أخبارجهاتسياسة

المجلس الإقليمي للعمالة أو الإقليم بين حرية التسيير و الرقابة الإدارية في ظل دستور 2011

محمد ايت موحتا

تنص المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات و الأقاليم على أن العمالة أو الإقليم جماعة ترابية خاضعة للقانون العام، تتمتع بالشخصية الاعتبارية و الاستقلال الإداري و المالي. و تشكل أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة. يدبر شؤون العمالة أو الإقليم مجلس ينتخب أعضاؤه و تتكون أجهزة المجلس من مكتب و لجان دائمة و كاتب للمجلس و نائبه يتألف مكتب المجلس من رئيس و نواب للرئيس.

تضع الدولة، خلال مدة انتداب مجالس العمالات والأقاليم الآليات والأدوات اللازمة لمواكبة و مساندة العمالة أو الإقليم لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها وممارسة الاختصاصات الموكولة إليها ولهذه الغاية، تقوم الدولة بتحديد الآليات لتمكين المنتخبين من دعم قدراتهم التدبيرية عند بداية كل انتداب جديد؛ وضع أدوات تسمح للعمالة أو الإقليم بتبني أنظمة التدبير العصري ولا سيما مؤشرات التتبع والإنجاز والأداء وأنظمة المعلومات؛ وضع آليات للتقييم الداخلي و الخارجي المنتظم مع تمكين مجلس العمالة أو الإقليم من المعلومات والوثائق الضرورية للقيام بممارسة صلاحياته

ومن بين ما جاء في هذا القانون هو تفعيل مجموعة من المبادئ المنصوص عليها في الدستور كإقرار مبدأ التدبير الحر الذي يخول بمقتضاه لكل عمالة أو إقليم سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مقرراتها ومداولاتها، طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ تفعيل مبدأ التفريع كأساس لتحديد الاختصاصـــات (الذاتية، المشتركة، المنقولة) لكل عمالة أو إقليم؛ اعتماد مبدأي التدرج في الزمان، والتمايز في المجال عند ممارسة الاختصاصات المشتركة أو عند نقلها؛ تعزيز التعاون والتشاور والتكامل من خلال تمكين العمالة أو الإقليم ممارسة اختصاصات بالوكالة عن كل أو بعض الجماعات الموجـــودة بترابها وتشجيع الإشراف المنتدب على المشاريع و مأسسة مبدأي التعاون والتضامن بين الجماعات الترابية.
كما خول الدستور و القانون التنظيمي رقم 112.14 لعامل العمالة أو الإقليم الحق في ممارس المراقبة الإدارية على شرعية قــــرارات رئيـــــس المجلس و مقرارات مجلس العمالة أو الإقليم و كل نزاع في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الإدارية.

فما هي صلاحيات كل من رئيس المجلس الإقليمي او العمالة و عامل العمالة أو الإقليم فيما يخص تدبير شؤون المجلس العمالة أو الإقليم؟
 
   
صلاحيات رئيس مجلس العمالة أو الإقليم

يقوم رئيس مجلس العمالة أو الإقليم بتنفيذ مداولات المجلس و مقرراته. و يتخذ جميع التدابير اللازمة لذلك، و لهذا الغرض: كتنفيذ برنامج تنمية العمالة و الميزانية ، تنظيم إدارة العمالة، قرارات إحداث أجرة الخدمات المقدمة و تحديد سعرها ، تحذيذ سعر الرسوم و الأتاوى، تنفيذ العقود المتعلقة بالقروض في حدود ما يقرره مجلس العمالة أو الإقليم. كما يتخذ الإجراءات اللازمة لتدبير المرافق العمومية التابعة للإقليم…..الخ
 
يعتبر رئيس المجلس الآمر بقبض مداخيل العمالة أو الإقليم و صرف نفقاتها.  و يرأس مجلسها و يمثلها بصفة رسمية في جميع أعمال الحياة المدنية و الإدارية و القضائية و يسهر على مصالحها طبقا لأحكام هذا القانون التنظيمي و القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل.
  يسير المصالح الإدارية للعمالة أو الإقليم، و يعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بها، و يسهر على تدبير شؤونهم، و يتولى التعيين في جميع المناصب بإدارة العمالة أو الإقليم طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل. ويجوز له تعيين مكلفين بمهمة اثنين على الأكثر يشتغلان تحت إشراف  “مدير الرئاسة و المجلس” المنصوص عليه في المادة 120 من القانون112.14.

 يتولى رئيس مجلس العمالة أو الإقليم حفظ جميع الوثائق التي تتعلق بأعمال المجلس و جميع المقررات و القرارات المتخذة و كذا الوثائق التي تثبت التبليغ و النشر. كما إعداد برنامج تنمية العمالة أو الإقليم عبر إعداد الميزانية؛ إبرام صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات و رفع الدعاوى القضائية و يصادق رئيس المجلس أو من يفوض إليه ذلك على صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات. و يجوز له ،تحت مسؤولية و مراقبته، أن يفوض إمضاءه بقرار إلى نوابه باستثناء التسيير الإداري و الأمر بالصرف. كما يمكنه أن يفوض لنوابه بقرار بعض صلاحيته شريطة أن ينحصر التفويض في قطاع واحد لكل نائب، و ذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون التنظيمي.و أن يفوض إمضاءه بقرار في مجال التسيير الإداري للمدير العام للمصالح. كما يجوز له، باقتراح من المدير العام للمصالح، أن يفوض بقرار إمضاءه، إلى رؤساء أقسام و مصالح إدارة العمالة أو الإقليم. و يمكنه أن يسند، تحت مسؤوليته و مراقبته، إلى المدير العام للمصالح تفويضا في الإمضاء، نيابة عنه، على الوثائق المتعلقة بقبض مداخيل العمالة أو الإقليم و صرف نفقاتها.
 
