أخبار

التنمية الترابية مستوى متقدم من التنمية المحلية

عبد الواحد بلقصري

باحث في علم الاجتماع السياسي
تندرج مختلف الانماط التنموية السابقة دكرها في اطار ترابي بهدف تنمية و الرفع من قدرته التنافسية وعلى هذا الاساس تعتبر التنمية الترابية او المجالية اليوم كاطار مرجعي لتأهيل برامج الاستثمارات العمومية و استراتيجية الفاعلين المحليين بالوسط القروي وتندرج التنمية الترابية في اطار مشروع التنمية يتميز بكونه يبلور الاستثمارات العمومية و استراتيجية الفاعلين المحليين بالوسط القروي وتندرج التنمية الترابية في إطار مشروع للتنمية التمييز بكونه يبلور قوة رقعة ترابية محددة ويحوزها الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون لهدف يتبنى موارد التنمية الخاصة بتلك الرقعة الترابية عبر معرفة الإمكانيات المتاحة والحاجيات المرتقبة والمشاكل المطروحة و ليعمه في مشروع التنمية الترابية على مقاربة معمقة تدمج مختلف القطاعات التي تشكل التراب في إطار مقاربة تعاقدية تبني جميع الفاعلين مما يخفي طابع الشمولية على أساس رؤية استراتيجية ذات أبعاد تمكن في تحقيقها على المدى البعيد أو المتوسط أو القصير الهدف العام للرفع من مشروع التنمية الترابية هو تقوية الموقع السياسي للتراب وجعله قادرا على تلبية حاجيات الساكنة وتوفير الشروط اللازمة للعيش على جميع المستويات اجتماعية اقتصادية ثقافية سياسية.
و يعتبر مفهوم التنمية الترابية آخر إنتاج في الأدبيات المرتبطة بتاريخ تحولات استعمالات مفهوم التنمية ككل، وهو مفهوم ينهض، على غرار مفهوم التنمية المحلية، على أساس تجاوز أو تقويم السلبيات المرتبطة بمخططات التنمية الوطنية أو القطاعية، العمودية والأحادية الرؤية والاستراتيجية، ليشير إلى أن مضمون التنمية الترابية ينبع من مبادئ أساسية تتضمن الاهتمام بجميع المجالات الترابية للدولة الواحدة واعتبارها أجزاء مترابطة، إذا نما الجزء منها انتعش الكل. فالتنمية الترابية بهذا المعنى، هي التنمية التي تنطلق من خصوصيات الوسط الترابي وفق رؤية ترابية متكاملة، لا تتم بواسطة تدخل فاعل محلي دون آخر، وإنما تتم بواسطة سياسات متكاملة ومندمجة، تأخذ بعين الاعتبار مكونات المحيط والاعتبارات السوسيو اقتصادية و الخصوصيات الثقافية والتاريخية للوسط، وكذا الاختلالات السوسيو مجالية، وذلك في إطار من التكامل والتشارك بين مختلف المتدخلين في عملية إنماء التراب. ولذلك تركز التنمية الترابية على اعتماد المقاربة المندمجة والمقاربة التشاركية باعتبارهما آليتين تسمحان بتعدد الفاعلين وتدخلاتهم وفقا للتشخيص التشاركي لحاجيات الساكنة المحلية.*1*
ولقد عرف العالم اليوم مجموعة من التطورات على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية ،الأمر الذي أدى إلى تغيير تبني ظـــــهور أســـــلوب اللامركزية وذلك لتقريب الإدارة من المواطنين ،وقد اعتبرت هاته الأخيرة كتجربة رائدة على مستوى التدجبير المحلي ونموذجا لتـــــــحقيق الديمقراطية المحلية ،وأذا كانت العديد من الدول منذ استقلالها راهنت على خيار التنمية كحل للعديد من من الأزمات الداخلية التي تعاني منها .
ويستأثر هذا الموضوع باهتمام خاص من قبل جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء ،باعتباره القاعد الاساسية لكل تنمية ترابية حقيقية .
ويشكل قرار اعتماد الجهوية المتقدمة في المغرب في تدبير الفعل العمومي تطورا كبيرا ومؤشرا دالا على إعادة تغيير بنية الدولة ،وقد بداالاختيار الجهوي بالمغرب كأساس للتنظيم الترابي خلال عدة محطات كان أبرزها نظام الجهات الاقتصادية لسنة 1971،حيث كانت الرغبة في إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية هي السائدة ،دون أن ننسى أن الانتقال من الجهة من مجرد وحدة ذات بنية إدارية الى وحدة تنموية تعكس تصورا جديدا لدورها كجماعة ترابية في حل إشكالية التنمية المحلية باعتبارها الفضاء الجغرافي الأنسب والتنظيم الغداري الفعال في تدعيم الحكامة المحلية ،ويعتبر برنامج التنمية الجهوية أحد أسس و مرتكزات الجهوية المتقدمة بالمغرب باعتبارها وثيقة تعمل على تشخيص استراتيجي للتراب وتستشرف المسقبل المأمول والممكن للمجال الترابي الجهوي أخذا بعين الاعتبار إمكانيات وإكراهات المجال ، وأن هاته الوثيقة تستطيع تخطيط المسبق وتحديد مختلف السيناريوهات الممكن استغلالها مع إعطاء تصورات حول الانتقال نحو التغيرات والتحولات .
وتعتبر الجماعات الترابية أحد أسس العملية التنموية وذلك بحكم قربها من الساكنة والأدوار التمثيلية التي يمثلها المنتخبين نيابة عن الساكنة *2*
وبالنظر إلى الأدوار التي يمثلها المنتخبون فإنه إجمالا يمكن إبراز أهداف التنمية الترابية في الأهداف التالية :
– تحقيق العدالة المجالية
– الحد من الهجرة القروية من الأرياف إلى المدن
– تحقيق اللا تمركز الإداري وخلق مناطق جذب سكاني
– زيادة القدرة المالية للهيئات المحلية مما يساهم في استقلالها وتحقيق مبدأ التدبير الحر
– تكثيف أواصر التعاون والشراكة بين الجماعات الترابية
خلق مشاريع وفق تشخيص ترابي مجالي جهوي مبني على التخطيط والحكامة الترابية
– التنسيق الإداري وخلق التقائية بين جميع الفاعلين المحليين المتدخلين في المجال الترابي الجهوي
– خلق قيادات محلية قادرة على الترافع وفق مبادئ التسويق الترابي
– جذب استثمارات صناعية واقتصادية للمناطق والمجتمعات المجالية
– التسويق الترابي للمجال المحلي والإقليمي والجهوي
محاربة التفاوتات المجالية عبر مبدأالعدالة التوزيعية المبنية على اللاتمركز الإداري

