المساعدون بكل مؤسسة معنية على إثر مباراة مفتوحة في وجه المترشحين من حملة الدكتوراه أو دكتوراة الدولة أو أي شهادة معترف بمعادلتها لها”. ومن خلال المرسوم فالشرط هو التوفر على الدكتوراة أو دكتوراه الدولة وهو شرط يتوفر في المعنية بالأمر على اعتبار أنها حاصلة على الدكتوراه في القانون العام من كلية الحقوق بفاس. أما عن شواهدها الأخرى وخاصة منها دبلوم المعهد العالي للإعلام والاتصال ، فقد خول قرار وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 09-140 صادر في 25 محرم 1430 (22 يناير 2009) لأصحاب الشواهد المسلمة من المعاهد العليا ومؤسسات تكوين الأطر بالتسجيل في الدكتوراه.
-وكذا قرار وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 97-1125 صادر في 28 صفر 1418 (4 يوليو 1997) بتحديد إجراءات تنظيم المباراة الخاصة بتوظيف أساتذة التعليم العالي المساعدين والتي تم احترامها بحذافيرها والحرص على تنفيذها بكل تفاصيلها من طرف لجنة مباراة كلية الحقوق بفاس في دورة 26 يوليوز 2021 تخصص قانون عام مزدوج من حيث كون المترشحين من حملة الدكتوراه أو أي شهادة أخرى معترف بمعادلتها لها في التخصص وكذا من حيث طبيعة الاختبارات وسيرها. وهنا يفرض السؤال نفسه : كيف لمديرة الموارد البشرية أن تقع في هذه الخروقات القانونية والأخطاء الإجرائية التي لا يرتكبها حتى الموظف المبتدئ؟ أم أن المسألة لها تفسيرات أخرى ؟
خاصة وأن المترشح (ر.أ) الذي تقدم بالطعن في شواهد وكفاءة المعنية بالأمر وهو لا يعرفها لا من قريب ولا من بعيد، مدليا بمعلومات شخصية عنها ومعطيات مبتورة قصد التأثير على نتائج المباراة (ستظهر الأيام المقبلة من الذي كان وراء تسريب معلومات شخصية لا تتوفر عليها إلا إدارة المعنية) هو نفسه الذي تم إنجاحه بنفس الكلية في دورة 20-10-2021 تخصص قانون عام مزدوج علما أنه لم يتم انتقاؤه من طرف اللجنة العلمية للمباراة حتى في اللائحة الأولية في الدورة السابقة (دورة يوليوز) وهو حاصل على دكتوراه في القانون العام عربي وليس مزدوج ( ناقش أطروحته في 10-07-2021 واخر أجل للمشاركة في المباراة كان هو 20-07-2021)، في حين أن مترشحا اخر( ع. س.) تم إقصاؤه في هذه الدورة (دورة أكتوبر) رغم أنه كان من الناجحين المتميزين في الدورة السابقة (دورة 26 يوليوز 2021 )؟؟؟.
و في السياق ذاته، يؤكد مصدرنا ان سياسة الخروقات القانونية والكيل بمكيالين التي نهجتها مديرة الموارد البشرية بوزارة التعليم العالي ومن يساعدها في ذلك تبدو جلية في تعاملها مع مباريات التوظيف الخاصة بأساتذة التعليم العالي المساعدين بكلية الحقوق بفاس: فإذا كانت قد ألغت مباراة القانون العام المزدوج دورة 26-07-2021 معللة ذلك بالمسار العلمي ما قبل الدكتوراه أي الإجازة ودبلوم الدراسات العليا، وهو قرار مردود بالنصوص القانونية المنظمة لهذه المباريات ، فإن السيدة المديرة لم تلغ نتيجة مباراة أستاذ التعليم العالي مساعد دورة 05 نونبر 2021 تخصص قانون خاص مزدوج بنفس الكلية (أي كلية الحقوق بفاس) رغم أن المترشحة المعلن عن نجاحها لا تتوفر على الإجازة في القانون؟؟؟؟ أم أن الأمر تتدخل فيه حسابات أخرى ؟؟
إن خرق القانون في مؤسسة جامعية عتيدة تدرس القانون لطلبتها، وهضم الحقوق في كلية الحقوق بفاس لهو سابقة فريدة من نوعها ستكشف المقبلة تفاصيل جديدة خاصة وأن القضية أصبحت بيد القضاء الإداري النزيه الذي يحرص على رد المظالم إلى أصحابها. و لنا عودة في الموضوع.