و عملا بمقتضيات المادة 104 و المادة 105 ،يقدم الرئيس عند بداية كل دورة عادية تقريرا إخباريا للمجلس حول الأعمال التي قام بها في إطار الصلاحيات المخولة له. و إذا تغيب الرئيس أو عاقه عائق لمدة تفوق شهرا، خلفه مؤقتا، بحكم القانون، في جميع صلاحياته أحد نوابه حسب الترتيب، و في حالة عدم وجود نائب، عضو من المجلس يختار وفق الترتيب التالي:   أقدم تاريخ للانتخاب و ا كبر السن عند التساوي في الأقدمية.

رغم ان المشرع من خلال دستور 2011 و القانون التنظيمي 112.14 أعطى الحرية لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم في التدبير و التسيير و امارة الصرف و السلطة التنفيذية إلا أن هذه الحرية مقيدة بالمراقبة الإدارية و بقيت من اختصاص عامل العمالة أو الإقليم.
 

نطاق تدخل عامل العمالة أو الإقليم في عمل مجلس العمالة أو الإقليم
 
استنادا إلى المواد 106 إلى 109من القانون التنظيمي للعمالات و الأقاليم و تطبيقا لمقتضيات  الفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، يمارس عامل العمالة أو الإقليم المراقبة الإدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس و مقرارات مجلس العمالة أو الإقليم. كل نزاع في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الإدارية.
 و تعتبر باطلة بحكم القانون المقررات و القرارات التي لا تدخل في صلاحيات مجلس العمالة أو الإقليم أو رئيسه أو المتخذة خرقا لأحكام القانون التنظيمي 112.14 و النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل. و تبت المحكمة الإدارية في طلب البطلان بعد إحالة الأمر إليها في كل وقت و حين من قبل عامل العمالة أو الإقليم.
 
كما يتعين  تبليغ نسخ من محاضر الدورات و مقررات مجلس العمالة أو الإقليم، و كذا نسخ من قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية إلى عامل العمالة أو الإقليم داخل أجل لا يتعدى عشرة (10) أيام من العمل الموالية لتاريخ اختتام الدورة أو لتاريخ اتخاذ القرارات المذكورة، و ذلك مقابل وصل.
 
ومن حق   عامل العمالة أو الإقليم ان يتعرض على النظام الداخلي للمجلس و على المقررات التي لا تدخل في صلاحيات مجلس العمالة أو الإقليم خرقا لأحكام  هذا القانون  التنظيمي و النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل، و يبلغ تعرضه معللا إلى رئيس مجلس العمالة أو الإقليم داخل أجل لا يتعدى ثلاثة (3) أيام من أيام العمل ابتداء من تاريخ التوصل بالمقرر و يترتب على التعرض إجراء المجلس لمداولة جديدة في شأن المقرر المتخذ.
 
إذا أبقى المجلس المعني على المقرر موضوع التعرض، أحال عامل العمالة أو الإقليم الأمر إلى القضاء ألاستعجالي لدى المحكمة الإدارية  الذي يبت في طلب إيقاف تنفيذ داخل أجل 48 ساعة ابتداء من تاريخ تسجيل هذا الطلب بكتابة الضبط لديها، و يترتب على هذه الإحالة وقف تنفيذ المقرر إلى حين بت المحكمة في الأمر.
 
تبت المحكمة الإدارية في طلب البطلان داخل أجل لا يتجاوز ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ التوصل به، و تبلغ المحكمة وجوبا نسخة من الحكم إلى عامل العمالة أو الإقليم و رئيس المجلس المعني داخل أجل عشرة (10) أيام بعد صدوره.
 
تكون مقررات المجلس قابلة  للتنفيذ بعد انصرام أجل التعرض المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذه المادة في حالة عدم التعرض عليها.
 
لا تكون مقررات المجلس التالية قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة أو الإقليم، داخل أجل عشرين (20) يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس، غير أن المقررات المتعلقة بالتدبير المفوض للمرافق و المنشآت العمومية التابعة  للعمالة أو الإقليم و بإحداث شركات التنمية يؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل نفس الأجل المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه و يعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من المقررات المذكورة بعد انصرام الأجل المنصوص عليه أدناه، بمثابة تأشيرة.

من خلال القراءة المتأنية للفصل 145 من دستور 2011 و المواد 106 إلى 109 من القانون التنظيمي 112.14 يتضح أن التأشيرة هي الوسيلة الأساسية المعتمدة في الممارسة العملية لتفعيل المراقبة الإدارية على مجالس الجماعات أو الأقاليم. وهي لذلك تشكل المعيار الأساسي لقياس مدى هامش حرية المبادرة والتدبير الحر لهذه الوحدات الإدارية مقارنة مع البطلان وقابلية البطلان. وان كل نزاع أو اختلاف في تدبير شان المجلس العمالة أو الإقليم هو من اختصاص القضاء و لا يدخل في نطاق اختصاصات وزارة الداخلية كما كان منصوصا عليه في القوانين السابقة لدستور 2011 للملكة المغربية الشريفة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!