 

وقد أكد لنا الدستور في الفصل 136ملامح التنظيم الجهوي الترابي التي يجب أن ترتكز على مبادئ التدبير الحر والتضامن. *3*
لكن بالنظر الى واقع حال الجماعات الترابية بالمغرب فإنه منذ تعزيز إصلاح النظام اللامركزي في المغرب بموجب دستور 2011فإن التطورات التي عرفها التنظيم الجهوي عرفت مجموعة من الاختلالات والمعيقات التي حالت دون نهج سياسة إعداد ناجحة وفعالة في التدبير ،وإذا كانت مختلف التفاوتات المجالية كانت بسبب التقطيع الترابي الذي يأتي في مقدمة الاختلالات ،فإن متطلبات التنمية الجهوية يجب ان تعتمد على مقاربة دقيقة لحل المشاكل الجهوية والمحلية كما ان هناك عدة آليات لتحقيق التنمية الترابية والجهويةويمكن إجمالها فيما يلي :
– التعاون كآلية لتحقيق التنمية الترابية والجهوية
– تعزيز الديمقراطية المحلية
وعلى الرغم من العديد من المبادئ والآليات إلا أن هناك العديد من الاكراهات مازالت تعترض التدبير الجهوي بالمغرب ولعل اهمها :
– ضعف الموارد المالية المخصصة للجهة
– الإنفاق العشوائي والتبذير المالي لايخذم التنمية المحلية
– هيمنة الرؤية القطاعية المركزية
– اشكالية النخب السياسية التي تظل من ابرز الإشكاليات الجوهرية التي تواجه الجهوية المتقدمة
– هيمنة قيم القرابة والقبيلة وسيادة المحسوبية والبرقطة والمحاباة والوساطة
– غياب اليات التتبع والمراقبة القانونية
– غياب التخطيط الاستراتيجي الذي يستنذ إلى برامج معينة وأهداف محددة
– عدم التجانس بين المكونات الترابية والهياكل الإدارية
– عوائق التقطيع الترابي الذي يستنذالى نظرة سياسية ضيقة وليست نظرة تنموية
نخلص في الأخير إلى الخلاصات التالية :
الخلاصة الاولى : أن النهوض بمستوى التنمية الترابية في المملكة المغربية يعتبر أحد الأهداف الرئيسية والجوهرية التي من أجلها نهج المغرب أسلوب اللاتمركز الإداري ومن شأن الرفع من هذا المستوى أن يعالج إشكالية التفاوتات المجالية ويحقق لنا عدالة مجالية من شأنها أن تكون مدخلا للدولة الاجتماعية .
الخلاصة الثانية :إن التخطيط الاستراتيجي الجهوي أصبح اليوم قاطرة للتنمية الترابية بالجهة ومن شأن تطوير الياته وتدبيره تدبيرا ناجعا أن يرفع لنا من مؤشرات التنمية الجهوية التي يمكنها أن تكون مدخلا لتحقيق الإصلاحات العميقة التي تصبو إليها الدولة .
لائحة المراجع والهوامش :
للمزيد من المعلومات انظر مقالة الاستاذ التهامي حبشي : من التنمية المحلية إلى التنمية الترابية (الحلقة الثالثة) جريدة BNEWS بتاريخ 20/05/2018
انظر رشيد السعيد “مدى مساهمة اللامركزية واللاتمركز الإداري في دعم الجهوية “أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ص 48
انظر محاضرات الأستاذ الجامعي لزعر محمد حول الجهة والجهوية كرونولوجيا التصميم الجهوي في المغرب ص5

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!