التحديات التقنية والتنظيمية في متابعة حركة المرور على الطرق السيارة بالمغرب
التكنولوجيا الرقمية بين الوعي الجماعي والحاجة لنشرات مرورية مباشرة لتحسين تجربة السائقين

تواجه حركة المرور على الطرق السيارة في المغرب تحديات متصاعدة، لا سيما في ظل غياب نشرة مواكبة شاملة ومستمرة تُرشد السائقين وتُحدثهم بشكل لحظي عن كل ما يجري على الطرق. فإدارة حركة المرور تقع في أيدي الشركة الوطنية للطرق السيارة، التي تعتمد تقنيات متقدمة ووضع علامات تشوير مؤقتة أثناء الأشغال، مع توجيه السائقين عبر قنوات رقمية مثل مركز النداء وتطبيق “ADM Trafic”، إلا أن ذلك لا يعوّض الحاجة إلى نشرة واضحة ومباشرة تغطي جميع المداخل وتُوضح التحويلات المرورية بدقة، خاصة عند مداخل المحمدية من جهة الدار البيضاء وتيط ملليل.
ويظل الاعتماد على التكنولوجيا والوسائط الرقمية هو السائد لمراقبة وحفظ انسيابية السير، إذ توفر تطبيقات مثل “ADM Trafic” معلومات حية وحقيقية عن الحوادث والأشغال والكاميرات المثبتة على الطرق السيارة الممتدة لحوالي 1800 كيلومتر، مما يسهل التخطيط الأمثل للرحلات ويُعزز تجربة القيادة. وتنجح هذه التطبيقات عبر دمج أنظمة تحليل متقدمة، وإشعارات فورية تسمح للسائقين بالتفاعل والرد على الظروف المرورية المتغيرة، لكن ينقصها في بعض الأحيان الكشف المباشر والتشخيص الشامل لكافة نقاط الاختناق عند المداخل والمخارج.
كما لا يمكن تجاهل أهمية تطوير أنظمة تنظيم المرور ذات الكفاءة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأجهزة استشعار تقوم برصد كثافة السيارات وسرعاتها، وتعديل توقيت إشارات المرور بشكل ذكي، بالإضافة إلى لوحات الرسائل الإلكترونية التي تقدم المعلومة مباشرة للسائقين لتجنّب الازدحام أو اختيار مسارات بديلة، فتلك الحلول تُحدث فارقًا جوهريًا في التقليل من زمن التنقل وتحسين السلامة على الطرق. ومع ذلك، يبقى تحوّل هذه الحلول إلى واقع ملموس على الأرض مرتبطًا بتضافر جهود تطوير البنية التحتية، وتحسين النقل العام، ومراكز إدارة الحركة التي تجمع البيانات وتحللها في الزمن الحقيقي لتوفير ردود فاعلة تأخذ بعين الاعتبار الطوارئ والازدحامات.
ولن تكتمل صورة تحسين تنظيم حركة السيارات دون تعزيز ثقافة الاستخدام الذكي للتطبيقات والتقنيات الرقمية، من خلال نشر الوعي والتشجيع على استخدام أدوات مثل “ADM Trafic”، التي لا تقتصر على رصد الحالة المرورية فحسب، بل توفر دعمًا إضافيًا للسائقين مثل متابعة ممرات الأداء وتنبيهات السلامة، مع الحفاظ على الخصوصية. في نهاية المطاف، تبقى التحديات قائمة بين تحقيق التكامل التقني والتنظيمي وبين توفير تجربة مرورية سلسة للعامة، مما يحتم على الجهات المعنية الابتكار المستمر وتطوير آليات تواصل تلامس حاجات السائقين وتطلعاتهم في بيئة مرورية متغيرة ومتطورة.