الشباب المغربي بين الأولويات والتحديات: محطة مراكش تسلط الضوء على انتظارات الجيل الجديد

علاش بريس
احتضنت مدينة مراكش، يوم السبت 21 يونيو 2025، فعاليات اللقاء الجهوي السادس تحت عنوان: “الشباب المغربي: الأولويات والتحديات”، والذي نظمه المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، بشراكة مع مركز “أفرو-ميد” وبدعم من مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية – مكتب المغرب. ويأتي هذا اللقاء ضمن مشروع “الدينامية الشبابية من أجل المشاركة المواطنة”، الذي يهدف إلى تعزيز انخراط الشباب في الشأن العام وتفعيل أدوارهم داخل المجتمع، وفق مقاربات ترتكز على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
عرف اللقاء، الذي احتضنته دار المنتخب بمراكش، مشاركة فاعلين مدنيين ومؤسساتيين، إلى جانب شباب من مختلف أقاليم جهة مراكش – آسفي. وشكل فرصة لطرح نقاش جماعي مفتوح حول موقع الشباب في السياسات العمومية الجهوية، ومدى استفادتهم من الفرص المتاحة، مقابل التحديات التي ما تزال تحد من مشاركتهم الفعلية في الحياة العامة.
فرص واعدة تنتظر تفعيلًا مندمجًا
سلّط المشاركون الضوء على جملة من المقومات التي تزخر بها الجهة، والتي تشكل أرضية ملائمة لتمكين الشباب، أبرزها الإطار القانوني الوطني الداعم لمشاركتهم، وتوفر البنية التحتية والفعاليات الجمعوية النشيطة، إلى جانب وجود برامج وطنية موجهة كبرنامج “فرصة”. كما تمت الإشارة إلى الموقع الجغرافي والاقتصادي الاستراتيجي للجهة، وما تزخر به من مؤهلات طبيعية وبشرية تُعدّ رافعة للتنمية المحلية.
تحديات متعددة تعرقل انخراط الشباب
في المقابل، سجل المشاركون وجود عدد من التحديات الهيكلية، من بينها ضعف استفادة الشباب القروي من البرامج العمومية، وغياب الاستدامة في المبادرات الموجهة إليهم، إضافة إلى هشاشة التوجيه المدرسي والمهني في المراحل الأولى من التعليم، والعزوف المتنامي عن المشاركة السياسية نتيجة فقدان الثقة. كما تم التنبيه إلى الفجوة الرقمية في العالم القروي، وصعوبة الولوج إلى الفعل الجمعوي في المناطق المهمشة، وغياب تكامل السياسات بين أقاليم الجهة، إلى جانب غياب تصور موحد لتعريف “الشباب”، ما يصعب صياغة سياسات دقيقة وفعالة.
توصيات عملية نحو إشراك أوسع للشباب
في ختام اللقاء، تم بلورة مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تجاوز الإشكالات المطروحة، أبرزها: ضرورة ضمان استمرارية البرامج الموجهة للشباب، وتعزيز روح الانتماء والهوية الثقافية، وإنشاء منصات حوار منتظمة بين الشباب والفاعلين السياسيين، إلى جانب ربط التكوين بسوق الشغل وتطلعات الجيل الجديد. كما دعا المشاركون إلى تمكين الشباب القروي، وإنشاء حاضنات شبابية تهتم بالتكوين والمواكبة، مع التأكيد على أهمية العدالة المجالية وتقليص الفوارق بين المركز والهامش. كما نُوّه بضرورة إصلاح منظومة التعليم وربط المدرسة والجامعة بمطالب الشباب.
يعكس هذا اللقاء الجهوي دينامية وطنية تتنامى على مستوى الجهات، تروم إعادة الاعتبار لدور الشباب في التنمية، وإشراكهم كقوة اقتراحية وفاعلة في بلورة السياسات العمومية على المستوى الترابي. ويشكل هذا اللقاء حلقة ضمن مسار طويل، يعكس إيمان المنظمين بأن الشباب ليسوا فقط فاعلين مستقبليين، بل شركاء حقيقيون في الحاضر.