سياسة

المجلس الجماعي لبوزنيقة يفعّل المقتضيات القانونية ضد الأعضاء المتغيبين

يستعد المجلس الجماعي لبوزنيقة لعقد دورة استثنائية يوم الأربعاء 10 شتنبر 2025، وذلك استجابة لمراسلة رسمية من طرف عامل إقليم بنسليمان مؤرخة في 3 شتنبر 2025، حث فيها المجلس على تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بغياب بعض الأعضاء، طبقاً لمقتضيات المادتين 37 و67 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

وتتضمن نقاط جدول أعمال هذه الدورة الاستثنائية معاينة الغياب المتكرر لعدد من الأعضاء الذين تجاوزوا خمس دورات متتالية دون مبرر مقبول أو إشعار رسمي، الأمر الذي يفتح الباب أمام اتخاذ قرارات بالإقالة وفق ما يتيحه القانون التنظيمي.

في هذا السياق، يرى متتبعون للشأن المحلي أن الإقالة الناتجة عن الغياب غير المبرر ليست مسألة تقديرية تُترك لتصويت باقي الأعضاء، بل هي نتيجة قانونية مباشرة تتحقق بمجرد استيفاء الشروط المنصوص عليها في النص. فعبارة “يُعتبر مقالًا بحكم القانون” قاعدة صريحة تمنع إخضاع الوضعية للتصويت أو النقاش، إذ يكفي تحقق شرط الغياب، ليتحول أثره تلقائيًا إلى فقدان العضوية، والمجلس لا يملك سوى دور المعاينة.

المادة 67 لم تترك مجالًا للتأويل، فهي تنص بوضوح على أن الغياب المتكرر يؤدي إلى الإقالة بحكم القانون، دون حاجة إلى قرار المجلس. والتصويت في هذه الحالة يُفرغ النص من مضمونه ويمنح المجالس سلطة لم يقصدها المشرع، بل يفتح الباب أمام التسييس والتحكم في مصير الأعضاء على خلفية الانتماءات، بينما المشرع وضع قاعدة عامة تسري على الجميع دون تمييز.

وتتمة للنقاش القانوني الدائر حول وضعية الأعضاء المتغيبين، يبرز تساؤل أوسع يتعلق بحدود اختصاصات المجلس في تقرير العضوية: هل يملك المجلس حق “الإقالة أو التجريد”؟ أم أن هذه المساطر تدخل في نطاق قانوني خاص يخضع للسلطة الإدارية أو القضائية؟
عند الرجوع إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 نجد أن المادة 92 تحدد بدقة مجالات اختصاص المجلس، من قضايا التنمية والميزانية إلى المرافق العمومية والتعمير والتعاون، لكنها لا تُدرج ضمن صلاحياته التقرير في العضوية.

في المقابل، حين يتعلق الأمر بالعضوية نفسها، نجد أن المشرّع وزّع الاختصاصات بدقة: المادة 51 ربطت التجريد من العضوية بسبب تغيير الانتماء السياسي بالمحكمة المختصة؛ المادة 59 أوضحت أن استقالة الرئيس تُقدم إلى العامل مباشرة؛ المادة 60 نصت على أن استقالة النواب أو الأعضاء تُوجه للرئيس ليُبلغها للسلطة الإدارية؛ المادة 63 حَصرت العزل في يد القضاء؛ والمادة 64 نظّمت مسطرة العزل بسبب مخالفات القانون عبر العامل الذي يُراسل العضو ثم يُحيل الملف للقضاء الإداري.

كل هذه المواد تؤكد أن العضوية وضعية قانونية لا تخضع لمداولات المجلس، بل لمساطر دقيقة يحكمها النص، ما يعني أن أي محاولة لجعل مسألة الإقالة موضوع تصويت تُفرغ النصوص من محتواها وتحوّلها إلى أداة سياسية، في حين أن روح القانون التنظيمي تهدف إلى الاستقرار المؤسساتي وربط المسؤولية بالمحاسبة في إطار قانوني صارم.

وبالتالي، فإن الخطوة التي أقدم عليها المجلس الجماعي لبوزنيقة، وإن جاءت متأخرة ولم تتحقق إلا بعد تدخل السلطة الإقليمية، تمثل اختبارًا مهمًا لمدى التزام المجالس بصرامة النصوص القانونية، وإلى أي حد يمكن تجاوز منطق التسييس نحو احترام واضح لمقتضيات القانون التنظيمي، باعتبارها الضامن الوحيد لشفافية المؤسسات المحلية واستمراريتها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!