اختبار ناجح لطائرة “الكونكورد الجديدة”! عودة الطائرات الأسرع من الصوت؟ بعد 55 عامًا من الغياب
حلم عودة الكونكورد يولد من جديد من رماده.

وصلت شركة “بوم سوبرسونيك” الأمريكية للتو إلى مرحلة
مهمة في طموحها لجعل الطائرات التجارية تحلق خارج حاجز الصوت مرة أخرى. تمكنت طائرة XB-1 التجريبية من إتمام أول رحلة أسرع من الصوت بنجاح، مما مهد الطريق لمستقبل محتمل، وهي خليفة الطائرة الفرنسية البريطانية الأسطورية.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 28 يناير 2025، وفي سماء صحراء موهافي في كاليفورنيا، وقع حدث يحمل آمالاً هائلة. تجاوزت الطائرة XB-1، النموذج الأولي للطائرة Boom Supersonic، سرعة 1.1 ماخ، أو 1.1 مرة سرعة الصوت. وكل ذلك على ارتفاع 35000 قدم (حوالي 11 كم). وأشاد بليك شول، مؤسس الشركة والرئيس التنفيذي لها، بأداء الشركة ووصفه بأنه “الخطوة الأكثر أهمية حتى الآن” نحو تحقيق طموحها: جعل السفر الأسرع من الصوت متاحًا لأكبر عدد من الناس.
هذه الرحلة الأسرع من الصوت ليست نتيجة للصدفة. ويعد هذا تتويجًا لسلسلة من الاختبارات التي أجريت منذ سبتمبر 2024. وقد أتاحت إحدى عشرة رحلة تحضيرية تحسين التعامل مع الطائرة والتحقق من صحة أنظمتها. في هذه الرحلة الثانية عشرة، لم تترك شركة بوم سوبرسونيك أي شيء للصدفة. وتعاونت الشركة أيضًا مع Starlink، كوكبة الأقمار الصناعية التابعة لشركة SpaceX، لبث صور حية للرحلة. وتبعت طائرة مقاتلة من طراز T-38، مزودة بهوائي Starlink، طائرة XB-1 لالتقاط لقطات عالية الجودة على متن الطائرة، مما يوفر منظرًا خلابًا لهذا الحدث التاريخي.
ومن الواضح أن استراتيجية الاتصال الخاصة بشركة Boom Supersonic تذكرنا باستراتيجية SpaceX، حيث يتواجد الرئيس التنفيذي للشركة في كل مكان على شبكات التواصل الاجتماعي، ويشارك المراحل الرئيسية لتطوير مشروعه ويخلق إثارة حقيقية حول شركته الناشئة.
وتشكل هذه الشفافية والقرب من الجمهور أحد أهم الأصول بالنسبة للشركة، التي تسعى إلى جذب المستثمرين والعملاء المستقبليين.
📌XB-1: نموذج أولي للتحضير للمستقبل
طائرة XB-1 ليست طائرة ركاب جاهزة لنقل الركاب. إنها عبارة عن أداة عرض تكنولوجية مصممة للتحقق من صحة التقنيات الرئيسية التي سيتم استخدامها في طائرات Boom Supersonic المستقبلية، والتي تسمى “Overture”. يبلغ طول هذا النموذج الأولي 21 متراً، ويبلغ باع جناحيه 5 أمتار، وهو مزود بثلاثة محركات توربينية من طراز جنرال إلكتريك J85-15، قادرة على العمل باستخدام وقود الطيران المستدام (SAF). ويهدف هذا إلى إظهار التزام شركة Boom Supersonic بتقليل التأثير البيئي لطائراتها.
تمت دراسة شكل الأجنحة والتصميم المدمج للطائرة لتقليل “الضجيج” الأسرع من الصوت، وهو إزعاج ضوضاء ساهم إلى حد كبير في اختفاء طائرة الكونكورد (بالإضافة إلى استهلاكها المفرط). تساعد المواد المستخدمة، وهي عبارة عن مركبات معززة بألياف الكربون، على الحد من وزن الطائرة مع ضمان مقاومة درجات الحرارة القصوى التي تولدها الرحلات الجوية الأسرع من الصوت.
ويتمثل الهدف النهائي لشركة بوم سوبرسونيك هو بناء طائرة ركاب قادرة على حمل ما بين 65 و88 راكبًا بسرعات تقترب من 1.7 ماخ (حوالي 2100 كم / ساعة).
وتهدف مركبة Overture، المقرر طرحها للبيع في عام 2030، إلى ربط وجهات بعيدة في وقت قياسي. وتعمل الشركة على الترويج لإمكانية الطيران فوق المحيطات بسرعة تفوق سرعة الصوت، مع تقليل التلوث الضوضائي للسكان على الأرض.
ويقدر مدى الطائرة “أوفيرتشر” بنحو 7870 كيلومترا، وهو ما يسمح لها بالقيام برحلات عبر المحيط الأطلسي أو المحيط الهادئ في وقت أقل إلى حد كبير. على سبيل المثال، تعد طائرة “بوم سوبرسونيك” بربط لندن بنيويورك في ثلاث ساعات ونصف فقط، أي نصف الوقت الذي تستغرقه طائرة الركاب التقليدية.
يبدو أن مفهوم Overture جذاب لشركات الطيران. وقد قدمت شركات الخطوط الجوية الأمريكية واليابانية ويونايتد إيرلاينز بالفعل طلبات لشراء نحو 100 طائرة. ويعكس هذا الاهتمام الطلب المتزايد على السفر السريع، وخاصة في قطاعي السياحة الفاخرة والسفر لأغراض العمل.
وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي والحماس الذي أثاره مشروع Overture، إلا أن العديد من التحديات لا تزال قائمة. تعتبر تكلفة تطوير وإنتاج طائرة تفوق سرعة الصوت كبيرة. ستحتاج شركة “بوم سوبرسونيك” إلى جمع رأس مال كبير لتمويل برنامجها وبناء خط إنتاج قادر على تلبية الطلب.
ويشكل التأثير البيئي للرحلات الجوية الأسرع من الصوت أيضًا مصدر قلق كبير لأن استهلاك الوقود وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري أعلى من تلك الخاصة بالطائرات دون الصوتية،ويعد استخدام وقود الطيران المستدام طريقًا واعدًا، إلا أن إنتاجه لا يزال محدودًا ومكلفًا.
كما أن مسألة “الانفجار” الأسرع من الصوت مسألة حاسمة أيضاً. بالرغم من أن شركة بوم سوبرسونيك نفذت حلولاً لتقليل هذه الظاهرة، إلا أنها تظل مصدراً للتلوث الضوضائي الذي قد يحد من المسارات المسموح بها للرحلات الجوية الأسرع من الصوت. وتفضل الشركة أن تطلق عليه اسم “طفرة المواليد”. ونلاحظ مرة أخرى الارتباط مع إيلون ماسك وحقيقة إطلاق أسماء سخيفة.
وتمثل الرحلة الأسرع من الصوت الناجحة للطائرة XB-1 إنجازًا مهمًا في السعي إلى إنشاء “كونكورد جديدة” إذ به ، أثبتت شركة “بووم سوبرسونيك” قدرتها على تصميم طائرة قادرة على اختراق حاجز الصوت والتحليق بها. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من العقبات التي يتعين التغلب عليها قبل أن تصبح الرحلات الأسرع من الصوت حقيقة شائعة مرة أخرى.
وإذا تمكنت طائرة Boom Supersonic من مواجهة هذه التحديات، فقد تتمكن طائرة Overture من إحداث ثورة في السفر الجوي وفتح إمكانيات جديدة للسفر بين القارات.
إن حلم عالم تختصر فيه المسافات وتتقارب فيه الثقافات بفضل السرعة قد يصبح حقيقة واقعية والزمن كفيل بإثبات ما إذا كان هذا الحلم سيتحقق.
وللتذكير ،نعود لطائرة الكونكورد البريطانية والفرنسية الصنع في الأصل لنضع قراء علاش بريس في سياق الحدث التاريخي المتمثل في التحليق خارج حاجز الصوت في السبعينات من القرن الماضي ،وقتئذ دخلت الكونكورد الخدمة عام 1976 وخرجت في عام 20031 حيث جاء إيقافها بسبب حادث مميت وارتفاع تكاليفها.
وتعني كلمة “كونكورد” الاتحاد أو التناغم، في إشارة إلى التعاون بين فرنسا وبريطانيا.
ومن مواصفات طائرة الكونكورد سرعتها الفائقة على الرغم من أن هذه السرعة تتميز بها الطائرات الحربية.
وصُممت الطائرة بعدة مزايا وبمقدمة تشبه الإبرة، وجناح مثلث الشكل مشابه لأجنحة الطائرات الحربية.
كما تمتلك الطائرة أنظمة معينة تساعد في توجيهها، بالإضافة إلى نظام آلي يساعدها في الحفاظ على توازنها يشمل طيارين آليين.
ويتميز جناح الطائرة الجناح بالصلابة الهيكلية الملائمة لظروف الطيران، وعندما تقترب الطائرة من الهبوط ينتقل الوقود لمقدمة الطائرة لتشبه الطائرة مشهد هبوط الطيور على الماء.
لقد بدأت فكرة الطائرة عام 1957، وتم توقيع اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا للبدء بالمشروع عام 1962، وأقلعت طائرة الكونكورد أول مرة عام 1969
وكان السبب الأساسي لإيقاف طائرة الكونكورد هو تصميمها وفقًا للمعايير المطلوبة التي تتعلق بالشكل الخارجي وحجمها حتى تستطيع اختراق حاجز الصوت، ممّا أدى إلى عدم احتمالها هذا العدد من الركاب1. تحطمت طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية عام 2000 بعد مغادرتها مطار شارل ديغول، ما أدى إلى وفاة جميع ركابها.
عن أخبار جيه في تيك بتصرف
بقلم. لويك نيكولاي المعروف باسم “نيكولن”
الترجمة وللتذكير من علاش بريس