
في ظل الاهتمام المتزايد بمخاطر التنمر المدرسي وآثاره السلبية على التلاميذ، أصدرت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية القصة الحوارية المصورة “أرني ابتسامتك”، ضمن برنامج الإيسيسكو “كفى تنمرا”.
تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الوعي بقضية التنمر ومواجهتها عبر إدراج أدوات تربوية مبتكرة تدعم الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور في بيئة تعليمية آمنة ومحفزة.
تأتي القصة كرد فعل على الحاجة الملحة لمواجهة سلوك التنمر الذي يهدد صحة الأطفال النفسية والتعليمية، وتعكس التزام الجهات المعنية في المغرب والعالم الإسلامي بمكافحة هذه الظاهرة.
وتلعب وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية دوراً فاعلاً ومحورياً في إنجاح هذا البرنامج، حيث تسهم من خلال خبراتها في تأطير الأنشطة وتنظيم الدعم الثقافي والتربوي الذي يرافق تنفيذ المبادرة.
كما تعمل على تنسيق الجهود بين الجهات المختلفة لضمان وصول الرسائل التوعوية إلى شتى فئات المجتمع المدرسي وتعزيز السياسات التي تدمج حماية الطفل ودعم بيئة مدرسية صحية وآمنة.
وتعكس هذه الجهود الشاملة اهتمام الوزارة بالمساهمة في بناء مجتمع متماسك يعزز القيم الإيجابية مقابل السلوكيات السلبية كمشكلة التنمر.
وقد تم تبني استراتيجيات متعددة على مدار السنوات الماضية، لتحديد المتنمرين في المدارس، منها مراقبة السلوك العدواني المتكرر، والاستعانة بتقارير المعلمين وملاحظات الأقران والطلاب أنفسهم.
وأثبتت هذه الطرق فعاليتها في التعرف المبكر على ظاهرة التنمر، الأمر الذي يسمح بالتدخل الفوري. إضافة إلى ذلك، يتم تدريب الطاقم التعليمي على رصد المؤشرات النفسية والسلوكية التي تدل على وجود مشكلات تنمر، مما يساعد في تقليل حدوثها وتوفير بيئة مدرسية أكثر أمناً ودعماً للجميع.
تبرز برامج التوعية كأحد أهم الأدوات التي ساهمت بشكل ملموس في الحد من ظاهرة التنمر المدرسي، إذ تعمل على رفع مستوى الوعي بين جميع أطراف العملية التعليمية حول مخاطر التنمر وأشكاله، وتعزيز السلوكيات الإيجابية. هذه البرامج تدعم تحسين العلاقات بين الطلاب وتشجع العمل الجماعي، كما توفر آليات للتعامل مع الضحايا من خلال دعم نفسي واجتماعي فعال.
ويبرز نجاح بعض البرامج العالمية مثل برنامج “ألويس” الذي حظي بتجارب ناجحة في عدة دول نتيجة لاعتماده نهجاً شاملاً وتشاركيًا في مكافحة التنمر.
وفي ظل هذه الجهود التوعوية المستمرة، يظهر دور الأهل كركيزة أساسية لا غنى عنها في مكافحة التنمر. فالأسرة تمثل الخط الأول في نشر القيم الإيجابية داخل الطفل وتعليمه مهارات التواصل والتعامل مع المشكلات بعيداً عن العنف. ودعم الأطفال نفسياً واجتماعياً والتواصل المستمر معهم ليعبروا عن تجاربهم بحرية يسهم بشكل كبير في الوقاية والكشف المبكر عن حالات التنمر.
كما يتحمل الأهل مسؤولية التعامل الحكيم مع المتنمرين، بفهم أسباب سلوكهم وتقديم الدعم اللازم، مع التنسيق المستمر مع المدرسة لضمان حماية أبنائهم ومتابعة التطورات، ما يعزز بيئة مدرسية آمنة ومتعاونة.
ولتعزيز هذا التكاتف، ظهرت برامج إثرائية متنوعة تستهدف تعزيز الوعي بجميع أبعاد التنمر، منها حقائب تدريبية متخصصة وورش عمل تفاعلية، إلى جانب مبادرات توعوية تركز على التنمر الإلكتروني وطرق التعامل الوقائي معه. كما تشجع الأنشطة الاجتماعية والرياضية على بناء علاقات إيجابية بين الطلاب، مما يحد من انعزال الأفراد ويزرع فيهم روح التعاون والتسامح.
وفي الختام، تشكل هذه الجهود المتكاملة بين الإيسيسكو ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، إلى جانب التعاون الوثيق مع الأسر والمدارس، نموذجاً فعالاً للتصدي لظاهرة التنمر المدرسي التي تؤثر على أجيال المستقبل. فبالتوعية المستمرة والاستراتيجيات المدروسة، يمكن أن تتحول المدارس إلى بيئات آمنة تضمن التقدم الدراسي والنمو النفسي والاجتماعي للطلاب، لتكون بحق فضاءات تنويرية تحضن كل طفل دون خوف أو قلق.