
يواجه قطاع الخبز في المغرب تحديات متزايدة ومنها تصاعد ظاهرة انتشار الأفران العشوائية غير المرخصة التي تعمل بدون رقابة أو تنظيم، وهو ما أدى إلى حالة من الفوضى في السوق وأثر سلباً على جودة المنتج وصحة المستهلك.
وللوقوف على عمق هذه الأزمة، يشاركنا أحد العاملين في القطاع شهادته التي تعكس حجم الإهمال وسوء التنظيم قائلاً: “بالرغم من أن الوزن القانوني للرغيف يجب أن يصل إلى 250 غرامًا، فإن العديد من المخابز، وخصوصًا العشوائية لا تحترم هذه المعايير وبالتالي تجد أن هذه الأرغفة لا تفي فقط بالوزن المطلوب، بل غالباً ما تفتقد إلى الشكل المناسب والمعايير الفنية في الطهي مما يجعل المنتوج أقل جودة وأحيانًا غير صالح للاستهلاك.
والأسوأ من ذلك هو أن الأسعار التي توقع على المستهلك تكون غالباً مرتفعة ولا تتناسب مع القيمة الحقيقية لهذا الخبز، ما يخلق حالة فوضى وانعدام عدالة في السوق.
للأسف، وكأن النظام الرقابي غائب تمامًا، مما يفتح الباب أمام استمرار هذه الانتهاكات دون رادع أو مساءلة.”
هذه الشهادة الواقعية تضعنا أمام حقيقة مؤلمة يعاني منها المستهلك المغربي يومياً، إذ أن انعدام الرقابة الفعالة يسمح لبعض المخابز بممارسة استغلال غير قانوني يضر بالمستهلك وجودة الخبز، الذي يعد سلعة أساسية في كل بيت.
يعكس هذا الواقع المؤلم غياب الدور الرقابي المطلوب من الجهات المسؤولة والمتخصصة، وهي الجهات التي يفترض أن تكون العين الساهرة على تطبيق القوانين وضمان سلامة الغذاء، وحماية حقوق كل من المستهلك والمهنيين الذين يلتزمون بمعايير الجودة والقانون.
تتفاقم المشكلة أكثر مع انتشار الأفران العشوائية التي تعمل بدون ترخيص ولا تلتزم بأدنى شروط السلامة والصحة، بالإضافة إلى الاستخدام العشوائي لقنينات الغاز غير الآمنة والمستعملة، التي تعرض العمال والمستهلكين والسكان المحيطين لمخاطر حقيقية منها التسرب والانفجار.
كل هذا يشكل خليطاً خطيراً يُهدد السلامة العامة والتوازن الاقتصادي والاجتماعي داخل الأحياء التي تنتشر فيها هذه الأفران وغيرها من أشكال العشوائية الاقتصادية.
ومن جهة أخرى ،تتسبب هذه الأفران بتلوث بيئي وصحي بالغ الخطورة، حيث تفتقر إلى شروط النظافة والتخلص السليم من النفايات، مما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء والتربة، بالإضافة إلى احتمالات مخاطر تنظيف الغذاء وانتشار الأمراض.
وعلى الجانب الاقتصادي، تؤدي المنافسة غير العادلة التي تمارسها الأفران العشوائية إلى انهيار المخابز القانونية المنظمة التي تتحمل أعباء ضرائب والتزامات إنتاج عادلة، ما ينعكس سلباً على استقرار السوق ويتسبب في زيادة أسعار الخبز أو تخفيض جودة المنتج.
يصبح دور الحكومة والهيئات المعنية في مواجهة هذا الواقع، أكثر أهمية من أي وقت مضى، من خلال تكثيف الرقابة وزيادة العقوبات على المخالفين، ودعم المخابز القانونية مالياً وفنياً، وتحديث التشريعات التي تضبط الفاعلين في السوق لضمان بيئة إنتاجية صحية وآمنة.
فالتنظيم القانوني لهذه المنظومة هو السبيل الوحيد لوضع حد لهذه الانتهاكات وحماية صحة المواطن المغربي، وضمان منتج خبز متوافق مع المعايير الملائمة وسعر عادل.
وفي الختام ، يكمن الحل في مقاربة شاملة تجسدها التشريعات المنظمة والتطبيق الفعلي للمعايير، مع دعم حقيقي للقطاع القانوني، وتوعية مستمرة للمستهلكين بمخاطر الظواهر العشوائية، حتى يتحقق التوازن في سوق الخبز ويعود الاستقرار الصحي والاقتصادي الذي يطمح له المجتمع.