المركزيات النقابية تخلد اليوم العالمي الأممي للطبقة العاملة متفقة على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والمطالبة بالزيادة في الأجور .
أحيت النقابات في المغرب كما في باقي دول المعمور،العيد الأممي للطبقة العاملة والذي يخلد في فاتح ماي من كل عام. وشهدت بهذه المناسبة،يومه الاثنين فاتح ماي 2023, عدد من المدن تظاهرات حاشدة شارك فيها المئات من المغاربة، في وقفات ومسيرات نقابية عمالية.
وأصدرت المركزيات النقابية بياناتها التي توحدت حول ما يعرفه المغرب من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار المطالبة بالزيادة في الأجور .
“المنظمة الدمقراطية للشغل”، دعت في بيانها ، إلى الحد من التضخم وموجة الغلاء وارتفاع الأسعار، مطالبة بالاستثمار في الإنسان المغربي والمطالبة بتكريس مبادئ المساواة والعدل والحق في العيش بكرامة.
وفي تصريحه للإعلام ،قال الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، أن “تداعيات الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الأكثر استهلاكا ولأسعار المحروقات أدت إلى تدني القدرة الشرائية للطبقة العاملة بنسبة تجاوزت 25٪” و” أن المغرب أصبح يعيش في خضم أزمة غلاء “غير مسبوقة” بسبب قانون حرية الأسعار والمنافسة وعدم مراقبة “تجار الأزمات والتصدي للمضاربين والسماسرة الذين جعلوا أثمنة جميع المواد الغذائية والأساسية والخدماتية في ارتفاع مهول ومتواصل”. وأكد على أن هذا الغلاء كان له انعكاس سلبي على القدرة الشرائية للطبقة العاملة في القطاع العام والخاص وغير المهيكل والفئات الضعيفة في المجتمع، مشيرا إلى أن “الطبقة المتوسطة دحرت وتدحرجت إلى مستوى الفقر وفقدان القدرة الشرائية”.
ومن جهتها ،اعتبرت نقابة “الاتحاد المغربي للشغل”، أن فاتح ماي “يوم الاستنكار والاحتجاج ضد الأوضاع التي تعيشها الطبقة العاملة خاصة في الظرفية الراهنة التي تتسم بالغلاء الفاحش للمعيشة وبالتدهور الغير مسبوق للقدرة الشرائية”.
وفي هذا الصدد ،صرح أمينها العام،الميلودي مخاريق لوسائل الإعلام ،”أن هذه السنة يتم تخليد العيد الأممي للشغل في ظروف استثنائية تتميز بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وضرب القدرة الشرائية للطبقة العاملة،وأضاف أن الشعار الذي سيكون في المسيرات الاحتجاجية بمختلف المدن هو “أوقفوا مسلسل التهاب الأسعار وتدهور القدرة الشرائية”، مؤكدا أن “فاتح ماي سيكون ذكرى للاحتجاج والاستنكار على هذه الأوضاع التي لم تعد تطاق”.
وبخصوص اجتماع النقابات المركزية مؤخرا مع الحكومة، أكد على أنه طالب بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة على كل المواد الأساسية والخدماتية، مع مطالب بالزيادة العامة في الأجور بالرفع من الحد الأدنى في القطاع لفلاحي والصناعي ومن معاشات التقاعد “الهزيلة”.
وأفاد على أنه يجدد رفضه لمبررات الحكومة حول الوضعية الاقتصادية الصعبة ومؤكدا بأن هذه الأخيرة تمتلك آليات لاستخلاص الضرائب من المتهربين من سدادها، داعيا إلى “ضرورة سن ضريبة على الثروة لتكريس التضامن الاجتماعي”.
من جانبها ،لم تخرج نقابة الاتحاد الوطني للشغل،ذراع حزب العدالة والتنمية عن سياق ما تقدمت به النقابات السالفة الذكر ،ونظمت ، صباح اليوم ، مهرجانا خطابيا أعقبته مسيرة، رفعت خلالهما شعاراتها ومطالبها في ظل سنة،اعتبرتها استثنائية، شهدها المغرب، وفي ظل متغيرات دولية ووطنية مست مختلف مناحي الحياة، حسب ما أعلنت عنه في خطاباتها تحت شعار “تعبئة وطنية لمواجهة غلاء المعيشة”.
