الإشاعة هي معلومات زائفة تنتشر بسرعة بين الناس، غالبًا بدون مصدر موثوق، مما يجعلها مثيرة للفضول. تتنوع أهداف الإشاعات، منها الربحي والسياسي، وتنتشر بشكل أكبر في المجتمعات غير المتعلمة.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تسريع انتشارها، مما يستدعي ضرورة التحقق من المعلومات.
تنتشر الإشاعات في المجتمعات الحديثة بسبب عدة عوامل:
تكنولوجيا الاتصال حيث تساهم وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة في نشر المعلومات بسرعة فائقة، مما يسهل تداول الشائعات.
الفضول البشري نتيجة ميل الناس إلى تبادل المعلومات المثيرة، مما يعزز انتشار الشائعات.
تزداد الشائعات في أوقات الأزمات والغموض: ، حيث يبحث الناس عن معلومات في ظل غياب الحقائق الواضحة.
كما أن نقص الوعي وتدني مستوىاه بمخاطر الشائعات يجعل الأفراد أكثر عرضة لتصديقها ونشرها.
يمكن للسياسات العامة محاربة الإشاعات من خلال عدة استراتيجيات:
تعزيز الثقة: بناء الثقة في البلاغات الرسمية عبر الشفافية والمصداقية، مما يقلل من فرص انتشار الشائعات.
التشريع: تطبيق قوانين تعاقب على نشر الأخبار الزائفة، كما فعلت بعض الحكومات التي أصدرت قوانين لمكافحة الإشاعات.
التوعية: نشر برامج توعوية لتعريف الجمهور بمخاطر الشائعات وكيفية التحقق من المعلومات.
الرصد والتفاعل: إنشاء مراكز لرصد الشائعات وتقديم معلومات دقيقة في الوقت المناسب، مما يساعد في دحض المعلومات المغلوطة بسرعة.
كما تلعب الصحافة دورًا حيويًا في محاربة الإشاعات من خلال عدة آليات:
التوعية والتوجيه: يساهم الصحفيون في توعية الجمهور حول صحة المعلومات، مما يساعد في مكافحة الأخبار الكاذبة.
التحقق من المعلومات: يجب على الصحفيين التأكد من مصادر المعلومات قبل نشرها، مما يحد من انتشار الشائعات.
الاستجابة السريعة: عند رصد إشاعات، ينبغي على الصحفيين نشر الحقائق بسرعة لدحض المعلومات المغلوطة.
تعزيز الشفافية: من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، يمكن للصحافة أن تبني الثقة مع الجمهور وتقلل من تأثير الشائعات.
يمكن للصحفيين استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات للتحقق من صحة المعلومات، منها:
أدوات البحث المعكوس: مثل Google Images وTinEye، التي تساعد في تحديد مصدر الصور والتحقق من صحتها.
مواقع تدقيق الحقائق: مثل Snopes.com وHuriSearch، التي تقدم معلومات موثوقة حول الأخبار والشائعات.
تحليل البيانات: استخدام برامج مثل Excel وTableau لتحليل البيانات واستخراج الأنماط.
المصادر المفتوحة: الاعتماد على OSINT (Open Source Intelligence) للبحث عن معلومات دقيقة من مصادر موثوقة.
التطبيقات المتخصصة: مثل InVID We Verify لفحص الفيديوهات، وWayback Machine لاسترجاع النسخ القديمة من الصفحات.
موضوع الشائعات تناوله باحثون من كل المجتمعات والتوجهات وأصدروا مؤلفات تشرح الظاهرة وتحللها .
تناول الدكتور محمد سيد طنطاوى فى كتابه الشائعات الكاذبة وكيف حاربها الإسلام ، أثر الشائعات الكاذبة فى شيوع الفوضى فى المجتمع، وكيف عالجتها الشريعة الإسلامية معرفا الشائعة بأناها كلام يشاع بين الناس من دون التثبّت من مصدره أو معرفة مدى صحّته من كذبه ويعدد أنواعها فيقول: إنها قد تستهدف الفرد من خلال تشويه سمعته كالشائعات التى تستهدف أعراض الناس وحرماتهم، وقد تكون الشائعة على مستوى الدولة والمجتمع من خلال الشائعات التى تستهدف نشر الفوضى والبلبلة فى المجتمع وإحداث مشاعر الخوف والرعب فيه لتحقيق مآرب دنيئة ومثال على ذلك الإخباريات التى تصدر بين الحين والآخر من أناسٍ بادعاء وجود قنبلة فى مكان ما ولا يكون لهذا الخبر أى دليلٍ أو حقيقة على أرض الواقع.
ويؤكد أن الإسلام حارب مشكلة الشائعات والأخبار الكاذبة من خلال وسائل عديدة نذكر منها: حث المسلمين على حفظ اللّسان وقلّة الكلام، فقد ذكر النّبى عليه الصّلاة والسّلام فضائل قلّة الكلام فى أكثر من مناسبة، ففى الحديث الشّريف (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، وفى الحديث الآخر قوله عليه الصّلاة والسّلام : (المسلم من سلم المسلمون لسانه ويده)، فالمسلم مأمورٌ إذن بأن يحفظ لسانه عن الخوض فى أعراض النّاس ومنهى عن كثرة الكلام؛ لأنّ كثرة الكلام هو مظنّة الزّلل والخطأ.
أما الكاتب الفرنسى جان نويل كابفيرير يؤكد في كتاب الشائعات ، الاعتقاد السائد حول أن الشائعة ظاهرة غامضة، فهى تطير وتزحف وتعدو وتنطلق متعرجة، وهذا ما يجعلها على الصعيد المادى أشبه بحيوان مباغت وسريع الحركة ، من المتعذر أسره ، وتعيين انتمائه إلى فصيلة ما.
كتاب “الشائعات” لمؤلفه الفرنسي يطرح فرضية محورية مفادها أن هذا الاعتقاد خاطئ، فالشائعات أبعد ما تكون عن الغموض، بل إنها تخضع لمنطق قوي من الممكن تفكيك آلياته، وفى هذه الأيام بات من السهل تقديم إجابات مفصلة عن الأسئلة الكبيرة التى تثيرها الشائعات، فمن أين تنشأ؟ وكيف تتبلور؟ ولماذا تظهر فى وقت ما فى مجموعة محددة أو مكان معين؟
وفي نفس السياق ،يتناول كتاب المؤلف السعودى عباس بن رجاء الحربى قضية تعاطى وسائل الإعلام مع الشائعات فى كتابه هذا كما يعرج على ظاهرة سطوة المفاهيم التجارية على القواعد المهنية فى بعض الحالات على وكالات الأنباء بالشكل الذى يجعل وسائل الإعلام فى بعض الحالات تخضع لأنواع معينة من الشائعات.
وفي هذا الصدد نذكر بأن المشرع المغربي قد سن قانونا دخل حيز التنفيذ في 01 شتنبر 2018 لمحاربة الإشاعة ونشر الأخبار الزائفة، ونشر الصور دون موافقة أصحابها حيز التنفيذ ابتداء من اليوم السبت فاتح شتنبر.
وينص هذا القانون على السجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، والغرامة المالية من ألفين إلى 20 ألف درهما، كل من قام عمدا وبكل وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها.
وتنطوي نفس العقوبات، على كل شخص قام عمدا وبأي وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع، صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، من دون موافقته.
ويروم هذا القانون الجديد معاقبة ومتابعة ناشري المعلومات الشخصية وكذا الاشاعات والأخبار الكاذبة، من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد وأيضا من أجل دعم الوعي الجماعي وسلوك المواطنة.