أخبارالتعليم العالي والبحث العلميجهاتسياسةفن وثقافة

افتتاحيتنا اليوم: التعليم العالي بين الموت البطيء والحاجة الملحة للإصلاح الجذري

التعليم العالي في مأزق: هل ننتظر دفنه أم نعيد له الحياة؟

يشهد قطاع التعليم العالي في بلادنا أزمة متفاقمة، حيث يبدو أن هذا القطاع الحيوي قد “شبع الموت” حتى بدأ يتحلل ويبعث روائح كريهة تؤرق مستقبل الأجيال القادمة. ورغم وضوح هذه الأزمة، لا نلمس أي تدخل جاد أو محاولات فعالة لتدارك الوضع، مما يطرح تساؤلات ملحة عن جدوى استمرار هذا القطاع على حاله دون إصلاحات حقيقية.
يواجه التعليم العالي تحديات متعددة تشمل تردي جودة التعليم، ضعف البنية التحتية، نقص الكوادر المؤهلة، وانتشار الفساد الإداري والأكاديمي. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تدهور سمعة المؤسسات التعليمية، وتراجع فرص الخريجين في سوق العمل، مما ينعكس سلباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
رغم أن التعليم العالي يعد ركيزة أساسية لأي مجتمع يطمح إلى التقدم، إلا أن غياب الإرادة السياسية والإدارية في اتخاذ إجراءات إصلاحية واضحة يجعل الأزمة تتفاقم. لا توجد خطط استراتيجية واضحة، ولا استثمارات كافية، ولا رقابة فعالة، مما يترك القطاع في حالة من الفوضى والجمود.
إكرام الميت دفنه: هل هذا هو الحل؟
يُقال إن “إكرام الميت دفنه”، ويبدو أن هذا المثل ينطبق على واقع التعليم العالي الذي يشبه جسداً يحتضر. هل حان الوقت للاعتراف بفشل النظام الحالي وإعادة بناء منظومة التعليم العالي من الصفر؟ أم أن هناك فرصة لإنقاذه عبر إصلاحات جذرية وشاملة؟
يمكننا استلهام الدروس من قطاعات الصحة والسكن والقضاء، التي رغم تحدياتها، شهدت محاولات إصلاحية مستمرة. إذا كانت هذه القطاعات قادرة على التحول والتطور، فلا بد أن التعليم العالي يستحق نفس الاهتمام والجهد، لأنه الأساس الذي يبنى عليه مستقبل الوطن.
إن استمرار الوضع الراهن في التعليم العالي يهدد ليس فقط مستقبل الطلاب، بل مستقبل الوطن بأكمله. من الضروري أن تتحرك الجهات المعنية بسرعة لوضع خطة إصلاحية شاملة تشمل تحديث المناهج، تحسين البنية التحتية، تطوير الكوادر، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
في الختام، لا يمكننا أن نسمح للتعليم العالي أن يظل “ميتاً” أو “متحللاً”. حان الوقت لإعادة الحياة إليه، وإعطائه المكانة التي يستحقها كرافد أساسي للتنمية والتقدم. فالتعليم هو الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وهو السبيل الوحيد لبناء مستقبل مزدهر ومستدام.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!