
في واقعة برلمانية أثارت جدلاً واسعاً داخل مجلس النواب المغربي، تقدم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بطلب مستعجل إلى رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، لفتح تحقيق مع محمد أوزين، البرلماني والأمين العام لحزب الحركة الشعبية، على خلفية ما وصفه الفريق بـ”عبارات مشينة” و”تلميحات غير أخلاقية” صدرت عن أوزين خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية التي انعقدت يوم الاثنين 5 ماي 2025.
📍في التفاصيل :
جاءت الأزمة إثر تدخل أوزين، الذي كان يرأس الجلسة، في نقاش حول نقط النظام، حيث رفض السماح لرؤساء فرق الأغلبية بالرد على تدخلات بعض النواب، ووجه عبارة “أرفض هاذ النماذج” في إشارة إلى النائب العياشي الفرفار من الفريق الاستقلالي، ما اعتبره الأخير إساءة مباشرة واتهاماً ضمنياً بسلوك غير أخلاقي، وهو ما نفاه الفرفار تماماً، مؤكداً تمسكه بالاحترام المتبادل والآداب البرلمانية.
أثار هذا التصرف موجة من الاستياء داخل المجلس، حيث اعتبره عدد من النواب تجاوزاً لصلاحيات رئيس الجلسة، الذي يفترض به أن يكون وسيطاً محايداً يحافظ على سير النقاشات بشكل منظم ومحترم.
وعبر الفريق الاستقلالي عن استنكاره الشديد لهذا التصرف، مؤكدًا على ضرورة احترام القواعد الأخلاقية والسلوكية داخل المؤسسة التشريعية، ومطالبًا بإحالة الموضوع على لجنة الأخلاقيات البرلمانية للتحقيق في الواقعة، حفاظاً على مكانة المجلس وكرامة النواب.
من جهته، قدم محمد أوزين اعتذاراً رسمياً عقب تصاعد التوتر، معتبراً أن عبارته قد أسيء فهمها، وسحبها في محاولة لتهدئة الأجواء، بينما عبر النائب العياشي الفرفار عن استعداده لتجاوز الخلاف، مؤكداً على أهمية الحوار واحترام الاختلافات داخل البرلمان.
ومن ال تصريحات القرضاوي في هذا الصدد ،قال رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب في تصريح خاص
“إن مجلس النواب يولي أهمية قصوى للحفاظ على الأخلاقيات البرلمانية، وسيتم التعامل مع هذا الموضوع بكل جدية من خلال لجنة الأخلاقيات، لضمان بيئة عمل محترمة تليق بمؤسسة دستورية تمثل إرادة الشعب.”
وفي نفس السياق ،أكد مصدر مقرب من حزب الحركة الشعبية أن “الأمين العام محمد أوزين يعترف بأهمية احترام قواعد النقاش البرلماني، ويعمل على تجاوز هذه الحادثة بما يحفظ وحدة الأغلبية واستقرار المجلس.”
وقال الدكتور حسن المريني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس:بأن “هذه الحادثة تعكس توتراً متزايداً في الخطاب السياسي داخل البرلمان، وهو أمر طبيعي في ظل الضغوط السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، لكن من الضروري أن يتم ضبط هذا الخطاب عبر آليات مؤسساتية فعالة، لأن البرلمانيين هم قدوة في التعبير الديمقراطي.”
كما أضافت الباحثة في الشأن البرلماني، سعاد العلوي:
“البرلمان ليس فقط مكاناً للنقاش السياسي، بل هو فضاء للتربية السياسية، لذلك يجب تعزيز برامج تدريب النواب على آداب الحوار وأخلاقيات العمل السياسي، كما أن دور لجنة الأخلاقيات يجب أن يكون أكثر وضوحاً وفعالية.”
تأتي هذه الحادثة في ظل أجواء سياسية متوترة تشهدها الساحة البرلمانية المغربية، حيث تتصاعد الخلافات بين فرق الأغلبية والمعارضة، بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تنعكس على أداء المؤسسات التشريعية.
إن تكرار مثل هذه الحوادث يعكس حالة من الاحتقان وعدم الانسجام داخل المجلس، مما قد يؤثر على فعالية العمل البرلماني ويضعف صورة المؤسسة في نظر الرأي العام.
وتعكس هذه الواقعة تحديات كبيرة تواجه المجلس في ما يتعلق بضبط الخطاب البرلماني والحفاظ على قواعد الاحترام المتبادل، خاصة مع انتقال بث الجلسات بشكل مباشر إلى الجمهور، مما يضاعف مسؤولية النواب في تقديم نموذج حضاري وراقي.
ومن الضروري أن يعيد مجلس النواب النظر في آليات الرقابة على السلوك البرلماني، وتعزيز دور لجنة الأخلاقيات لتكون أكثر فاعلية في معالجة التجاوزات، مع اعتماد برامج تدريبية للنواب حول آداب الخطاب وأخلاقيات العمل السياسي.
كما يجب تعزيز ثقافة الحوار البناء والاحترام المتبادل بين الفرق البرلمانية، والعمل على تفادي التصعيد الإعلامي الذي قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل المؤسسة.
وفي الختام، فإن هذه الحادثة ليست مجرد خلاف عابر، بل مؤشر على ضرورة إصلاحات مؤسساتية وأخلاقية لضمان بيئة سياسية صحية، تحترم قواعد الديمقراطية وتلبي تطلعات المواطنين في تمثيل نزيه ومسؤول.