المديرية العامة للأمن الوطني تطلق منصة إبلاغ” لمكافحة العنف الرقمي والجنسي
أطلقت المديرية العامة للأمن المغربي منصة "إبلاغ" لمكافحة العنف الرقمي والجنسي، تتيح للمستخدمين الإبلاغ عن المحتويات غير المشروعة عبر الإنترنت. تهدف المنصة إلى تعزيز الأمن الرقمي وحماية الأفراد من الجرائم الإلكترونية مثل التحرش والابتزاز.
تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة لتشديد العقوبات ضد مرتكبي العنف الرقمي، وسط دعوات من الجمعيات الحقوقية لتطوير التشريعات اللازمة.
وتسعى القوانين الجديدة في المغرب إلى تشديد العقوبات على العنف الرقمي ضد النساء من خلال مقترح قانون يهدف إلى تعديل القانون رقم 103.13..
إذ سيتحسن القانون رقم 103.13 بموجب المقترح الجديد من خلال إضافة تعريف شامل للعنف الرقمي بالتغييرات المقررة في الفصول 1-444 و2-444 من القانون رقم 103.13 ،مما يعزز الحماية القانونية للنساء ويتضمن المقترح أيضًا، حسب التغييرات بالفصلين المومأ إليهما ،عقوبات مشددة للجرائم المرتكبة عبر الأنظمة المعلوماتية، مثل التهديد والابتزاز
ويعرف العنف الرقمي ككل اعتداء أو تهديد باستخدام الأنظمة المعلوماتية، ويعاقب على التهديدات بغرض الابتزاز بغرامات تصل إلى 120,000 درهم وحبس من 6 أشهر إلى 3سنوات. كما يعاقب على السب والقذف ضد النساء عبر أي وسيلة، مما يوسع نطاق الحماية القانونية ويعكس التزام المغرب بمكافحة العنف ضد النساء.
كما أن هناك تغييرات مقررة للتعريف بالعنف الجنسي بموجب المقترح الجديد تشمل:
حيث يُعرف العنف الجنسي بأنه “كل قول أو فعل أو استغلال من شأنه المساس بحرمة جسد المرأة لأغراض جنسية أو تجارية، أيا كانت الوسيلة المستعملة” .
ولهذا تم إدخال عقوبات جديدة تتعلق بالتحرش الجنسي، حيث يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مالية، مع تضاعف العقوبة في حالات معينة مثل كون الجاني من الأصول أو المحارم .
📍📌مقترح قانون لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء تقدم به الفريق الحركي -أحد مكونات الأغلبية الحكومية بالمغرب.
وللتذكير ،فبتاريخ 4 يناير 2024 أحيل على أنظار لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب مقترح قانون لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء تقدم به الفريق الحركي -أحد مكونات الأغلبية الحكومية بالمغرب.
وينص المقترح الجديد على تعديل الإطار المفاهيمي لجرائم العنف ضد النساء، وذلك بإضافة العنف الرقمي، فضلا عن تجريم عدد من الأفعال في حال ارتكابها ضد النساء في الفضاءات الرقمية المتعددة.
أهمية مقترح القانون الذي تنشره المفكرة القانونية تكمن في أنه يأتي بعد توالي صدور تقارير تدق ناقوس الخطر حول تفاقم العنف الرقمي الذي يستهدف النساء بالمغرب، والصعوبات التي يواجهنها في التبليغ عنه أمام السلطات خاصة ما يتعلق بإمكانية تجريمهن وضعف اعمال تدابير الحماية المقررة قانونا.
العنف الرقمي بالمغرب تقارير تدق ناقوس الخطر
كشفت نتائج البحث الوطني حول العنف ضد النساء التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب أن قرابة مليون ونصف امرأة مغربية تقع ضحية للعنف الرقمي، بمعدل انتشار يصل إلى 13.8 %، أغلبهن بالوسط الحضري[1] وتزداد حدة العنف الرقمي، بين الشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة، وذوات التعليم العالي، والعازبات والتلميذات والطالبات، وذلك بسبب الاستخدام المتكرر والمتزايد لتكنولوجيا الاتصالات والشبكات الاجتماعية من طرف هذه الفئة، وقد أبرزت نتائج هذا البحث أن مرتكبي العنف الرقمي هم في الغالب رجال بنسبة 86.2 %، ولا سيما المجهولون منهم بنسبة 72.6 %.
