Site icon علاش بريس

مؤسسة المدير العام لمصالح الجماعة الترابية و حدود اختصاصه “بنسليمان نموذجا”

محتا

محتا

بقلم : محمد ايت موحتا باحث في سلك الدكتورة

 اثار انتباهي بعض التصرفات الغير القانونية لمسؤول، حديث التعيين بمؤسسة ما يسمى بالمدير العام لمصالح الجماعات ببنسليمان، و التي في اعتقادي تتعدى اختصاصاته الدستورية . فعلى غفلة وعلى هامش احدى الاجتماعات، خرج بتصريحات صحفية ومباشرة، يتهم فيها جماعة ترابية جارة بعدم القيام بواجبها اتجاه الساكنة، من سبيل عدم موافقة مجلسها الجماعي للالتحاق بمشروع النقل الذي ترعاه الجهة.

فكان لابد من تنوير الراي العام والتعريف بمؤسسة المدير العام لمصالح الجماعة والمعروف سابقا بالكاتب العام للجماعة المحلية. وكذلك ليكون هذا المقال مرجعا للسيد مدير مصالح الجماعة المعني للاستعانة به مستقبلا. 

نبذة تاريخية

عرف مسار اللامركزية المحلية بالمغرب عدة تطورات من خلال تبني مجموعة من التشريعات التي تهم تدبير المجال الترابي منذ فترة الحماية، إذ تم تنظيم مدينة فاس بظهير  سنة 1912 لتتابع بعد ذلك عدة نصوص قانونية و ظهائر لتنظيم التراب الوطني الخاضع للحماية المفروضة عليه من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية و الاسبانية . مع حصول المغرب على استقلاله تم  تبني مفهوم العمالة والاقليم كأساس للتنظيم الاداري المحلي و شهدت سنة 1959 إصدار ظهير يتعلق بانتخاب أعضاء المجالس المنتخبة و ظهير متعلق بتقسيم المملكة إلى عمالات و أقاليم ، ومع بداية الستينات صدر ظهير تحدث بموجبه جماعات حضرية و الجماعات القروية ، و يعتبر ظهير 30 شتنبر 1976 بمثابة نقطة تحول على مستوى الاختصاصات الممنوحة للجماعات المحلية إذ سيتم نقل مجموعة من الاختصاصات التي  كانت بيد رجل السلطة المعين إلى رئيس المجلس المنتخب . والملاحظ ونظرا للظروف السياسية التي عرفها المغرب ما سنة 1959 الى سنة 1976 لم يصدر أي قانون ينظم وضعية العاملين بالجماعات المحلية، حتى اواخر سنة 1977 حيث تم اصدار المرسوم رقم 2.77.738 بتاريخ 13 شوال 1397 (27 شتنبر 1977) الذي يعتبر بمثابة النظام الأساسي لموظفي الجماعات والذي أعطى لمؤسسة الكاتب العام وجودا قانونيا داخل المنظومة الجماعية. لكن رغم إحداث هذا المنصب على المستوى القانوني إلا انه لم يبدأ العمل به فعليا إلا مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي. و جاء الميثاق الجماعي لسنة 2002  ووسع من اختصاصات مؤسسة الكاتب العام . و لتصحيح الثغرات التي اعترت ميثاق 2002 والتي أظهرتها الممارسة العملية، دعت الضرورة الى إعادة النظر في نصوصه من اجل تفعيل دور الجماعات المحلية وتعزيز مكانة الهيئات ، حيث جاء القانون رقم 17.08 المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 78.00 ودعم هو كذلك اختصاصات الكاتب العام الذي يشكل عنصرا مهما في الإدارة الجماعية.

اذن ما هو دور مدير العام للمصالح الجماعية وفقا لدستور 2011 ؟

ينص الفصـل 135 من دستور 2011 على كون الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات. و جاءت القوانين التنظيمية 111.14 و 112.14 و 113.14 لتبين طرق تدبير و تسيير الجماعات الترابية على صعيد الجهة، الإقليم  و الجماعة. و من بين ما نصت عليه هذه القوانين التنظيمية نجد إدارة الجماعة الترابية وأجهزة تنفيذ المشاريع وآليات التعاون والشراكة ونخص بالذكر هنا مؤسسة المدير العام للمصالح الجماعية.

تنص المادة 123، الباب الأول من القسم الرابع الخاص بالقانون التنظيمي 111.14 على انه  تتوفر الجهة على إدارة يحدد تنظيمها واختصاصاتها بقرار لرئيس المجلس يتخذ بعد مداولة المجلس، مع مراعاة مقتضيات البند 3 من المادة 115 من نفس القانون التنظيمي.  تتألف وجوبا هذه الإدارة من مديرية عامة للمصالح ومديرية لشؤون الرئاسة و المجلس.

و هو ما جاءتا به كذلك المادتين 117 بالنسبة للقانون التنظيمي 112.14 الخاص بالعمالات و الأقاليم و المادة  116 من القانون التنظيمي 113.14  المتعلق بالجماعات.

 واجمعت كل هذه القوانين التنظيمية على كون التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة  يتم بقرار لرئيس مجلس ، غير أن قرارات التعيين المتعلقة بالمناصب العليا بها تخضع لتأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. وحدد مسؤولية مدير المدير العام للمصالح  في  مساعدة الرئيس في ممارسة صلاحياته ويتولى تحت مسؤوليته ومراقبته، الإشراف على إدارة الجماعة الترابية، وتنسيق العمل الإداري بمصالحها والسهر على حسن سيره. ويقدم تقارير لرئيس المجلس كلما طلب منه ذلك. كما يتولى مهام السهر على الجوانب الإدارية المرتبطة بالمنتخبين وسير أعمال المجلس و لجانه.

امام كل ما ذكر، يتبين بان اختصاصات مؤسسة مدير مصالح الجماعة محصورة بقوانين تنظيمية ويعتبر تجاوزها ضربا صارخا للقانون واحتقار لمؤسسة رئاسة المجلس. مما يخلق الارتجالية و الفوضى في تدبير شؤون الجماعة . وفي بعض الأحيان يكون تجاوز الاختصاص بمثابة استقواء.

 و لتقويم الاعوجاج و ارجاع الأمور الى نصابها، اقترح على سلطة الوصاية ( العمالة) تخصيص حصص التكوين المستمر بشراكة مع إدارة تكوين الأطر  و الجماعة الترابية لفائدة بعض مدراء المصالح الجماعية ،لتمكينهم من مسايرة  ما جد و  جد في التدبير الإداري، كما جرت به العادة بالنسبة للكتابين العامين للجماعات المحلية سابقا التي دأبت وزارة الداخلية على تكوينهم احسن تكوين. فما للرئيس فهو للرئيس و ما لمدير العام للمصالح الجماعية فهو للمدير العام للمصالح الجماعية . و ما غير ذلك يعتبر في تقديرنا تهورا و تجاوزا للاختصاص.

كل ما نريده هو التدبير الجيد لشؤون الجماعات الترابية من اجل تنميتها، و هذا لا يتأتى الا بالتكوين المستمر لموظفيها تحت شعار ” نعم لتكافؤ الفرص و لا للزبونية و المحسوبية”

Exit mobile version