أخبارسياسةمجتمع

المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان: أخيرا يسقط القناع عن امنستي

“كيف أمكن لهذه المنظمة إصدار تقييمات بشأن قضية لم تستكمل مختلف مراحلها ولم يتم إصدار حكم نهائي بشأنها بعد”.

 

و م.ع

أعربت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، عن استغرابها لتطاول منظمة العفو الدولية (أمنستي) على مسار قضية معروضة أمام القضاء المختص، تتعلق بوفاة شخص خلال فترة إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية بابن جرير.

وأوضحت المندوبية الوزارية، في بيان بهذا الخصوص، أنه “لا يسعها، أمام ذلك، إلا أن تسجل استغرابها للتطاول على مسار قضية معروضة أمام القضاء المختص، الذي يبقى له وحده صلاحية النظر في الإجراءات والمساطر المتصلة بضمانات المحاكمة العادلة”، مستغربة “مواصلة المنظمة المذكورة ادعاءاتها في غياب أي تتبع ميداني لمجريات هذه المحاكمة”.

وتساءلت المندوبية الوزارية قائلة: “كيف أمكن لهذه المنظمة إصدار تقييمات بشأن قضية لم تستكمل مختلف مراحلها ولم يتم إصدار حكم نهائي بشأنها بعد”.

واعتبرت المندوبية أن إصدار منظمة العفو الدولية (أمنيستي) بتاريخ 06 أبريل 2023، بيانا حول ظروف وفاة أحد الأشخاص، بتاريخ 06 أكتوبر 2022، خلال فترة إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية من طرف السلطة المختصة بدائرة المحكمة الابتدائية بابن جرير، “يمثل تدخلا سافراً في قضية لا تزال معروضة على أنظار القضاء”.

وسجلت المندوبية الوزارية، طبقا لما يسمح به القانون في سياق اطلاعها على المعلومات والإفادات المقدمة في إطار التنسيق المؤسساتي، أن منظمة أمنيستي “تواصل تجاهلها لقواعد العمل المعتمدة من قبل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وما تفرضه من واجب التقيد بالتحفظ بشأن القضايا التي ما زالت محل نظر القضاء، ضمانا لعدم التأثير عليه واحترام لاستقلاليته، وتوفيرا لضمانات المحاكمة العادلة لكافة أطراف الخصومة”.

وتابعت المندوبية الوزارية أن “منظمة العفو الدولية، تصر على ادعاءاتها بشأن التشكيك في نزاهة الأبحاث والتحقيقات المنجزة، في إطار مسطرة قضائية، لا تملك معها صفة الدفع والطعن التي تؤول لأطراف الخصومة، ولا يبقى لها بالنتيجة وفي أحسن الأحوال، سوى تتبع مجريات المحاكمة وفق الأعراف والتقاليد الحقوقية المتعارف عليها، وتقديم ملاحظات، بصددها وفقا للأصول المتعارف عليها، والحال، أن الشرطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة، حرصت على إجراء أبحاث وتحقيقات معمقة ومستقلة وشاملة، يبقى لهيئة الحكم المختصة، وحدها وبعد إبداء الأطراف لأوجه الدفاع، شكلا وموضوعا، البت فيها”.

وأضافت المندوبية أنه “فضلا عن كل ذلك وكما هو معلوم ومستقر عليه، فإن القيام بإجراء مقابلات أو حتى تلقي وثائق في إطار البحث الميداني الموضوعي النزيه، لا يشكل سنداً حاسماً لبلورة ملاحظات وفقا للأصول والقواعد. فمن أين تستمد منظمة أمنيستي إذن شرعية ادعاءاتها؟”.

وأشارت المندوبية إلى أن “الإجراءات المجراة من طرف السلطات المختصة، وعلى خلاف ما ورد في بيان المنظمة، تظهر حرصا واضحا على تطبيق القانون، من خلال الاستماع لجميع الأطراف المعنية، واستغلال وسائل الإثبات العلمية والتقنية، وإجراء الخبرات اللازمة، بما في ذلك الخبرة الطبية الشرعية، والقيام بجميع الأبحاث والتحريات الكفيلة باستجلاء الحقيقة كاملة وتحديد المسؤوليات على ضوئها، والقيام بالمتعين في مواجهة الأشخاص المشتبه فيهم، ولا سيما تقديم أربعة عناصر من المكلفين بإنفاذ القانون أمام القضاء، من أجل الاشتباه في ارتكابهم أفعالا مجرمة قانونا. فعلى أي أساس تستند منظمة العفو الدولية لإطلاق ادعاءاتها والبناء عليها؟”.

