أخبار

الفاعلون في التنمية المحلية

عبد الواحد بلقصري

باحث في علم الاجتماع السياسي 

كانت عمليه التنمية في الاطار العريض للفكر الاشتراكي الماركسي باعتبارها تنمية اقتصادية هي قوة الدافعة، تقوم على مفهوم التحول الهيكلي من خلال محوريه القطاع الصناعي والتعميق الصناعي التكنولوجي، انطلاقا من مفهوم تكرار الإنتاج الموسع وبالتالي الدور الأساسي لعمليه تراكم رأس المال وتضخيم الإدخار وتوسيع نطاق الاستشارات المنتجة ثم تحقيق التنمية بهذا المعنى فهي التخطيط القومي الشامل للطابع المركزي الذي يستخدم الخطة كأداة تكاملية ملزمة لتحقيق اهداف التحول الهيكلي التصميمي وما يرتبط به من سياق اجتماعي في ظل الملكية العامة او السيطرة العامة على ادوات الانتاج .*1*

ورغم الاختلاف بين سياق الخبرة السوفياتية القائم على المفهوم المدني الحضري وفق مسار التحديث الذي ترعاه الدولة وعلى قدر من اللامركزية في تطبيق الخطط التنموية الا أنه يظل من الصحيح أنه لم يتم إدماج البعد الاجتماعي للتنمية المحلية بعنقه الكامل في عمليه التخطيط ومنظومه البعد الاقتصادي بشكل عام هذا كله عن الفكر الاشتراكي وأما فيما يتعلق بالفكر الاقتصادي الرأسمالي فقد ترك بصماته القوية على نظريه التنمية الناشئة من خلال مفهوم ما يزال لهما دور الظاهر حتى الان برغم التطورات الجذرية في مسار التكوين الفكري ، لتلك النظرية وهما المطابقة بدرجات متفاوتة بين النمو والتنمية من جهة أولى واعتبارها مسار التطور الاوروبي والغرب عموما هو المسار الطبيعي ،وربما الأمثل الذي ينبغي أن تمر به البلدان الساعية إلى التنمية في افريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية في ما يطلق مسار التطور الخطي بين التنمية والتدين وتم التعبير عن المفهوم الاول من خلال الرافدين المختلفين للفكر الاقتصادي الرأسمالي عقب الحرب وهما التيار الكيتيري وبالأخرى ما بعد الكسر تيار اتباع كينز التيار التقليدي المحدث تيار الكلاسيكيين الجدد علما بانه جرت محاوله للتوفيق بين التيارين في السبعينات والثمانينات من خلال الصيغة المسماة التركيب الكلاسيكي الجديد. *2*

أما المفهوم الثاني فقد عبرت عنه نظرية مراحل النمو التي قدمها والت ويتمان روستو وتبلورت مفاهيم متنوعة حول النمو والتنمية ومراحل النمو قام بها أعلام للفكر الاقتصادي الغربي وهكذا فقضيه التنمية على المستوى المحلي موقعا مهما في أبحاث العلوم الاجتماعية وإن لم يكن متناسبا مع أهميتها هذه القضية نفسها ويتضح ذلك التطور لنظريه التنمية خلال نصف القرن الماضي على العموم وعودة إلى المسار التاريخي نلاحظ انه في القرن الماضي تبلورت محاولة كبيره لبناء نسيج متكامل لنظريه قائمه على ثلاث دعائم متأثره بمناهج التفكير الاشتراكي المدفوع بمفاهيم الفائض الاقتصادي والتراكم والتصنيع والفكر الكثيري القائم على التنمية بجانب الطلب ،أو المخلق محليا عبر تصنيع بدائل المستوردات وتلك الدعائم الثلاثه هي التحول الهيكلي باتجاه بناء اقتصاد صناعي والدفعه الاستثماريه القوية.*3*