من جهاتها، تؤكّد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلّقة بالعنف ضدّ النساء والفتيات المرتكب بواسطة وسائل التكنلوجيا الحديثة، ففي سنة 2019 سجلت 622 شكاية منها 476 تتعلق بضحية راشدة، و147 تتعلق بقاصر، وارتفع عدد الشكايات المسجلة سنة 2020 إلى 761شكاية، منها 659 تهم راشدات، و109 تهم قاصرات.
أما إحصائيات رئاسة النيابة العامة لسنة 2019 فتظهر تسجيل 80 قضية للتحرش الجنسي في الفضاء الرقمي خلال نفس السنة، توبع على إثرها 79 من الذكور الراشدين، وشخص قاصر واحد من الذكور، فيما لم تُسجّل أيّ قضية للتحرش الجنسي في الفضاء الرقمي ضدّ الإناث.
تبرز هذه المعطيات الإحصائية الرسمية وجود فارق كبير بين الشكايات المسجّلة لدى الشرطة بخصوص العنف الرقمي المرتكب ضد النساءـ، والقضايا التي حركت النيابة العامة فيها المتابعة، والتي لا تتجاوز حوالي 11 %، وهو ما يعني عمليا أن العدد الكبير من شكايات العنف الرقمي لا تأخذ مسارها القضائي لعدة أسباب إما لانعدام الإثبات، أو لتنازل الضحية وعدم رغبتها في متابعة الإجراءات القضائية أمام المحاكم، أو لتفعيل الصلح، أو لأسباب أخرى من بينها إشكالية تكييف الأفعال القانونية بسبب عدم وضوح الإطار القانوني المنظم لعدد من الجرائم .
📌مقترح قانون العنف الرقمي بالمغرب أي جديد؟
يتضمن مقترح القانون الجديد تعديلات على القانون الجنائي، وكذا قانون محاربة العنف ضد النساء، بعد مرور خمس سنوات على دخوله حيّز التنفيذ، يمكن إجمالها في المقترحات التالية:
إضافة تعريف للعنف الرقمي إلى المادة الأولى من قانون محاربة العنف ضد النساء، لتشمل “كل فعل أو امتناع، باستخدام الأنظمة المعلوماتية، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة”.
معاقبة الأشخاص الذين يقومون بجرائم التهديد من أجل الابتزاز بأي وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية للقيام بالأفعال المنصوص عليها في الفصول 1- 447 و2-447 من نفس القانون.
تتميم الفصول 1-444 و2-444 بالتنصيص على أنّ جريمة السب أو القذف المرتكب ضدّ امرأة بسبب جنسها يمكن أن تتمّ بأي وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية. وبموجب هذه المبادرة التشريعية يعاقب على السب ّالمرتكب ضد المرأة بسبب جنسها بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية بغرامة مالية من 12.000 إلى 60.000 درهم، وتشدد العقوبة إلى 120 ألف إذا تعلق الأمر بالقذف.
كما نص مقترح القانون على أنه يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 2000 إلى 20 ألف درهم ، كل من قام بالتهديد من أجل ابتزاز الأشخاص بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، وبالحبس من سنة واحدة إلى 3 سنوات وغرامة من 2000 إلى 20 ألف درهم إذا تعلق الأمر بالتهديد من أجل الابتزاز.
📌ملاحظات على مقترح قانون العنف الرقمي
يأتي مقترح قانون العنف الرقمي في إطار مبادرات تشريعية مماثلة لتعديل قانون محاربة العنف ضد النساء، بعد مرور خمس سنوات على دخوله حيز التنفيذ.
