مجتمع

القصة الكاملة لفاجعة “زناتة”

12 قتيلا والبحث عن آخرين بعد انقلاب زورق مطاطي على متنه 56 “حراك”

لم يتوقع 56 مهاجرا سريا، بينهم قاصرون، يتحدرون من قلعة السراغنة والعطاوية أن يتحول حلمهم الى كابوس، بعد أن قطعوا أزيد من 250 كيلومترا صوب المحمدية، من أجل المغامرة في رحلة محفوفة بالمخاطر، من أجل تحقيق حلمهم بالوصول الى الديار الأوربية. انتهت بوفاة 12 شخصا، من بينهم فتاة قاصر، حصيلة أولية، في حين تم إنقاذ ثلاثة آخرين.
وأفادت مصادر “علاش بريس”، أن عددا من العائلات بمنطقة قلعة السراغنة العطاوية، تلقت اتصالات هاتفية الاثنين قبل الماضي من قبل عدد من أبناء المنطقة، تخبرها أنهم تمكنوا من الوصول بسلام على متن زورق مطاطي انطلق من عين حرودة ضواحي المحمدية، اتجاه قادش الإسبانية، في رحلة استمرت أزيد من 50 ساعة متواصلة، لتهتز المنطقة بالفرح.

البحث عن الوسيط

شرع كل شباب المنطقة، وفور علمهم بالأمر، في البحث عن وسيلة تواصل مع الشباب الذين وصلوا الى الفردوس الإسباني، قبل أن يتمكن عدد منهم من الحصول على رقم هاتف وسيط يقطن بقلعة السراغنة. تم الاتفاق مع الوسيط على تحديد موعد للقاء عصابة “الحريك”، مؤكدا لهم أن أفرادها يوجدون بمنطقة مديونة ضواحي البيضاء، وأن ثمن الرحلة 20 ألف درهم لكل واحد منهم، تسلم نقدا لهم، ويحصل الوسيط على مبلغ يتراوح بين 400 درهم و700 عن كل واحد.

موعد مع الموت

أبدى 56 شخصا، بينهم قاصرون موافقتهم على شروط الوسيط، ليتم اللقاء عبر مجموعات مع أفراد عصابة الحريك، الذي تسلموا مبالغ الرحلة المحددة في 20 ألف درهم، وبعدها أشعروا بمكان وزمان الرحلة فور اكتمال العدد الكافي الذي حدد في 50 شخصا. وحسب المصادر، فإن العدد اكتمل بسرعة كبيرة لرغبة أبناء المنطقة في البحث عن مستقبل، بعيدا عن المنطقة التي وصفوها بغير المؤهلة لضمان ظروف العيش الكريم، إذ وصل عدد الراغبين في الهجرة السرية الى 56 شخصا وحددت عصابة “الحريك”، منتصف ليلة الأربعاء الماضي ساعة الصفر للإبجار، انطلاقا من شاطئ يقع بين زناتة وبيكيني بعين حرودة عمالة المحمدية. وفور وصول ساعة الصفر، امتطى 56 شابا وشابة زورقا مطاطيا كبيرا لتنطلق الرحلة، قبل أن يتم الإعلان عن فشلها من قبل عصابة التهجير بسبب أحوال الطقس، ويحدد موعد جديد.

الرحلة نحو المجهول

في الساعات الأولى من صباح أول أمس (السبت)، انطلق الزورق المطاطي وسط أمواج عاتية، بعد رفض عصابة “الحراكة” إلغاء الرحلة، وطمأنت الضحايا بأن الجو مناسب. ولم يمض على دخول الزورق سوى ساعات، حتى انقلب رأسا على عقب بفعل قوة الأمواج، التي تقاذفت أجساد الحالمين كل الى قدره المحتوم، قبل أن تعمل فرقة تابعة للبحرية الملكية، حوالي الخامسة صباحا، بالاتصال بمركز الدرك، وإشعار مسؤوليه بحادث انقلاب الزورق.
انتقلت فرقة على الفور الى مكان الحادث، وعثرت على جثث سبعة أفراد، من ضمنها جثة فتاة قاصر تبلغ من العمر 17 سنة، فيما تم العثور على أزيد من 15 برميلا بلاستيكيا مملوءا بالبنزين، وعلى ثلاثة أشخاص فاقدين للوعي تم نقلهم على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بالمحمدية لتلقي العلاجات الضرورية. وتم إسعاف شخص واحد، قبل أن يحتفظ به الدرك القضائي بالمحمدية للبحث معه تحت إشراف النيابة العامة، في الوقت الذي تم إحالة شخصين على وجه السرعة صوب المستشفى الجهوي ابن رشد بالبيضاء.

البحث عن ناجين وعن المجرمين

مند وصولها الى مكان الحادث، بادرت السلطات البحث عن مهاجرين سريين مازالوا في عداد المفقودين، واستعانت السلطات بكل الوسائل المتاحة كما تم استعمال طائرة مروحية “هيلوكوبتر” من أجل تمشيط ساحل المحمدية، بحثا عن ناجين من رحلة الموت، فيما فتحت النيابة العامة المختصة تحقيقا في ملابسات العملية من أجل الوصول الى الجناة. وقالت مصادر”علاش بريس”، إن المكان الذي انتشل منه الزورق المطاطي والجثث التي عثر عليها يعد من أخطر المواقع البحرية بسواحل المملكة. وعن أفراد العصابة المتورطة في العملية، أكدت المصادر ذاتها، أن الدرك تحصل على عدة معطيات للوصول إليهم، خصوصا بعد العثور على ناجين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!