المصطفى العسال
للشروع في استغلال سيارة أجرة صغيرة تتم شراكة بين ثلاثة أطراف:
-الشراكة الأولى تتم بين مالك المأذونية (لكٓريما) و المستثمر ، و تتم كما أشرنا إليه في المقال السابق داخل العمالة ،شراكة يؤطرها عقد نموذجي بنوده واضحة تضمن حقوق الطرفين.
الشراكة الثانية لا يؤطرها عقد كالأولي بل مجموعة من الاعراف، طرفاها المستثمر و سائق مهني أو أكثر يتولى تقديم خدمة النقل للزبون ،و تبتدئ مهمته بالتنقيط لدى مصالح الامن و تنتهي بتقديم الحصيلة المالية لليوم بعد اقتطاع أجرته اليومية و التي كان متعارفا عليها في ما مضى و محددة في مائتي رهم.
و استمر العمل بهذه الصيغة و الاعراف مدة من السنين الى أن برزت خلافات حادة بين المستثمرين و السائقين القدامى بسبب إقدام المستثمرين على تخفيض الأجرة اليومية للسائق الى مائة درهم .
و بعد الاستفسار و توجيه السؤال للفئتين عن سبب هذا الاشكال ،أدلى المستثمرون بوجهة نظرهم و أرجعوا الأمر الى انخفاض المداخيل اليومية بعد التوسع الاخير و زيادة عدد سيارات الأجرة التي تجوب المدينة و وصول عددها لثلاث و عشرين سيارة .و بعد توجيه السؤال للسائقين فقد لخصوا الموضوع في نقطتين ، أولاها: انخفاض المدخول شيء طبيعي و رغم ذلك يبقى تأثيره جد محدود على الدخل اليومي اذ لازال هذا الدخل مرتفعا أكبر من المداخيل التي يجنيها المستثمرون في القطاع بمدن اكثر تعدادا ديمغرافيا و اكبر جغرافيا من مدينة بنسليمان .
النقطة الثانية: عندما بدات الاختلافات تظهر للعلن و الاتهام الضمني للسائقين بعدم التصريح بالمدخول الحقيقي للمالكين ،بادر السائقون الى محاولة تنظيم أنفسهم داخل إطار نقابي للدفاع عن حقوقهم ، و قدموا مطلبا للمستثمرين بوضع سقف محدد و قيمة موحدة تلزم كل سائق بدفعها لصاحب السيارة و الاحتفاظ بالباقي قل أو كثر ،
حينها ثارت ثائرة المستثمرين و أقدموا على تشغيل سائقين جدد بمبلغ مائة درهم لليوم و دون التوفر على بطاقات مهنية مستعملين فقط وصولات تثبت أنهم قد قدموا طلب للحصول على البطاقة ،
و هي النقطة التي أفاضت الكأس و جعلت النزاع يصل الى مكتب المفتشية الاقليمية للشغل و أشعلت فتيل أزمة إجتماعية جديدة ببنسليمان .
فبعد حصولهم على بطاقات مهنية كلفتهم 1300 درهم كان السائقون يمنون النفس بالتصريح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي و الاستفادة من التعويضات على الاطفال و من التامين الاجباري على المرض و التقاعد و جد هؤلاء المواطنون أنفسهم بلا شغل و مورد رزق يعيلون به أطفالهم و يحفظ لهم كرامتهم .