وفي هذا السياق، قال عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الشغل بالمغرب، أن “هذا العيد الأممي فاتح ماي يعد عيد الشعب وعيد الطبقة العاملة، والذي ترفع فيه الشعارات المعربة عن مطالب واقعية تحتاج التفعيل والتنزيل”، وتابع “الحكومة الحالية هي حكومة أخلفت معادها مع التاريخ ولم تبالي إلى تنامي الأزمة الاجتماعية في الواقع الاجتماعي المغربي، جراء الزيادات المتتالية في الأسعار المرتبطة بالمواد الأساسية التي تشكل القفة المعيشية”.
وأضاف ،في تصريحه للاعلام،أن “هذه الأزمة وسعت هامش الفقر وهامش الهشاشة، وبالتالي أدت إلى انهيار القدرة الشرائية خصوصا في ظل مخرجات محدودة وضعيفة وهشة للحوار الاجتماعي، وبالتالي هذه الحكومة أضحت عاجزة على مسايرة المستجدات والتقلبات التي يعرفها الواقع الاجتماعي”، حد تعبيره.
ومن جهته، استنكر خالد الأملاكي، الكاتب الجهوي للاتحاد الوطني الشغل بالمغرب بجهة الرباط سلا القنيطرة، ما أسماه “تجاهل الحكومة لوضعية الطبقة العاملة”، مشيرا إلى أن “هذا الحشد الذي يصاف فاتح ماي، يعد مسيرة نضالية تخلد اليوم العالمي للشعب ولإيصال رسائل لأطراف الإنتاج أي حكومة الباطرونا، والتي بات أبرزها هو، كفى من تسريح العمال والعاملات بالشركات والمقاولات والتضييق على العمل النقابي” وأن “اليوم بات من الضروري تقنين النقابات وإعطاؤها الأهمية التي تستحق، مع الكف عن طرد المسؤولين النقابيين والاستهتار بآليات المفاوضات الجماعية وجشع الشركات واستغلال الظروف الدولية للزيادات في الأسعار دون حسيب أو رقيب” مؤكدا في الوقت نفسه، أن “هذه التظاهرة أتت للمطالبة بالزيادة العامة في الأجور والمعاشات ومراجعة الضريبة على الدخل، وفتح حوار وطني حقيقي مع النقابات دون إقصاء لتطويق الأزمة الاجتماعية التي يمر منها المغرب وتفعيل إجراءات فورية لتسقيف الأسعار واتخاذ إجراءات استعجالية للحفاظ على الأمن الغدائي، مع إقرار الإنصاف الفوري الذي يهم ملفات التقنين والمتصرفين والدكاترة والمؤسسات العمومية”.
وقال محمد زويتن، الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن فاتح ماي لهذه السنة، يأتي في سياق اجتماعي متأزم تعيشه البلاد، في ظل ارتفاع موجة غلاء الأسعار وتمددها، بشكل غير مسبوق، سواء في أسعار المحروقات أو في جل المنتجات والخدمات الأساسية المرتبطة بالمعيش اليومي للمغاربة.
وأكد زويتن في كلمة له خلال احتفالية فاتح ماي بالدار البيضاء، أن هذه الوضعية أثرت بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، وخلقت موجات متصاعدة من الغضب الشعبي، في ظل عجز ومبررات حكومية غير مقنعة، خاصة مع غياب أي إجراءات حمائية للسوق الوطني.
وأردف، “خصوصا في ظل عدم الشروع في تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول شبهات استيراد وتصدير النفط الروسي، وعدم اكتراثها لتوصيات مجلس المنافسة بخصوص شركات المحروقات، أو من خلال عدم اتخاذها لبرامج استعجالية لمواكبة ودعم الفئات الاجتماعية المتضررة والهشة، مما أحدث شعورا لدى الوعي العام الجماعي بعجز الحكومة وتخليها عن مسؤولياتها الاجتماعية”.
