Site icon علاش بريس

المعارضة البرلمانية ومسألة المشاركة السياسية ما بعد اقتراع 8 شتنبر

تعتبر السلطة التشريعية، من بين أهم السلط التي تشتغل داخل أي نظام سياسي قائم،باعتبارها مؤسسة دستورية، سيادية، تمثل الإرادة الشعبية في النظام السياسي، والمكانة التي تحظى بها داخل أي نسق سياسي، دليل على قياس نسبة الديمقراطية السائدة داخل هذا النظام. ولعل هذا ما يتجلى كذلك في الممارسة البرلمانية المغربية، وما حظيت به مؤسسة البرلمان، خصوصا بعد دستور 2011،من إصلاحات وصلاحيات جديدة وتوسيع مجالات وميادين التشريع الخاصة بالبرلمان. وما تفتحه هذه الإصلاحات من أبواب وتعبيد الطريق من أجل مشاركة سياسية منفتحة على هذه المؤسسة بمكوناتها أغلبية ومعارضة، إلا أن الملاحظ هو المكانة التي أصبحت تحظى بها المعارضة البرلمانية كأحد الأركان والمقومات الأساسية للأنظمة البرلمانية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة، والمتجلية في مراقبة الأداء الحكومي، من تشريع ومراقبة وتقييم السياسات العمومية، وقد أفرد الدستور لهذا المكون البرلماني فصلا كاملا يحدد له ترسانة من الحقوق والآليات للقيام بدوره على أحسن وجه، وتقوية مكون المعارضة ليحقق نوعا من التوازن داخل القبة البرلمانية مع الأغلبية وخلق معارضة قوية وبناءة تشارك وتشجع على مشاركة سياسية متنوعة وغير احتكارية، ولعل هذا الهم المتمثل في التوازن وعدم خلق نوع من الهيمنة داخل عمل مؤسسة البرلمان، هو ما يطرح نفسه بعد اقتراع 8 من شتنبر، نتج عنه تحالف أغلبية مطلقة مكونة من ثلاث أحزاب تصدرت المشهد الإنتخابي ل8من شتنبر المنصرم، وما يطرحه هذا التكتل الاغلبي من ضعف قد يصيب مكون المعارضة ويحول دون تأديته لمهامه على أحسن وجه وفي جو من التوازن مابين مكوني البرلمان، فتكتل الأغلبية يضم ثلاث أحزاب كبرى لها قاعدة وكتلة داخل البرلمان ومشكلة للحكومة، تجعلها في وضع مريح وغير مقلق، لتنفيذ وتمرير جميع الإجراءات، القرارات والقوانين الحكومية دون معارضة قوية وبناءة تحول دون تغول الأغلبية الحكومية، وبلا ورقة ضغط تأرق بال الحكومة. مما قد يؤثر سلبا على ثقافة المشاركة السياسية، ويجعل هذا الوضع من قرارات واجتماعات مجلس البرلمان كسلطة مستقلة، مجرد ملحقة تابعة للحكومة في غياب معارضة قوية، مما يتعارض رأسا، مع ما جاء به دستور 2011 من مضامين خلق معارضة قوية وبآليات دستورية متقدمة، ولعل هذا ما تؤكده طبيعة وبروفيلات الأحزاب المكونة للمعارضة داخل مجلسي البرلمان، فغالبية البرلمانيين داخل صرح المعارضة هم أفراد جدد وجلهم ربما نساء وصلوا للبرلمان عن طريق اللائحة الجهوية، يفتقدون للخبرة وابجديات الدفاع البرلماني، كي يحرجوا الأغلبية الحكومية وان يقفوا في وجهها وان يحدوا من التغول الذي قد يصاحب عمل حكومة اقتراع 8 من شتنبر.
*النغمي يوسف
باحث بالدراسات السياسية . بمختبر الدراسات السياسية و الحكامة الترابية. بكلية الحقوق المحمدية

Exit mobile version