أخبارإقتصادسياسةمجتمع

أكثر من مليون مسن يستفيدون من الدعم الاجتماعي الشهري في المغرب: إنجاز حكومي ورهان المستقبل

تحديات الشيخوخة وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية لضمان كرامة كبار السن في ظل التحولات الديموغرافية

أكثر من مليون مسن يستفيدون من الدعم الاجتماعي الشهري في المغرب: إنجاز حكومي ورهان المستقبل
في ظل التحولات الديموغرافية المتسارعة التي يشهدها المغرب، تتزايد أهمية السياسات الاجتماعية الموجهة لفئة كبار السن، التي تشكل ركيزة أساسية في نسيج المجتمع المغربي. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، أن أكثر من مليون شخص تجاوزت أعمارهم 60 سنة يستفيدون شهريًا من دعم اجتماعي مباشر، في مؤشر واضح على التزام الدولة برعاية هذه الفئة الهشة وتعزيز كرامتها.
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المسنين في المغرب بلغ حوالي 3.2 ملايين نسمة عام 2014، أي ما يمثل نحو 9.6% من السكان، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى أكثر من 10 ملايين بحلول عام 2050، بمعدل نمو سنوي يبلغ 3.3%. هذا النمو الديموغرافي يفرض تحديات كبيرة على النظام الاجتماعي، لا سيما في ظل محدودية التغطية التقاعدية التي لا تتجاوز 30% من كبار السن، ونسبة المستفيدين من التأمين الصحي الإجباري التي تبلغ 14% فقط.
في سياق السياسة العامة المرتبطة بترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية، كشف رئيس الحكومة أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يستفيد منه حوالي 4 ملايين أسرة تضم نحو 12 مليون مستفيد، منهم 3.2 مليون أسرة تستفيد في الوقت نفسه من خدمات التأمين الصحي الإجباري. من بين هذه الأسر، 2.4 مليون أسرة تضم أطفالًا، بينما تبلغ الأسر بدون أطفال حوالي 1.5 مليون أسرة. ويبلغ عدد الأطفال المستفيدين من الدعم أكثر من 5.5 مليون طفل.
يشكل هذا الدعم المالي الشهري طوق نجاة لكثير من الأسر، خصوصًا كبار السن الذين يتجاوز عددهم مليون مستفيد، حيث يهدف البرنامج إلى حفظ كرامتهم ودعم قدرتهم الشرائية والحد من المخاطر المرتبطة بالشيخوخة.
خصصت الحكومة غلافًا ماليًا مهمًا لتنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، حيث بلغ 25 مليار درهم برسم سنة 2024، وارتفع إلى 26.5 مليار درهم في سنة 2025، مع توقعات بوصوله إلى 29 مليار درهم بحلول سنة 2026. هذا التمويل يعكس التزام المغرب بتخصيص نسبة تقارب 2% من الناتج الداخلي الإجمالي لبرامج الحماية الاجتماعية، مما يضعه في مصاف الدول الرائدة في القارة الإفريقية في هذا المجال.
إلى جانب الدعم المالي، أطلقت الحكومة برنامج “الدعم الإضافي الاستثنائي” لرفع أعباء التكاليف المدرسية، حيث يستهدف نحو 1.8 مليون أسرة تضم أكثر من 3.1 مليون طفل، مع تركيز خاص على التلاميذ في المناطق القروية الذين يشكلون حوالي 61% من المستفيدين، ما يعزز فرص تمدرس الفتيات ويحفز استمرار الدراسة.
ومع ذلك، لا تزال مؤسسات رعاية المسنين محدودة، إذ يبلغ عددها نحو 58 إلى 70 مؤسسة تستقبل حوالي 6 آلاف مستفيد فقط، وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم الفئة المستهدفة، مما يؤكد أهمية تعزيز الدعم داخل الأسرة والمجتمع بدلاً من الاعتماد الكلي على الإيواء المؤسسي.
يبقى التحدي الأكبر في ضمان استدامة هذا الدعم وتوسيع نطاقه ليشمل جميع المسنين في وضعية هشاشة، إلى جانب تحسين جودة الخدمات الصحية والاجتماعية المقدمة لهم، وإدماجهم بشكل فعال في المجتمع. ويستلزم ذلك مواصلة تطوير السياسات الاجتماعية، وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة، إلى جانب تعزيز الشفافية والتواصل مع المواطنين حول نتائج هذه البرامج.
في زمن تتسارع فيه وتيرة الشيخوخة، يصبح دعم المسنين ليس فقط واجبًا إنسانيًا، بل استثمارًا استراتيجيًا في استقرار المجتمع وتماسكه. ويشكل إعلان رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن استفادة أكثر من مليون مسن من الدعم الاجتماعي الشهري شهادة على التزام المغرب بمسؤولياته تجاه هذه الفئة، ودعوة مفتوحة لمزيد من العمل والتطوير لضمان مستقبل أفضل لكبار السن في وطنهم.
بهذا التوازن بين الأرقام الرسمية والتحليل الموضوعي، يقدم هذا المقال صورة واضحة عن واقع الدعم الاجتماعي للمسنين في المغرب، مع تسليط الضوء على النجاحات والتحديات التي تواجهها الحكومة في هذا المجال الحيوي، في إطار رؤية وطنية شاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!