وشددت المندوبية الوزارية على أن “ادعاء أمنيستي بشأن التعذيب المفضي إلى الوفاة، يبقى مستغربا، سيما وأنها نصبت نفسها مكان القضاء، في غياب الإحاطة بكافة ظروف وملابسات قضية لا تزال معروضة أمام القضاء، بوصفه الجهة المختصة، حصرا، بالتكييف القانوني لما هو معروض عليه”.

كما أعربت المندوبية الوزارية، علاقة مع ما ذكر، عن استغرابها “القراءات المتسرعة لبيان أمنيستي، في الوقت الذي كانت فيه السلطات المختصة، وبمقتضى بلاغات رسمية، تواصل تنوير الرأي العام بشأن قضية حظيت بمتابعة العموم، والتي لم يتجاوز مضمونها الإعلان عن المعطيات المرتبطة بسبب الوفاة، وفق ما أقرته الخبرة الطبية الشرعية المنجزة، والإخبار بفتح تحقيق تحت إشراف النيابة العامة، والإعلان عن متابعة المشتبه فيهم على ذمة هذه القضية”.

واعتبرت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان أن ما ورد في بيان أمنيستي، “غايته التأثير على الرأي العام ومحاولة المس بمسار المحاكمة، وهو عمل مستحيل التحقق، اعتباراً لكون تتبع مجريات عمل القضاء يخضع لأصول مرجعية ثابتة وقواعد خاصة ومنهجية دقيقة وعمل فني ثاقب، حتى يتسنى بلورة الاستنتاجات والخلاصات الجديرة باتخاذ موقف إزاء ملف معروض على العدالة”.

وخلصت المندوبية الوزارية إلى القول: “وبذلك فإن ما نشر ببيانها (أمنيستي) يغلب عليه التسرع ومحاولة التطويع التعسفي للوقائع لاختيارات مسبقة. وبالنتيجة فإن المندوبية الوزارية ترفضه شكلا ومضمونا”.

أخيرا يسقط القناع عن امنستي

أصدرت منظمة العفو الدولية، بتاريخ 20 فبراير 2023، بواسطة فرعها بإسبانيا، منشوراً لم يُفصح عن شكله، لا كبيان أو كتقرير، كما جرت العادةُ، مفضلة صيغة خطاب سياسي تحريضي، ومتعمدة بموجبه، مواصلة الانخراط في حملاتها المضادة للمغرب، التي وقع الرد عليها سابقا. لكن، هذه المرة، اختارت هذه المنظمة، التصعيد، خِطاباً واستهدافا، من حيث الشكل والموضوع. ونظرا لهذا التَحول المُتَعمد في خطها التحريري المتناقض مع أدبياتها وما ادعته لعقود في مجال حماية حقوق الإنسان، فإن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، بموجب هذا البيان، تتقدم بالاعتراضات الآتية:

الاعتراض الأول: كُتب منشور المنظمة بأسلوب تعمد اللبس والغموض على مستوى الجهة المصدرة والشكل، حيث يبدو معها إقحام فرعها بإسبانيا، عملا شاذاً، لأنه كان من السليم أن تُفصح المنظمة عن مواقفها مباشرة، لا أن يَجتر فرعها ادعاءات سابقة، خاصة وأنه لم يعتد تتبع حالة حقوق الإنسان في المغرب ولا حضر وقائع بشأنها، ميدانيا، ولا التمس بيانات، وتوضيحات، بخصوصها، وبالتالي فمن حق المندوبية الوزارية، أن تعتبر لجوء مركز المنظمة إلى فرعها المذكور، تعبير عن فشل بَيِّن في الرد على ما قدمته لها السلطات العمومية المغربية من توضيحات متواترة حول وضعية حقوق الإنسان. وَتَصَرُّفُ الفرع، هذا الذي لا صفة ولا صلاحية له، يجعل المنظمة الأم، في وضعية الجُبن السياسي، ما دامت قد اختارت أسلوبا تحريضيا مباشرا عوض النهج الحقوقي، الذي ادعته منذ زمن طويل.