  إن هذا البناء الكلاسيكي الضخم لنظرية التنمية الجديدة بتعبير أدق دعائم الصرح الجديد مع متاناتها وابداعاتها سيطر عليه الطابع التعميمي للكيان المجتمعي ذي البعد الاقتصادي و منذ السبعينات الى اوائل الثمانينات برز مفهوم النظام العالمي الجديد في مواجهه المفهوم الاشتراكي الكينزي الذي ثبتت عدم كفاية مفاهيمه الاقتصادية ولا مركزيه والتخطيطية المتعالية على الجماعات الاجتماعية ثم الاعتماد على الذات على جميع المستويات وأخيرا التكنولوجيا الملائمة بشكلية متنوعة تتكون من تكنولوجيا أجنبيه يجري نقلها وتطويرها وتكنولوجيا داخلية ومحليه يجري إيقاظها من غفوتها وتجديدها في سياق تراثي حضاري اما الجانب الثاني للفكر الجديد في السبعينات والثمانينات فهم مفكري العالم الثالث الذي قاده رواد مدرسه التبعية من امريكا اللاتينية وفرنسا والوطن العربي مثل اوزفالدو وهو نكل وسلسو فرناندو واندربه جوندرفرنك وسمير امين وقدم مفهوما جديدا متحورا حول مقاومه نتائج التبعية الاستعمارية على المجتمع مثل التهميش والاستلاب الحضاري وليس الاقتصادي فقط ودوره العودة الى الجذور وكان من الطبيعي ان يأخذ البعد المجتمعي تقله*4* وعمقه الكامل في البناء الفكري الجديد ولكنه كان بناء ذا طابع دفاعي اي مركزا على النقد ومواجهه الضد اكثر منه بناء يعالج التفاصيل؛ فلم نجد اثرا قويا لما كان يجب ان يكون في الثمانينات والتسعينات برزت عناقيد فكريه تواجه تبيعات التعثر الذي كانت تواجهه قوى الاشتراكية ودعاه اقامه نظام عالمي جديد وانصار مقاومه التبعية ورواد نماذج التنمية الوطنية القائم على الاتجاهات الشعبوية وعلى تصنيع و الاحلال محل الواردات وكانت تجارب التنمية المستدامة الجديدة السريعة على اساس التوجه التصديري في شرق اسيا والشرق الاقصى قد اخذت تأتي أكلها بينما غرقت البلاد النامية الاخرى في الركود وفي مصيده الديون وتقدم صندوق النقد الدولي ومعه البنك الدولي عن النظام الرأسمالي العالمي الذي استرد عافيته بعد أزمه التضخم الركودي لسبعينات واخذ في مصارعه المعسكر السوفياتي في معركه حتى الرمق الاخير انتهت بسقوط الاتحاد السوفياتي نفسه في مطلع التسعينات حينئذ قامت الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة بتحرير الاسواق الدولية من جهة الاولى والتركيز على بناء القدرة التنافسية القومية على المستوى الوطني من جهة ثانيه وخاصه في الولايات المتحدة الأمريكية خلال ولاية ،كلينتون وحين اذ ايضا نهضت الشركات عابره الجنسيات التي أصبحت دعاه التنافسية الجديدة وطنيا وعالميا واستثمرت في التكنولوجيا داخليا تكنولوجيا متطورة جدا ومده مظلتها لنقل الصناعات الاقل تطورا نسبيا من ناحيه التكنولوجية وخاصه الى شرق اسيا والصين وعلى جناحين من قوه الدولة الصناعية وعافيه الشركات العالمية مضت المنظمات الدولية قديمة الصندوق والبنك وجديدها منظمات التجارة العالمية تعالج الديون وتعيد هيكله الاقتصادات الراكدة ببرامج التكييف الهيكلي وخاصه في افريقيا جنوب الصحراء وغرب اسيا وشطر من امريكا الوسطى والجنوبية وحين اذ لم تعد قضيه التنمية الاساس و لكن تحقيق قدر من التقدم على طريق مكافحه الفقر والتنمية البشرية وهنا اثيرت ادوار الجماعات المحلية في هذين الميدانيين بالتحديد في اطار العولمة في مواجهه كل ذلك برزت في مطلع الالفية الجديدة نقائض العولمة من خلال حركات مناهضه العولمة والبحث عن البدائل وظهرت قوه المنظمات غير الحكومية عالميا وقطريا هيئات المجتمع المدني وانطلق الناشطون مستخدمين ادوات الانترنت دعوه وعملا للتحرك على الأصعدة كافه وخاصه من أجل تنميه المجتمعات المحلية وقد توفرت أدبيات غزيره من جراء هذا التحرك النشيط.

لائحة المراجع والهوامش :

أوعدي ابراهيم، 2015: الفاعلون المحليون ورهان التنمية المحلية ص 43.

نفسه 

نفسه

نفسه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!