ابن أحمد بين التاريخ والإبداع: ملتقى وندوة تحتفل بمرور 150 عامًا على تأسيس قصبة ابن أحمد
حكيم السعودي
في إطار الاحتفالات بمرور 150 عامًا على تأسيس قصبة ابن أحمد، وبمناسبة الدورة الرابعة عشر للملتقى الوطني للمبدعين الشباب، تنظم جمعية شباب المواطنة المغربية بالتعاون مع المنتدى المغربي للتشكيليين الشباب حدثًا ثقافيًا مميزًا، يعكس تضافر الجهود بين مختلف الأطراف المعنية بالحفاظ على الإرث الثقافي والوطني. الحدث يهدف إلى تسليط الضوء على تاريخ هذه البلدة العريقة، التي تعتبر من بين المحطات التاريخية البارزة في المغرب، من خلال إصدار كتاب “ابن أحمد أمزاب من خلال شهادات ساكنيها” للكاتب الأستاذ أحمد العيوني، والذي يعد توثيقًا حيويًا لمرحلة مهمة من تاريخ المنطقة.
لقد مرت قصبة ابن أحمد عبر مراحل تاريخية هامة، شكلت معالمها الثقافية والاجتماعية والسياسية. ولذا، فإن الكتاب الذي سيُوقع خلال فعاليات الندوة، ليس مجرد عمل أدبي فحسب، بل هو توثيق حي لشهادات سكانها، الذين عاشوا في قلب الأحداث والتغيرات التي مرت بها البلدة على مر العصور. الكاتب أحمد العيوني قد سعى من خلال هذا الكتاب إلى جمع هذه الشهادات لتقديم صورة شاملة عن واقع الحياة اليومية والتطورات التي عرفتها البلدة في مختلف المجالات.
الندوة التي ستُعقد في دار الشباب ابن أحمد، تأتي كمنصة مفتوحة للنقاش، حيث يُنتظر أن يحضرها مجموعة من الشخصيات الثقافية، الأدبية والفنية، إلى جانب الباحثين المحليين والمهتمين بتاريخ القصبة. إنها فرصة لتبادل الأفكار والنقاشات حول تاريخ هذا المكان الذي كان ولا يزال يشكل جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية للمغرب. وقد تم التخطيط للندوة بطريقة تسعى إلى استعراض التحديات التي واجهها سكان المنطقة في الماضي وكيفية تأثير تلك التحديات على تطورهم الاجتماعي والثقافي. هذه الندوة تعد أيضًا خطوة نحو تعزيز دور التاريخ المحلي في بناء الثقافة الوطنية، وهو أمر بالغ الأهمية في وقتنا الحاضر.
الجمعية المنظمة، جمعية شباب المواطنة المغربية، تأتي ضمن سياق عمل ثقافي واجتماعي أوسع يهدف إلى تعزيز القيم الوطنية بين فئات الشباب من خلال الأنشطة الثقافية. أما المنتدى المغربي للتشكيليين الشباب، الذي يشارك في التنظيم، فهو يسعى إلى إبراز دور الفن في تحفيز الإبداع والمساهمة في تنمية المجتمع من خلال عرض الأعمال الفنية التي تلعب دورًا محوريًا في تجسيد واقع المجتمع. الشراكة بين هاتين المؤسستين تعكس تنسيقًا مثمرًا بين الثقافة والفن، مما يساهم في تقديم رؤية متكاملة تبرز قيمة الإبداع في نقل الواقع الثقافي المحلي.
كما أن الدعم الكبير من مؤسسة دار الشباب ابن أحمد ووزارة الشباب والثقافة والتواصل يعكس التزامًا عميقًا بالحفاظ على الثقافة المغربية وتعزيز هذا الجانب الحيوي في الحياة المجتمعية. من خلال هذه المبادرة، يتم التأكيد على أن التاريخ المحلي جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية التي يجب أن تُحتفل وتُوثق، ليس فقط في الأعياد والاحتفالات الرسمية، ولكن في الفعاليات التي تجمع بين الماضي والحاضر، بين الفكر والفن.
وبالتزامن مع هذه الفعالية، يقام أيضًا الملتقى الوطني للمبدعين الشباب في دورته الرابعة عشر، وهو ملتقى سنوي يجمع بين العديد من المبدعين والفنانين الشباب من مختلف أنحاء المملكة. الهدف من هذا الملتقى هو تعزيز الثقافة والفنون بين الشباب، مع تقديم منصة لهم لعرض إبداعاتهم والمساهمة في النقاشات الثقافية والاجتماعية الهامة. يأتي هذا الملتقى ليكون عنصرًا مكملًا للندوة ويضفي عليها طابعًا شبابيًا يعكس تفاعل الجيل الجديد مع قضايا الثقافة والفن في المغرب.
إن توقيع الكتاب وتنظيم الندوة الخاصة بتاريخ قصبة ابن أحمد يشكلان علامة فارقة في جهود توثيق هذا التراث المحلي، الذي يمثل شاهدًا حيًا على تطور المجتمع المغربي. كما أن هذه الفعالية تعتبر دعوة للمجتمع المغربي، وبخاصة الشباب، للاهتمام بتاريخ مناطقهم المحلية باعتباره جزءًا أساسيًا من الهوية الوطنية. ففي يوم الأربعاء 29 يناير 2025، بمؤسسة دار الشباب ابن أحمد، سيتجمع عدد من المثقفين والفنانين والمهتمين في هذه المناسبة التي تعد فرصة رائعة للاحتفاء بتاريخ هذه البلدة والإبداع الذي ينبع منها.
إن هذه الفعالية ليست مجرد حدث ثقافي بل هي خطوة نحو تعزيز الانتماء الوطني من خلال تسليط الضوء على تاريخ المغرب المحلي وتوثيقه، ليظل حياً في ذاكرة الأجيال القادمة.