كان لافتا في مقترح القانون الجديد أنه ركز على أهمية الإطار المفاهيمي من خلال حرصه على تعريف العنف الرقمي في صلب المادة الأولى من قانون محاربة العنف ضد النساء، أسوة بالتعريفات التي أوردها هذا القانون بخصوص أشكال العنف الأخرى الاقتصادية والجنسية والجسدية والنفسية، كما أنه عمل على تدقيق عناصر عدد من جرائم العنف ضدّ النساء من خلال التنصيص على كون ارتكابها في الفضاء الرقمي يعتبر مجرما، ومن بينها سب أو قذف امرأة بسبب جنسها.
أضاف المقترح الجديد تجريم أفعال عنف جديدة ترتكب في الفضاء الرقمي كجرائم مستقلة مثل التهديد من أجل ابتزاز الأشخاص بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، والملاحظ في هذا السياق أنه وعلى خلاف توجه المشرع إلى تشديد العقوبات في حالة ارتكاب أفعال للعنف في وضعيات معينة أو ضد اشخاص معينين، اختار المقترح الإبقاء على نفس العقوبات المقررة للجرائم الأصلية، دون اعتبار ارتكابها بواسطة الأنظمة المعلوماتية ظرف تشديد، وهو ما يطرح إشكالية العقوبات التقليدية ومحدودية نجاعتها في مواجهة أشكال الاجرام الحديث.
يلاحظ أنه وبالرغم من تطرق مقترح القانون للإشكاليات التي تواجه الناجيات من العنف الرقمي في لجوئهن إلى سبل الانتصاف القضائي، ومن أبرزها إمكانية تجريمهن، إلا أنه لم يقدم أي مقترحات كفيلة بالتغلب على هذه المعضلة من قبيل التنصيص على أعذار قانونية معفية من العقاب، في حالة ارتكاب ضحايا العنف الرقمي لأفعال يجرمها القانون تحت تأثير الضغوطات التي تعرضن لها من طرف المعنف.
يلحظ أن المقترح لم يتطرّق إلى تدابير الحماية والتي سبق لقانون محاربة العنف ضد النساء أن أقرّها من قبيل المنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها، أو إيداع المعنف في مركز للعلاج النفسي، كما أنه أغفل التنصيص على تدابير حماية جديدة تحتاجها الناجيات من العنف الرقمي من قبيل المواكبة النفسية.
في نفس السياق يلاحظ أن المقترح لم يقمْ بتجريم أفعال من العنف الرقمي مثل التنمر والمطاردة رغم أن هذين الفعلين يطرحان إشكاليات على مستوى الممارسة القضائية، حيث سبق لتقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان حول التبليغ عن العنف ومناهضة الإفلات من العقاب أن أكد أن عدم دقة بعض التعاريف يؤثر على تكييف المحاكم لعدد من الأفعال مما يؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب.
📌تعريف العنف ضد النساء بالنسبة للأمم المتحدة
وعرفت الأمم المتحدة العنف ضد النساء بشكل عام على أنه ” أي فعل من أفعال العنف القائم على النوع الاجتماعي يؤدي أو من شأنه أن يؤدي إلى أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو عقلية للنساء والفتيات، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحيز العام أو الخاص. يشمل العنف ضد النساء والفتيات، على سبيل المثال لا الحصر، العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث في الأسرة أو داخل المجتمع العام، والذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه”.
وانطلاقا من حقيقة أن العنف الرقمي المُمارس ضد المرأة يعد امتدادا وتكريسا للعنف الموجهه ضدها فى العالم الواقعى، يُمكن تعريف العنف الرقمي على أنه ” السلوك المُتعمد الذى يقوم به فرد أو مجموعة أفراد عبر أحد تقنيات مواقع التواصـل الاجتمـاعى الإلكترونى وأدواتها المختلفة بهدف الإيذاء المـادى أو المعنوى للآخرين”.
كما يمكن تعريفه على أنه أى عمل من أعمال العنف ضد المرأة يتم ارتكابها باستخدام الهواتف المحمولة، أو الإنترنت، أو الرسائل النصية، أو البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي .