مجتمع

احتجاجات الشباب … رقية أشمال: المقاربة الأمنية لا تُقنع وتكلف الدولة والمجتمع أكثر

في خضم النقاش الذي أثارته الاحتجاجات الشبابية الأخيرة بالمغرب، قدمت الدكتورة رقية أشمال، الباحثة في قضايا الشباب وأستاذة التعليم العالي، قراءة خاصة لما يجري، معتبرة أن هذه التعبيرات الميدانية لا يمكن اختزالها في مجرد “حركات عابرة” أو “ردود فعل لحظية”، بل تعكس أزمة ثقة متراكمة وتطلعات واضحة.

وتشير أشمال إلى أن أهم ما يميز هذه التحركات هو انتقالها من الفضاء الرقمي إلى الميدان؛ فبعد سنوات من التعبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، قرر الشباب النزول بشكل منظم وسلمي إلى الشارع، رافعين شعارات اجتماعية مباشرة تتعلق بالتعليم والصحة والشغل والعدالة الاجتماعية؛ بالنسبة لها، فإن هذه الخطوة تكشف عن إرادة في تجاوز لغة الافتراضي نحو الفعل الملموس، بما يحمله ذلك من رسائل واضحة إلى صناع القرار.

وتؤكد الأستاذة الجامعية أن الشباب حرص منذ البداية على إعلان استقلاليته عن أي جهة سياسية أو حزبية، وهو ما اعتبرته رداً مباشراً على محاولات بعض الأطراف استغلال هذه الاحتجاجات أو الركوب على موجتها؛ الشباب، تضيف أشمال، يريد أن يُسمع صوته بنفسه، دون وسطاء أو وصاية.
أما بخصوص التعامل الرسمي مع هذه التحركات، فتشدد أشمال على أن المقاربة الأمنية، التي غالباً ما تلجأ إليها الدولة، لا تقدم حلولاً بقدر ما تخلّف كلفة مضاعفة، سواء على مستوى الثقة بين الدولة والمجتمع أو على مستوى ضياع الطاقات والفرص؛ وتوضح أن معالجة المطالب الاجتماعية بمقاربات تقنية أو أمنية فقط يظل رهانا خاسرا، لأن جوهر الأزمة مرتبط أساساً بالثقة والقدرة على توفير إجابات ملموسة.
وتلفت إلى أن هذه الاحتجاجات لم ترفع شعارات أيديولوجية أو مرجعيات حزبية، بل اكتفت بملامسة قضايا يومية يعيشها المواطن المغربي. وهو ما يعكس، حسب تحليلها، وعياً جماعياً جديداً يضع الأولويات الاجتماعية في المقدمة بعيداً عن الاصطفافات التقليدية.

وفي ختام قراءتها، تعتبر الدكتورة رقية أشمال أن هذه الاحتجاجات تمثل جرس إنذار ينبغي الإصغاء إليه بجدية؛ فهي مؤشر على حيوية المجتمع ورغبته في التغيير، لكنها في الوقت نفسه تكشف حدود الأساليب المتبعة في إدارة مطالب الشباب؛ وتشدد على أن المغرب يحتاج اليوم إلى مقاربة جديدة تُنصت للشباب باعتبارهم قوة اقتراح وشركاء في صناعة القرار، لا مجرد فئة تُدبّر مطالبها عبر المعالجات الظرفية أو المقاربات الأمنية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!