التفاصيل الكاملة لـ”مسخوط باه” بالمحمدية
طعنه برمح حديدي ونكل بجثته بمساعدة الأم
هي جريمة بشعة بطلها ثلاثيني يمتهن الصيد، كسب رضا أمه، من أجل أن يكون “مسخوط باه”. خطط ودبر قبل أن يعمد إلى تنفيذ جريمة في حق الأصول، بعد أن أسقط والده جثة هامدة بشقته بإقامة أيوب بجماعة عين حرودة بالمحمدية. تتبعت “علاش بريس” خيوط القضية، من تصريحات عدد من المصادر من جيران وعائلة وسلطات إقليمية، وتعيد سرد الجريمة بكل تفاصيلها.
(ف.ح) شاب يبلغ من العمر (36 سنة) يمتهن الصيد والغوص بشواطئ عين حرودة. استغل خلو منزل أسرته المكونة من أم وأشقائه الأربعة بإقامة أيوب بعين حرودة مساء الأحد الماضي، وفور دخول والده للمنزل الذي يستغل فيه غرفة، يأتي اليها بين الفينة والأخرى، لأنه يقضي أغلب اوقاته بمنزله الثاني بديار المنصور بالجماعة ذاتها رفقة زوجته الثانية. تعمد الجاني افتعال شجار مع والده، صاحبه عنف لفظي وجسدي. أصر الأب الضحية على الجاني أن ينفذ حكم المحكمة بإفراغ منزله، الذي باعه لشخص آخر، ما دفع الجاني الى الاستعانة برمح صيد حديدي، وطعن به الضحية طعنة قاتلة أردته قتيلا.
من القتل إلى التخلص من الجثة
فور تأكده من وفاة والده، أحضر الجاني ساطورا (شاقور) وسكينا كبيرا، وشرع في تقطيع الأطراف العليا والسفلى لجسد والده، قبل أن يعمد إلى وضعها في أكياس بلاستيكية، وقام بحملها على متن دراجته النارية من نوع “موطوبيكان”، حيث قام بدفن الكيس الأول في حفرة برمال شاطئ أولاد حميمون بعين حرودة، فيما دفن الكيس الثاني بالمنطقة الرطبة بالمحمدية قرب الوادي المالح بمنطقة مملوءة بالاشجار والحشائش والمروج، قبل أن يعود أدراجه إلى المنزل من أجل إكمال عملية تقطيع الجثة والتخلص منها على فترات.
بداية البحث عن الضحية
انطلق البحث فجر الاثنين الماضي، بعد أن تأخر الضحية في الخروج من منزله لأداء صلاة الفجر، وتحريك سيارته لخروج باقي السيارات، لأن موقف السيارات صغير، وأن من يضع سيارته في مدخل الموقف يكون أول من يخرج من بيته. وبسبب تأخر خروج الضحية، قام الحارس الليلي بالنقر على جرس المنزل عدة مرات، قبل أن يخرج الجاني مخاطبا الحارس بنبرة عصبية، فطلب منه المناداة على والده من أجل تحريك السيارة لتسهيل خروج سيارة للنقل المدرسي، فأخبره الجاني أن والده غادر المنزل، وأنه سيقوم بجلب مفاتيح السيارة لتحريكها، وهو ما استغربه الحارس الليلي لأنه لم يعاين خروج الضحية.
وبعد مرور مدة من الوقت حضر صهر الضحية (شقيق الزوجة الثانية)، بعدما أوفدته للاطمئنان على زوجها الذي كان يحل بمنزله مباشرة بعد أداء الفجر من أجل تناول الافطار معها. اكتشف الصهر أن الضحية لم يغادر المنزل، ولم يصدق رواية الابن وأسرع الى إخطار شقيقته بالأمر. استمرت الأبحاث طيلة اليوم، الى غاية العاشرة من ليلة الاثنين الماضي، إذ قرر الحارس رفقة شقيق الزوجة الثانية وبعض الأشخاص الاستعانة بكاميرا المراقبة، فيتبين للجميع عدم خروج الضحية نهائيا من المنزل، في حين ظهر جليا خروج القاتل حاملا أكياس بلاستيكية.
مواجهة الجاني بالأمر
في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف من ليلة الاثنين الماضي، واجه الجميع الجاني بحقيقة الأمر، وطلبوا منه الدخول للمنزل من أجل معاينة غرفة الضحية، وهو الأمرالذي رفضه بشدة، ما دفعهم الى تهديده بإخطار الدرك بالأمر، غير أنه تشبث بقراره قبل أن ينصرف الجميع. لحظتها راودت الجاني مجموعة من الشكوك حول المجموعة، ليقرر التوجه صوب مركز الدرك، وسلم نفسه وقص روايته على المحققين.
اعترافات تلقائية
وصل الجاني إلى مقر درك عين حرودة، وبعد منحه قنينة ماء، واستفساره عن الجريمة ودوافعها، انهار باكيا وشرع في سرد تفاصيل يوم مؤلم لن ينساه في حياته، مؤكدا أن المشاكل مع والده تعود الى ست سنوات مضت، و ترتبط أساسا بعملية إعادة ايواء دور الصفيح، التي استفاد من خلالها الأب الضحية مع زوجته الثانية من شقة في إطار إعادة إيواء جزء من “دوار غزوان” بتجزئة ديار المنصور بعين حرودة. وهو الدوار الذي كان يقطن به الضحية رفقة زوجته الأولى والجاني وأشقائه الأربعة، مضيفا أن الضحية قام بتطليق والدته ورفع دعوى قضائية ضد الأسرة، حصل من خلالها على حكم قضائي بإفراغها من الشقة مسرح الجريمة التي تقطنها. كما شرح للمحققين كيفية قتل الضحية وتقطيع الجثة، وكشف لهم مكان وجودها.
استنفار وبحث وإعتقالات
حينما انتهى الجاني من تصريحاته الأولية هرع أفراد الدرك القضائي والترابي والعلمي والتقني إلى “مسرح الجريمة”، حيث وجدوا والدة المتهم رفقة اشقائه، غير أنهم وجدوا الشقة نظيفة اللهم بعض بقع الدم بجوار ما تبقى من جثة الضحية المقطعة، وأجروا المعاينات اللازمة على مسرح الجريمة، في الوقت الذي انطلقت فرق أخرى صوب أماكن دفن الأعضاء، حيث تمت الاستعانة بشرطة المحمدية واستمر البحث ساعات، قبل أن يتم العثور عليها في حدود السابعة والنصف من صباح الثلاثاء الماضي، إذ تمت إحالتها على التشريح الطبي رفقة الجثة.
وبعدها انتقل المحققون إلى مرحلة ثانية للتحقيق التفصيلي، إذ تطابقت اعترافات الجاني وأقوال الأم التي وجدت نفسها أمام تهم عدم التبليغ عن وقوع جناية، بعدما كانت على علم بتفاصيلها، لتعتقل عناصر الدرك الأم والأشقاء، للاشتباه في تورطهم في الجريمة.
إحالة القاتل
أحال المركز القضائي للدرك الملكي القاتل رفقة عائلته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستنئاف بالدار البيضاء، والذي عرضه على قاضي التحقيق لمواصلة استنطاقه تفصيليا، فاحتفظ به القاضي رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عكاشة بالبيضاء. ويواجه الجاني تهمة القتل العمد باستعمال رمح صيد، والتنكيل بجثة ودفن جزء منها سرا، وعدم التبليغ عن وقوع جناية بالنسبة لأفراد العائلة.