أخبارسياسة

الجزائر تفشل في استمالة إيطاليا عبر الشراكة الاقتصادية وميلوني تحافظ على موقف دبلوماسي متوازن في ملف الصحراء الغربية

تجنب ميلوني الخوض المباشر في النزاع الصحراوي يعكس رفض إيطاليا استغلال العلاقات الاقتصادية للضغط السياسي مع تأكيد دعم الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة

في سياق السعي إلى تعزيز أطروحاتها حول الصحراء، تجدر الإشارة إلى أن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى روما (يوليو 2025) جاءت بهدف استمالة إيطاليا إلى صفها، واستغلال الاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة بين البلدين كورقة ضغط لدعم موقف الجزائر في هذا الملف الشائك.
وتحاول الجزائر من خلال توطيد شراكتها الاقتصادية مع روما، خاصة في مجال الطاقة حيث تعتبر الشريك الأول لإيطاليا في أفريقيا، الدفع بإيطاليا إلى تبني موقف أكثر قرباً من وجهة النظر الجزائرية حول قضية الصحراء الغربية. وتأتي الزيارة لتدعيم الروابط الثنائية عبر توقيع اتفاقيات مهمة في الدفاع والطاقة ومكافحة الإرهاب والاستثمار، في محاولة لاستثمار هذه الشراكة في التأثير على الموقف الإيطالي الرسمي من الملف الصحراوي.
ومع ذلك، ورغم حجم التعاون الاقتصادي والسياسي المتنامي، ظل موقف إيطاليا يتسم بالحذر والتوازن. فقد تجنبت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، الخوض المباشر في قضية الصحراء، الأمر الذي اعتبره متابعون صفعة دبلوماسية للجزائر وسلوكاً يدل على رفض روما الانخراط في أجندة جزائرية أحادية بشأن النزاع. وأشير أيضاً إلى أن البيان المشترك بين البلدين رغم تأكيده على ضرورة إيجاد حل سياسي عادل ومستدام يمكن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير وفق قرارات الأمم المتحدة، إلا أنه اتسم بعمومية الوصف وافتقر لأي تأييد صريح لموقف الجزائر الحازم بخصوص حق تقرير المصير.
الجزائر من جانبها حرصت على التأكيد في روما على تمسكها بحل سياسي مبني على قرارات الشرعية الدولية، وشددت على أهمية استمرار الجهود الأممية ومسار المفاوضات دون شروط مسبقة، في حين ظل التصور الإيطالي يميل إلى مقاربة متوازنة تدعم جهود الحل السلمي وتتفادى الانحياز الصريح لأي طرف. وقد أظهر الموقف الإيطالي أن علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر لا تعني بالضرورة استبدال الحياد الدبلوماسي بمواقف سياسية، وهو ما تبين بوضوح في رفضها استخدام الاتفاقيات الاقتصادية كسلاح ضغط في الملف الصحراوي.
هذه الديناميكية الدبلوماسية تظهر كيف تحاول الجزائر المزج بين القوة الاقتصادية والدبلوماسية لدفع روما إلى الاصطفاف معها، في حين تفضل إيطاليا الحفاظ على سياسة براغماتية تستند إلى المصالح المتبادلة ولكن مع إبقاء المسافة السياسية الكافية للعب دور الوسيط أو الطرف المحايد في قضية الصحراء الغربية.
وفي المحصلة، لم تنجح الجزائر في جر إيطاليا إلى مربع الدعم الكامل لأطروحاتها، رغم الاستثمارات والاتفاقيات والمصالح المشتركة، ليبقى الموقف الإيطالي محكوماً بقواعد الحذر والتفاهم الدبلوماسي المتوازن في منطقة متقلبة.

وكالات

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!