أخبارإقتصادجهاتمجتمع

العيد بين الروحانية والواقع: ضعف الوعي وتوجيهات جلالة الملك محمد السادس أمير المؤمنين

إعفاء الشعب من شعيرة النحر ودور التوعية في استعادة المعنى الحقيقي للعيد

مع اقتراب عيد الأضحى، تتجلى ظاهرة مؤسفة تعكس ضعف الوعي الديني والاجتماعي لدى شريحة كبيرة من الناس، حيث يختزل كثيرون مفهوم العيد في جانب مادي ضيق، يتمثل في اللحم والبولفاف فقط. هذا الفهم السطحي لا يعكس جوهر العيد الحقيقي، الذي هو مناسبة روحية واجتماعية عميقة، تتطلب فهماً وتصرفات تتماشى مع تعاليم الدين وقيم المجتمع.
المشكل كبير، إذ أن أغلبية الناس ينظرون إلى العيد من منظور مادي بحت، يقتصر على اللحوم التي يتم ذبحها والاحتفالات الشعبية، دون إدراك المعاني الدينية والروحية التي يحملها العيد. هذا الاختزال ينعكس سلباً على سلوكيات الأفراد والمجتمعات، ويُفقد العيد قيمته الحقيقية كفرصة للتقرب إلى الله وتعزيز الروابط الاجتماعية والتكافل.
من الناحية الشرعية، يؤكد الفقه الإسلامي أن نحر الأضحية لا يجوز إلا بعد أداء صلاة العيد، وهي سنة مؤكدة لا يجوز تجاوزها. الصلاة هي الركن الأساسي الذي يفتتح به المسلمون يوم العيد، وهي تعبير عن الشكر والامتنان لله، وتوحيد للمجتمع في لحظة روحية مشتركة. تجاوز هذا الشرط يعكس ضعف الوعي الديني، ويؤدي إلى تفريط في سنة مؤكدة، مما يضعف من روحانية العيد ويشوه ممارساته.
ورغم التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس التي تؤكد على أهمية الالتزام بالشعائر الدينية الصحيحة، ومنها أداء صلاة العيد قبل النحر، إلا أن جلالته أصدر قراراً استثنائياً في رسالة سامية تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، يدعو فيه شعبه العزيز إلى عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية هذه السنة، مراعاة للظروف الاقتصادية والاجتماعية والمناخية التي يمر بها الوطن، والتي أدت إلى تراجع كبير في أعداد الماشية. وجاء في الرسالة الملكية:
“إن عيد الأضحى سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضرراً محققاً بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود… ومن منطلق الأمانة المنوطة بنا كأمير المؤمنين والصهر الأمين على إقامة شعائر الدين، نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، وسنقوم إن شاء الله بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا، وسيراً على سنة جدنا” .
هذا القرار الملكي الحكيم يعكس حرص جلالته الدائم على تخفيف الأعباء عن شعبه، وسهره المستمر على تحقيق العيش الكريم لكل المغاربة، مع المحافظة على روحانية العيد وقيمه الدينية والاجتماعية.
في هذا السياق، يظل قول الإمام الشافعي الحكيم: “نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا” أكثر من مجرد حكمة، بل هو مرآة تعكس مسؤوليتنا الجماعية والفردية في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز الوعي الديني والثقافي، والعمل على إعادة العيد إلى معناه الحقيقي.

🛑خطوات نحو الحل
👈🏼التوعية الدينية: تنظيم حملات توعية عبر المساجد ووسائل الإعلام لتوضيح معاني العيد الحقيقية وأحكامه الشرعية.

👈🏼التربية الأسرية: تعزيز دور الأسرة في غرس القيم الدينية والثقافية الصحيحة لدى الأبناء.

👈🏼البرامج الثقافية: إقامة فعاليات تربط بين العيد وقيم التضحية والتكافل الاجتماعي.

👈🏼الالتزام الشرعي: تشجيع الالتزام بأداء صلاة العيد قبل النحر، وتوضيح الحكمة من ذلك.

لنختم بأن العيد ليس مجرد مناسبة للاحتفال المادي، بل هو تجربة روحية واجتماعية عظيمة يجب أن نعيها ونعمل على تعزيزها. الوعي الديني والثقافي هو السبيل الوحيد لإحياء قيم العيد الحقيقية، وتحويله من لحظة فرح مادية إلى مناسبة روحانية واجتماعية متكاملة. فلنبدأ بأنفسنا، ولنكن قدوة في احترام السنة والتمسك بتعاليم ديننا الحنيف، لنرتقي بأعيادنا إلى ما يليق بها من مكانة وقيمة، مستلهمين التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي لم يتوانَ عن اتخاذ قرارات جريئة تخفف عن شعبه الأعباء، وتؤكد حرصه على مصلحة الأمة وكرامتها.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!