أخبارحقوق الإنسانصحافة

استغلال جبة الحقوقي بين النضال الحقيقي والمآرب الشخصية: أزمة مصداقية الحركة الحقوقية في المغرب

مداخلة وزير العدل وهبي تفضح تحديات العمل الحقوقي وتسلط الضوء على ضرورة المحاسبة والشفافية

في الآونة الأخيرة، برزت ظاهرة حقوقيين يلبسون جبة الدفاع عن الحقوق الإنسانية لتحقيق مآرب شخصية، مما يثير تساؤلات حول مصداقية الحركة الحقوقية وأهدافها الحقيقية. هؤلاء الحقوقيون، بدلاً من أن يكونوا مناصرين حقيقيين لقضايا العدالة والحرية، يستغلون مكانتهم لتمرير أجندات خاصة أو سياسية، وهو ما يضر بصورة العمل الحقوقي ويضعف ثقة الجمهور في المؤسسات الحقوقية.
المشهد الحقوقي في بعض البلدان، مثل المغرب، شهد حالات متعددة من تعنيف الحقوقيين أثناء التظاهرات السلمية، حيث تعرضوا للاعتداء من قبل قوات الأمن رغم حملهم لشارات الحقوقي، مما يعكس ازدواجية في التعامل مع الحقوقيين بين من يلتزم بالمبادئ الحقيقية ومن يستغلها لأغراض أخرى. في هذا السياق، يبرز دور وزارة الداخلية والسلطات الأمنية في قمع الاحتجاجات السلمية، مما يزيد من تعقيد المشهد الحقوقي ويضعف من مصداقية بعض الحقوقيين الذين قد يكونون جزءاً من هذه اللعبة السياسية.
وفي مداخلة مثيرة للجدل داخل البرلمان، انتقد وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي بعض الجمعيات الحقوقية، وذكر أن رئيس جمعية للدفاع عن المال العام حصل على فيلا في طور البناء، في إشارة إلى استغلال بعض الحقوقيين لمكانتهم لتحقيق مكاسب شخصية مادية. كما أشار إلى وجود جمعيات تستخدم شكايات الفساد كأداة ابتزاز سياسي ضد المنتخبين، من خلال تنظيم ندوات وإعطاء تصريحات مباشرة بعد إيداع الشكايات بغرض تشويه سمعة المسؤولين، وهو ما أثار جدلاً واسعاً بين الفعاليات الحقوقية والسياسية حول مدى صحة هذه الاتهامات ومدى تأثيرها على مصداقية العمل الحقوقي.
هذه التصريحات جاءت في سياق دفاعه عن مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي يقيد حق الجمعيات في تقديم شكايات تتعلق بالمال العام، وهو ما أثار موجة انتقادات من فعاليات حقوقية وسياسية، معتبرة أن هذه المبررات واهية وأن ممارسات الابتزاز معزولة ولا يجب أن تُستخدم كذريعة لتضييق عمل الجمعيات الحقوقية ومحاربة الفساد. كما اعتبر الوزير أن الديمقراطية لا تُبنى بالتشهير وتدمير المؤسسات، بل بحمايتها وتقويتها، داعياً إلى تمييز الخطأ التدبيري عن الجريمة.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل وجود حقوقيين مغاربة حقيقيين يمثلون نموذجاً للنضال الحقوقي الصادق والملتزم، مثل إدريس اليزمي، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي لعب دوراً محورياً في تعزيز حقوق الإنسان بالمغرب من خلال إعداد تقارير جريئة حول أوضاع السجون والمؤسسات الحقوقية، رغم تعرضه لانتقادات من بعض الجمعيات. كما تُعد خديجة الرياضي، الناشطة البارزة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رمزاً للنضال الحقوقي المستمر في مواجهة التحديات المحلية والدولية، حيث تعمل على الدفاع عن الحريات الفردية وحقوق الإنسان بكل شفافية ونزاهة.
هؤلاء الحقوقيون الحقيقيون يشكلون الحصن الحقيقي للحركة الحقوقية ويجب دعمهم وتمييزهم عن من يستغلون الحقوقية لأهداف غير مشروعة. إن استغلال جبة الحقوقي لأغراض شخصية أو سياسية يضر بالمجتمع ويشوّه صورة النضال الحقوقي، ويجب على المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية أن تضع آليات واضحة للمساءلة والشفافية لضمان أن يكون النشاط الحقوقي نزيهاً وموضوعياً، بعيداً عن التوظيف السلبي. كما يجب أن يخضع كل من يسيء إلى سمعة الحقوقيين أو يستغلهم للمساءلة القانونية، حفاظاً على كرامة العمل الحقوقي ومصداقيته.

وفي الختام، إن الحركة الحقوقية تحتاج إلى مراجعة ذاتية مستمرة لتفادي الانزلاق نحو استغلال الحقوق لأغراض شخصية، مع تعزيز ثقافة المحاسبة والشفافية، ودعم الحقوقيين الحقيقيين الذين يضحون في سبيل القضايا العادلة، ليبقى العمل الحقوقي منارة للعدالة والحرية في المجتمعات.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!