ابن أحمد تتجدد… أسطول نظافة جديد يشقّ طريقه بفضل مبادرة المجلس البلدي

رشيد حبيل
تشهد مدينة ابن أحمد مرحلة تحول لافت في مشهدها البيئي، بعد أن استكملت الجماعة الترابية عملية اقتناء شاحنتين جديدتين للنظافة ستدخل حيّز الخدمة في القريب العاجل، في خطوة عملية تعكس حرص المجلس البلدي، في شخص رئيسه وسائر أعضائه، على الارتقاء بجودة الحياة داخل المدينة وتعزيز قدرات المرفق الحيوي الذي يرتبط مباشرة براحة المواطنين وصحة محيطهم. هذه المبادرة ليست مجرد إجراء إداري عابر، بل تعبّر عن رؤية واضحة مفادها أن تحسين الخدمات الأساسية يشكّل مدخلاً فعلياً لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسته المحلية، وأن تدبير الشأن اليومي يتطلب قرارات واقعية تلامس الأرض قبل الخطابات.
وقد عزز المجلس هذه الخطوة باقتناء ثلاثين حاوية جديدة للنفايات، تنتظر المدينة تسلمها من المقاولة المكلّفة قبل توزيعها على مختلف النقاط الحسّاسة، في محاولة جادة للقضاء على مواقع التراكم العشوائي وتحسين منظومة جمع النفايات بشكل متوازن يُراعي خصوصية كل حي وكثافته السكانية. ويُرتقب أن يساهم هذا الورش في إعادة تنظيم العلاقة بين الساكنة والفضاء المشترك، بعدما ظلت المدينة تعاني من ضغط يومي يفوق قدرة الحاويات القديمة على الاستيعاب، ومن سلوكات فردية أسهمت في تشويه المنظر العام وإحداث فوضى عمرانية مرتبطة برمي الأزبال على الأرصفة ومحيط الحاويات.
ويُحسب للمجلس البلدي، بما فيه رئيسه وأعضاؤه، أنه يشتغل وفق منهجية ميدانية تضع الانشغالات البيئية في صلب أولوياته، بعيداً عن المقاربات الموسمية التي كانت تُرحل الأزمة دون علاج. فاقتناء شاحنات وحاويات جديدة ليس مجرد تجديد للعتاد، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة من الوعي الإداري، تُدرك أن المدينة لا يمكن أن تستعيد بريقها إلا عبر خدمات فعّالة ومتواصلة، وأن النظافة ليست ترفاً عمرانياً بل شرط أساسي لمدينة تحترم نفسها وسكانها وزوارها.
ومع ذلك، فإن أي مشروع إصلاحي لن يكتمل دون انخراط المواطن، الذي يملك وحده القدرة على ترجمة هذه الجهود إلى نتائج ملموسة. فالعناية بالمدينة لا تُشترى بالملايين، بل تُصنع بتصرف بسيط حين يلتزم الفرد بوضع الأزبال داخل الحاوية لا حولها، وباحترام الفضاء المشترك وحماية ما يُنجز لصالح الجميع. إن الحاويات الجديدة ليست مجرد تجهيزات، بل دعوة مفتوحة لثقافة حضارية جديدة، تقوم على التضامن والمسؤولية، وتُعيد تشكيل علاقة المواطن بمدينته.
التجارب تُثبت أن المدن التي تغيّرت فعلاً لم تعتمد على الآليات وحدها، بل على الوعي الجمعي، وعلى تلك الروح التي تجعل السكان شريكاً لا متلقياً فقط. ومن هذا المنطلق، تبدو مبادرة المجلس البلدي في ابن أحمد خطوة ذات قيمة مضاعفة: فهي من جهة استثمار عملي لتحسين النظافة، ومن جهة أخرى رسالة ثقة موجّهة للساكنة بأن الرهان لم يعد على العتاد وحده، بل على الإنسان أيضاً، وعلى قدرته على حماية ما يُنجز باسمه.
إن مدينة ابن أحمد اليوم أمام مفترق طرق إيجابي، يقوده مجلس بلدي اختار العمل الهادئ والمتواصل بدل الشعارات، ويترجمه على الأرض من خلال تجهيزات جديدة واستثمارات صغيرة في ظاهرها، كبيرة في أثرها. وما على الساكنة إلا أن تواكب هذا التحول، وأن تُعيد تعريف علاقتها بشوارعها وأرصفتها وأحيائها، لأن الإصلاح، مهما بلغت قيمته، يظل هشّاً إذا لم يُدرعه المواطن بسلوك مسؤول يحميه من التراجع.
وبقدر ما تستعد الشاحنات الجديدة للانطلاق في أولى جولاتها، تستعد المدينة بدورها لمرحلة جديدة، تُراكم فيها الخطوات الصغيرة لتُصنع منها تحولات كبيرة. وما هذه المبادرة سوى بداية لمسار يمكن أن يجعل من ابن أحمد نموذجاً مصغراً لمدينة تؤمن بأن النظافة قرار مشترك، وأن المستقبل لا يُبنى إلا حين تتجاور إرادة المؤسسة مع وعي المواطن، فيسيران نحو هدف واحد: مدينة تليق بأهلها، وتحترم تاريخها، وتتهيأ لغد أفضل.