وشدد زويتن على وعي نقابته بحجم الصعوبات والتحديات والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تداعيات ومخلفات الأزمات الدولية، في مقابل استهجانها لموقف الحكومة السلبي، فالظرفية كانت تقتضي مبدئيا مقاربة تشاركية للانخراط الجماعي في معالجة آثارها الاجتماعية والاقتصادية.
ودعا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على لسان أمينه العام، الحكومة إلى ضرورة إرساء معالم رهان الدولة الاجتماعية كما وعدت بذلك انتخابيا وفي تصريحها الحكومي، قصد تحقيق تنمية مندمجة ومنصفة وقادرة على الصمود، لضمان الكرامة للأجير ولعموم المواطنين، وتوفير الدخل المحترم وفرص الشغل الكافية خاصة للنساء والشباب والمساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية ومن التفاوتات المجالية، في أفق تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي.
اختارت الكونفدرالیة الدیمقراطیة للشغل، هذه السنة، شعار “لا لتدمیر القدرة الشرائیة، والمس بمكتسبات التقاعد، والإخلال بالاتفاقات الاجتماعیة”
وفي بيان لها أكدت “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” أن تظاهرة فاتح ماي تأتي في ظل وضع اجتماعي يتسم “بالارتفاع المهول للأسعار وضرب القدرة الشرائية”، داعية في نفس الوقت الى جعلها محطة للاحتجاج والتعبير عن الغضب الشعبي من التعاطي الحكومي مع الأزمة الاجتماعية.
وقال عثمان باقا، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل عضو المكتب الجهوي لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، في تصريح للاعلام إن “مناسبة فاتح ماي تخلد هذه السنة في جو من القلق والتوتر نتيجة عدم التزام الحكومة بتنفيذ التزاماتها، التي لم تعد مجرد وعود بعد توقيع اتفاق 30 أبريل وهي ملزمة باحترامها تجاه الشغيلة المغربية”، موردا أن أهم هذه الالتزامات “الزيادة في الأجور، رغم السياق الدولي المتوتر حينها، والتخفيض الضريبي حسب الأشطر، مع إحداث درجة ترقي جديدة”.
وأضاف ان“الحكومة رفضت أن تنفذ الاتفاق، وهي تهجُم على المكتسبات عبر مقترح تخريبي للتقاعد، الذي طالبنا في الكونفدرالية بسحبه، لتجنب المس بالأمن والاستقرار الاجتماعي”، مشيرا على “النموذج الفرنسي الذي اعتمده ماكرون في فرنسا” مضيفا أن “بعض مطالبنا لا تُكلّف درهما واحدا، تتعلق بالحريات النقابية وممارستها دون تسريح للعمال وتضييق”، منهبا إلى “الغلاء الفاحش” و”فشل المخطط الأخضر”، خالصا إلى أن فاتح ماي هذه السنة “بطعم المرارة والغضب والاحتجاج”.
من جانبها، نصبت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UNTM) منصة أمام مدخل حديقة “نزهة حسان”، قبل أن تجوب المسيرات تباعا شارع محمد الخامس وشارع علال بن عبد الله الموازي له.
وصرحت خديجة الزومي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) المسؤولة عن جهة الرباط، إلى أن العيد الأممي للطبقة العاملة “محطة لرصد وبسط ملفات الشغيلة المطلبية حسب كل فئة وفق خصوصيات معينة، كما أن لكل نقابة دفترها المطلبي”
“هذه فرصة للتعرف على مشاكل جميع النقابات الفئوية، فمثلا في جهة الرباط نندد بمحاربة العمل النقابي، خاصة في سلا والقنيطرة وتمارة، لاسيما من طرف القطاع الخاص المُطالَب باحترام التشريعات الوطنية، فضلا عن الحكومة الملزمة بتنفيذ اتفاقيات دولية لاحترام الحريات النقابية”.
وثمنت الزومي المشروع الملكي للحماية الاجتماعية،مطالبة ب“إخراج السجل الاجتماعي للذين ليس لهم شغل في إطار التضامن الوطني”
وختمت: “لا بد من التفكير في الزيادة في الأجور في محاولة لإعادة توزيع الثروة بين الطبقات الاجتماعية؛ لأن القدرة الشرائية منهارة، بل العالم كله يُحس بموجة الغلاء التي تظل مشكلا عالميا، إلا أننا نثق في الحكومة وستكرس مجهودا إضافيا لإنصاف الطبقة العاملة”..
