عناصر وخصائص السياسات العامة ومستوياتها وأنواعها
يعرف المعهد العالي للدراسات العمومية في فرنسا السياسة العمومية على أنها: “هي مجموع القرارات والأعمال والتدخلات المتخذة من قبل الفاعلين المؤسساتيين والاجتماعيين لأجل إيجاد الحلول لمشكل جماعي”، بينما يذهب الباحثين الفرنسيين ـ مينه و جون كلود ـ في كتابهما السياسة العمومية ويعرفانها على أن السياسة العمومية برنامج عمل حكومي في قطاع اجتماعي أو مجال جغرافي. وباعتبار أن السياسات العمومية تندرج تحت قائمة التخصصات الأكاديمية، فإنها تحمل في دراستها بعض عناصر العديد من مجالات ومفاهيم العلوم الاجتماعية بما في ذلك مجال الاقتصاد، وعلم الاجتماع، والاقتصاد السياسي، وتقييم البرامج، وتحليل السياسات، والإدارة العامة، على أن يتم تطبيق كافة تلك المجالات على المشكلات الخاصة بالإدارة والتسيير والعمليات الحكومية. وفي نفس الوقت، تختلف دراسة السياسات العمومية عن العلوم السياسية أو الاقتصاد، من حيث تركيزها على تطبيق النظرية من خلال وضعها في حيز الإطار العملي.*1*
يظل “مفهوم السياسات العامة موضوع عدة تعاريف تعكس على مر السنين مدى تعقيد مجال الدراسة السياسية هذا، وممارسة السياسة العامة نفسها”. فمدلين غرافيتز وجان ليكا وجان كلود ثوينيج (1985)، يعتبرون السياسات العامة “تدخلات سلطة مخولة للسلطة العامة والشرعية الحكومية في منطقة محددة من المجتمع أو الإقليم”. ومن زاوية أخرى يرى جان تورجون وجان فرانسوا سافارد (2012) أن السياسة العامة قد تكون وثيقة أو عملية، وهي وثيقة أعدتها الجهات الحكومية الفاعلة لعرض رؤيتها لمسألة يمكن معالجتها عن طريق العمل العام، بيد أنه يمكن وصف الجوانب القانونية والتقنية والتنفيذية للدعوى العامة بأنها سياسة عامة، وقد تكون أيضا عملية يقرر فيها الساسة المنتخبون الإجراءات العامة بشأن قضية يتطلب بعض صناع القرار العام الحكومي وغير الحكومي اتخاذ إجراءات بشأنها.*2*
بما أن السياسة العمومية تتخذ رسميا باسم جهاز الدولة فإن لهذا الاعتبار تبعات مهمة وأساسية، وهذا ما يمنح للسياسات العمومية مميزات خاصة تنفرد بها وتعطيها أهمية بالغة. فالسياسة العمومية تعبر منطقيا وافتراضيا على الأقل عن المصلحة العامة، ثم إنها تصدر في إطار محدد مسبقا من المشروعية، ومن المفترض كذلك أن تعبر السياسة العمومية عن درجة محترمة من الانسجام، وأخيرا فإن ضخامة فعل السياسة العامة وخطورة المصالح التي تمسها تتطلب درجة كبرى من الواقعية لكي لا تؤدي السياسة العامة إلى إثارة آثار عكسية غير مرغوب فيها.
إن جميع السياسات ضرورية لتنفيذ الخطة الاستراتيجية كجزء من عملية التخطيط، بمعزل عن حركية ودينامية التدافع السياسي بحاجة الى ان تشمر بتطويرها والتشاور بشأنها وتنفيذها وتعديلها ضمن عملية مستمرة في عناصرها وخصائصها.؛*3*
1-عناصر السياسات العامة :
أ.المطالب السياسية :
تمثل المطالب السياسية حاجيات الافراد والمجتمع وتفضيلاته المتنوعة المجتمع المدني استطلاعات الرأي العام، وسائل الاعلام حيث تتجه الى النظام السياسي في صورة مطالب استدعى استجابة السلطات لها بصورة او بأخرى وتعمل المؤسسات والتنظيمات على تنظيم حجم وتعدد عدة المطالب .
