حوادثمجتمع

التخييم فضاء للتربية والحماية … وحادثة “رأس الماء” تبقى معزولة

رغم الضجة التي أثارتها واقعة مخيم “رأس الماء” بإفران، والتي تتعلق بشبهة استغلال جنسي لطفل قاصر من طرف مؤطر تربوي، شددت الجامعة الوطنية للتخييم في بلاغ عاجل على أن ما جرى حادث معزول لا يعكس القيم التربوية والإنسانية النبيلة التي تأسست عليها الحركة التخييمية لعقود، ولا يمكن تعميمه على آلاف الأطر والجمعيات التي انخرطت في إنجاح مختلف مراحل البرنامج الوطني للتخييم هذه السنة.

وتعود تفاصيل القضية إلى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي، حين عاين رئيس “فضاء سايس” بالمخيم المذكور، بمعية بعض الأطر، سلوكاً غير طبيعي من طرف مؤطر يبلغ من العمر 28 سنة في حق طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره داخل فضاء النوم؛ وقد أفاد الطفل، خلال الاستماع إليه، بأن المؤطر حاول لمسه وتقبيله في عنقه وهو يتظاهر بالنوم، في واقعة قال إنها لم تكن الأولى، إذ سبق أن تكررت في اليوم الثاني من المخيم.

وعلى إثر ذلك، قام مدير المخيم بالتبليغ الفوري، ما استدعى حضور عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة في حدود السابعة والنصف صباحاً، حيث جرى توقيف المؤطر المشتبه فيه، إلى جانب إطار آخر بتهمة التستر، بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة؛ وفي الوقت ذاته، جرى توفير حماية نفسية ومواكبة للطفل الضحية.

الجامعة الوطنية للتخييم أكدت في بلاغها أن ما وقع يمثل خطاً أحمر لا يمكن التساهل معه، مشددة على أن حماية الأطفال مسؤولية جماعية بين الدولة والمجتمع المدني والأسر. واعتبرت أن مثل هذه السلوكيات الشاذة، مهما كانت خطورتها، تبقى استثناءً نادراً لا ينسحب على روح المخيمات ولا على رسالتها التربوية، التي تظل فضاءً لترسيخ قيم المواطنة والتنشئة الاجتماعية والعيش المشترك.

كما أعلنت الجامعة عزمها مضاعفة جهودها على مستوى المراقبة واليقظة التربوية وتجويد الانتقاء والتكوين، من أجل تأمين بيئة آمنة للأطفال وصون كرامتهم وحقوقهم. وأوضحت أن كل المبادرات والبرامج الجمعوية المنضوية تحت لوائها ستظل وفية لخدمة المصلحة الفضلى للطفل، وحمايته من أي انزلاقات فردية شاذة.

ورغم حدة الواقعة، يجمع الفاعلون التربويون والجمعويون على أن التخييم الوطني يظل مدرسة رائدة للتنشئة والتربية، يستفيد منه سنوياً مئات الآلاف من الأطفال، ويشكل رافعة حقيقية لترسيخ قيم المواطنة والتضامن والاندماج الاجتماعي، بفضل تظافر جهود مختلف المتدخلين.

ويؤكد مختصون أن هذه السلوكيات المشينة لا تقتصر على فضاءات التخييم فقط، بل يمكن أن تقع في مؤسسات أخرى مثل الكتاتيب القرآنية والمدارس وحتى داخل الأسر، ما يجعل من الضروري اعتماد مقاربة شمولية لحماية الطفولة، تقوم على التكوين الصارم للمؤطرين والمربين، وتعزيز آليات المراقبة والتبليغ، إلى جانب تكثيف التوعية بحقوق الطفل لدى الآباء والأطفال أنفسهم. وبهذا النهج، يمكن الحد من تكرار مثل هذه السلوكيات وضمان فضاءات أكثر أمناً وعدلاً للناشئة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!