واختارت الفيدرالية الديمقراطية للشغل في عيدها الأممي لهذه السنة شعار : «تحسين الأوضاع المادية للأجراء رافعة أساسية للدولة الاجتماعية» تعبيرا عن خوفها من ضياع مشروع وطني ضخم عنوانه الدولة الاجتماعية، جراء ضعف الأداء الحكومي وعدم قدرتها على توفير متطلبات إنجاح هذا الورش الملكي الهام لحاضر الشعب المغربي ومستقبله.
ونظمت ،بالممايبة،مهرجانا خطابيا بدار الثقافة بالمضيق أطره يوسف أيذي، الكاتب العام للفيدرالية
ووقفت الفيدرالية الديمقراطية للشغل، في نداء للطبقة العاملة بمناسبة فاتح ماي، على حالة اللايقين التي تؤطر اليوم الوضعين المالي والاقتصادي وما لهما من انعكاس مباشر على الوضع الاجتماعي، جراء التداعيات المباشرة للأزمة العالمية وخلل سلاسل الإمداد على الاقتصاد الوطني.
واعتبرت أن الحكومة المغربية لم تبد العناية المطلوبة ولم تمتلك الإرادة الحقيقية لمجابهة الوضع الآخذ في التفاقم عبر تقديم أجوبة عملية لموجة التضخم وارتفاع الأسعار، مفضلة الارتكان لخطاب تبريري فضح عجزها، وتفكك أغلبيتها العددية الجوفاء من أي مضمون سياسي أو بعد تضامني يفترض أن يجمع بين مكوناتها.
مشاركة المهاجرون الأفارقة
وتميزت تظاهرات هذه السنة، برفع لافتات تطالب بالرفع من الأجور وإنصاف العمال وتلبية حقوقهم،وهتافات داعية للحد من غلاء الأسعار، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
هكذا وشهدت الرباط ،اليوم ،مسيرات احتفال باليوم العالمي للعمال استثنائية،حيث شارك فيها المهاجرين الأفارقة المقيمين بالمغرب ملفتين الأنظار بترديد شعارات نقابية إلى جانب إخوانهم العمال المغاربة، وذلك للمطالبة بضمان الحقوق والكرامة للشغيلة.
ومن جهتهم ،طالب المهاجرون الأفارقة الدولة بتسوية وضعيتهم القانونية من خلال تسهيل الحصول على بطائق الإقامة وتسجيلهم في مؤسسات الضمان الاجتماعي.
كمااستغلوا الفرصة ، لتقديم شكرهم للملك محمد السادس، ورفعو شعار: “عاش الملك..vive le roi “ على السياسة التي نهجها المغرب في حقهم بإدماجهم داخل المجتمع وتمتيعهم بجميع الحقوق إسوة بالمواطنين المغاربة وحفظ كرامتهم.
وبالناظور،وحسب مصادر إعلامية ،شارك المهاجرون الأفارقة في العيد الأممي بتواجد بعض منهم بمنصة الـمنظمة الديموقراطية للشغل في التجمع الخطابي الذي احتضنته المدينة بعد منعهم من طرف السلطات المحلية والأمنية بحجة أنهم غير نظاميين وبالتالي لا يحق لهم الالتحاق بالتجمع، وهو ما أكده عبد الواحد بودهن الكاتب الإقليمي للمنظمة، في كلمته بالمناسبة ،واعتبر ذلك تضييقا غير مقبول.
وفي نفس السياق وجه نقدا لاذعا للسلطات الأمنية والمحلية، متهما إياهم بعدم احترام الملك محمد السادس من خلال حرمان المهاجرين من الحرية التي منحهم إياها.
وأشار كذلك إلى أن المنع طال قطاع الرافعات بدوره، ومنع المنتسبين إليه من الوصول إلى مكان التجمع، “رغم اتفاق مسبق مع السلطة المحلية في محضر رسمي يقضي بالتحاقهم دون المشاركة في المسيرة” حسب ذات المصدر.