أخبارالتعليم العالي والبحث العلميفن وثقافة

التميز العلمي المغربي يتألق في تصنيف “إيه دي” 2025 بين أفضل 200 عالم عالميًا

كيف يعكس الأداء البحثي والابتكار الأكاديمي في الجامعات المغربية تطور البحث العلمي الوطني وتحدياته المستقبلية

يمثّل تصنيف “إيه دي” العلمي لعام 2025 شهادة واضحة على المستوى المتقدم الذي وصل إليه البحث العلمي في المغرب، حيث برز عدد من العلماء البارزين الذين حافظوا على مكانتهم ضمن قائمة أفضل 200 عالم على المستوى العالمي. ويعكس هذا التصنيف المحتكم إلى مؤشرات كمية دقيقة مثل معامل “إتش” وعدد الاستشهادات البحثية، جودة البرامج البحثية والمؤسسات الأكاديمية المغربية ويدعم سمعتها دوليًا، ما يجعلها أرضًا خصبة للعلم والمعرفة محليًا وعالميًا.

يتصدر الدكتور عبد السلام حمادة، أستاذ الفيزياء بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، القائمة المغربية ويدخل ضمن المراتب الأربعين عالميًا برصيد متميز من الاقتباسات ومعامل “إتش” عالٍ، وهو مثال على التفوق العلمي الذي تجسده الأبحاث المغربية في مجالات الفيزياء النووية والطاقة العالية، لا سيما من خلال مشاركته في مشاريع دولية كبرى مثل مصادم الهدرونات الكبير التابع لـ”سيرن”. وتتفوق أسماء أخرى مثل الدكتور إدريس بنشقرون الذي يثبت دوره في تطوير نظريات الفيزياء النووية، والدكتورتين فريدة الفاسي ورجاء الشرقاوي التي ساهمت في الحوسبة الفائقة والفيزياء الطبية، مما يظهر التنوع والتقدم النوعي في التخصصات العلمية بالمغرب.
مثل حضور جامعات محمد الخامس في الرباط والحسن الثاني بالدار البيضاء ومحمد السادس متعددة التخصصات في بن جرير يعكس تركيز البحث العلمي في مراكز متقدمة، حيث تشهد مجالات الفيزياء والكيمياء وعلوم البيانات والهندسة الطاقية نموًا لافتًا، يدعمه عدد الاقتباسات التي تجاوزت الملايين والتي تؤكد التأثير العالمي لأبحاث المغاربة. ويستند هذا التقدم إلى بيئة أكاديمية متطورة تشجع التعاون الدولي وتوسع الشراكات البحثية، مما يسهم أيضًا في استقطاب الطلاب والباحثين الدوليين الذين يبحثون عن فرص تعليمية وبحثية ذات جودة عالية وموثوقة عبر تصنيفات موضوعية مثل “إيه دي”.
بالإضافة إلى ذلك، يعكس هذا التصنيف العلمي مدى تطور الجامعات المغربية من خلال تحفيز المنافسة بين المؤسسات الأكاديمية، وزيادة تمويل البحث العلمي، وتعزيز البنية التحتية البحثية. كما يوفر توجهًا استراتيجيًا واضحًا تنتهجه المؤسسات الوطنية لتركيز الجهود على التخصصات ذات الأولوية مثل الفيزياء والعلوم البيئية والهندسة الطاقية، ما يعكس تناغمًا بين نتائج البحث العلمي واحتياجات التنمية الوطنية.
ومع ذلك، لا يخلو المشهد العلمي في المغرب من تحديات عديدة، إذ يواجه الباحثون صعوبات في نقل التكنولوجيا، ونقصًا في الموارد البشرية المؤهلة في بعض القطاعات، وحاجات ملحة لتطوير البنية التحتية والبيئة التنظيمية التي تحفز الابتكار وريادة الأعمال العلمية. كما أن الفجوة بين البحث والابتكار التطبيقي لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا يستدعي مزيدًا من الدعم الحكومي والمجتمعي لتحويل الإنجازات العلمية إلى حلول واقعية تخدم الاقتصاد والمجتمع.
ومن ناحية أخرى، يلعب النشر العلمي دورًا جوهريًا في تعزيز مكانة الجامعات المغربية، فهو لا يعكس فقط جودة البحث ويزيد من مصداقية المؤسسات التعليمية، بل يفتح آفاقًا لتوسيع شبكة التعاون الدولي ويرفع ترتيب الجامعات في التصنيفات العالمية، ما يعزز جاذبيتها للطلاب والباحثين الدوليين المؤهلين. ويعد هذا النشر العلمي المنظم والفعال أداة مركزية في بناء القدرات الأكاديمية وتنمية بيئة بحثية مستدامة تواكب التطورات العالمية.

على ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن المغرب يشق طريقه بثبات في عالم البحث العلمي، مستندًا إلى أبطال علميين ذوي إسهامات رائدة، وجامعات تسعى إلى الارتقاء النوعي، وتصنيفات دولية موضوعية ترسم ملامح النجاح. يبقى الدعم المتواصل وتجاوز التحديات أمرًا ضروريًا لضمان بقاء هذا المسار متقدماً ومستداماً، ليكون الإسهام المغربي في العلوم والتكنولوجيا مثالًا يُحتذى به، ومصدر إلهام للشباب والطلبة الطامحين لمستقبل معرفي واعد يرفع من شأن الوطن على الساحتين الإقليمية والدولية.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!