ب. التصريحات السياسية:
تمثل التصريحات السياسية مختلف التعبيرات الرسمية أو عبارات موجة سياسية وتشمل الأوامر الشفهية والتغيرات القانونية والتحويلات المحددة للسلوك واراء الحكام والقضاة وحتى خطب المسؤولين وشعاراتهم التي تعبر عن المقاصد العامة والاغراض المطلوبة تحقيقها.
ج. مخرجات السياسة :
تمثل مخرجات السياسة في المؤشرات الحكومية الناجمة عن السياسة العامة في ضوء قرارات السياسة والتصريحات التي يلمسها المواطن في الاعمال الحكومية ولا تشمل الوعود والنوايا.*4*
د.آثار السياسة:
تثمل آثار السياسة في الهوية والنتائج المتحصل عليها سواء كانت مقصودة او غير مقصودة جراء السياسات العامة التي تحسم موقف الحكومة إزاء القضايا او المشكلات فلكل سياسة عامة جديدة او ملحقة سابقاتها .
2-خصائص السياسات العامة :
من خصائص السياسات العامة أنها ذات طابع رسمي وذي استشراف؛ ومن أبرز خصائصها:
السياسات العامة ذات سلطة شرعية فبجرد اقرار سياسة عامة معينة من قبل صانعيها لابد من اصدار قانون بشأنها أو مرسوم.
السياسة العامة تشمل البرنامج والأفعال التي تقوم بها مؤسسات الدولة المخول لها صلاحيات ضمانها وتنفيذيها وتقدمها وتقويمها. وبذلك فهي تعبر عن توجهات السلطة.*5*
السياسة العامة تشمل الأعمال الموجهة نحو أهداف مقصودة ولا تشمل التصرفات العشوائية والعفوية التي تصدر عن السياسة العامة تحتوي على أسلوب معين من الأحداث الحكومية التي ينفذها أشخاص رسميون بدلا من قرارات لم تصل الى مرحلة الانهاء من تنفيذها، السياسة العامة تمتاز بالشمول وتهدف الى تحقيق المصلحة العامة وليس المصالح الخاصة والشخصية.
السياسة العامة هي توازن بين الفئات والجماعات المحلية لأنها إستنتاج التفاعلات المختلفة داخل البيئة من احزاب ومصالح ونقابات مما يجعلها محلا للصراع والمساومة والتفاوض بغية تحقيق أكبر المكاسب والمنافع لصالح فئة دون أخرى.*6*
السياسة العامة تمتاز بالاستمرارية، فالسياسة العامة تعكس ما يسمى بالجدوى السياسية، أي أنه لابد أن تقيم السياسة العامة قبل المباشرة في تنفيذها حيث تمثل الجدوى مؤشرا هاما من مؤشرات نجاح السياسة العامة وذلك بطرح تساؤلات حول النتائج والأهداف من قبل السياسات.
المراجع والهوامش :
Cirille Nyeck, Politique publique, dans : Dictionnaire d’administrationpublique, 2014, pp 384-385
Pierre Muller, Les politiques publiques, PUF, Paris, 2009.
Cirille Nyeck, Politique publique, dans : Dictionnaire d’administration publique, 2014, pp 384-385.
Jean Turgeon, Jean-François Savard, Politique publique, dans : Le dictionnaire encyclopédique de l’administration publique, ENAP, 2012 (en ligne), www.dictionnaire.enap.ca .
الصالحي ياسمين،: مفهوم السياسات العامة والسياسات العمومية والسياسات القطاعية في ضوء دستور 2011نفس ، صفحة2 3 4
علي الحنودي، الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 134ـ 135، ماي 2017، ص 186.للمزيد من المعلومات انظرضرار الماحي العبيد احمد، نفس المرجع السابق، ص 8.