الاعتراض الثاني: تُصر المادة المنشورة، بصفة عمدية، انسجاما مع ما سلف ذكره، على التعامل مع الحالات العشر الواردة بها بطريقة كيدية، جَمعت بشكل تعسفي، بين تطويع سياسي لموقفها المنحاز لأعداء الوحدة الترابية وبين إطلاق ادعاءات باطلة عُرضت للفحص وتَبث زيفها، على مستوى القضاء. كما كان معظمها موضوع تتبع من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ويشكل كل ذلك انحيازاً، وبوجه مكشوف إلى جانب طرف في صراع إقليمي تخوضه بلادنا، دفاعا عن وحدتها الترابية، نزاع معروض على أنظار مجلس الأمن في إطار البحث عن مساعي الحل السلمي، وقد قُدمت بشأنه مبادرة الحكم الذاتي التي وصفت بالواقعية والجدية وذات المصداقية، وحازت اعترافات دولية كبيرة وواسعة ووازنة وغير مسبوقة. فعلى أي سند شرعي؟ وبموجب أي منطوق للقانون الدولي ونهج تدبير النزاعات المعروضة على الأمم المتحدة؟، تُعطي أمنستي لنفسها صلاحية الإفتاء السياسي الخاص حول نزاع من هذه الطبيعة؟، سيما وأنها ظلت تردد لسنوات طوال، اقتصار نشاطها على المجال الحقوقي!. وحيث أن ما ورد من ادعاءات للانتهاكات على هذا المستوى، تصبح بالنتيجة، فاقدة للمصداقية، لأنها مستمدة من قول باطل بفعل الانحياز لطرف ضد آخر.

الاعتراض الثالث: تُصر المادة المنشورة، وعلى نحو غريب، عند إثارة مزاعم انتهاكات، على تفادي تقديم أية حُجة أو دليل، فلا المنظمة قامت بتجميع بيانات في عين المكان، ولا تتبعت بصفة مباشرة أو بواسطة الغير، جلسات أطوار ملفات قضائية لاستخراج ملاحظاتها بشأنها، ولا هي قامت بقراءة وتحليل الأحكام والقرارات

القضائية المتعلقة بثمانية أشخاص من أصل الحالات العشر الواردة في منشورها. ولأنها اختارت النهج السياسي التحريضي، فكان من الطبيعي ألا تطلع على ما جرى على مستوى عمل المحاكم. وينطبق الأمر نفسه على ما ادعته بخصوص أوضاع من يقضي منهم عقوبة في السجن، سيما وأن البيانات التوضيحية بشأنهم بقيت تُقدم بانتظام من طرف المؤسسات المختصة.

الاعتراض الرابع: تُصر أمنستي على العودة إلى موضوع التعذيب بطريقة مستنكرة، تتجاهل فيها كل التقدم المحرز في التعاطي معه من خلال التفاعل الدولي مع الآليات المعنية وعلى مستوى عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وتقارير المنظمات الحقوقية. وهكذا، تضيع الحقيقة الحقوقية، منهجا وتقييما، أمام العَمَاء السياسي الذي اختارته أمنستي، طريقاً، وبسبب هذه النية السيئة بالذات، لم يلتفت منشورها إلى عديد التوضيحات والمعطيات المقدمة من طرف بلدنا بمناسبة التفاعل الدولي مع الآليات الأممية المختصة، وهي منشورة ومتاحة للعموم.

الاعتراض الخامس: تُمعن أمنستي في حشر الإثارة الملتبسة، الغامضة في شأن ما ادعته من اعتداءات جنسية لم تُقدم بشأنها شكاية أو دفوعا أو طلبات أمام المحاكم أو المؤسسات الوطنية المختصة، وتشكل الحالة الوحيدة التي عرضتها، بالذات، ذروة تحريضها السياسي، من حيث اختلاق الوقائع والسعي إلى غرسها بطريقة كيدية.

الاعتراض السادس: تُصر أمنستي على العودة الملتوية لخرافة “بيغاسوس”، في الوقت الذي كان فيه جواب السلطات العمومية المغربية، واضحا، وصريحا ومتواترا. وآخرها العمل العلني للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، التي فندت بمقتضى خبرة دولية ما ادعته أمنستي في هذا الصدد.

الاعتراض السابع: وتُطاوع أمنستي نفسها ما دامت اختارت النهج السياسي التحريضي، بدل الحقوقي، للحديث عن سياسة الدولة في مجال حقوق الإنسان. ولا يسع المندوبية الوزارية إلا أن تذكرها بما يجري الآن، أمام مجلس حقوق الإنسان، بمناسبة اعتماد التقرير الوطني الرابع برسم الاستعراض الدوري الشامل، حيث تُعلن المملكة المغربية أمام المنتظم الدولي الحقوقي سياستها المعتمدة على الانخراط المتواصل في المنظومة الدولية ذات الصلة، وفي اتخاذ التدابير الإجرائية الميسرة للوفاء بالتزاماتها. وهذا الخيار الاستراتيجي ثابت ومتنام في محيط إقليمي، يتجاذبه الإرهاب والنزاعات المسلحة وتصدع كيانات دولتية.

الاعتراض الثامن: وتَأبى أمنستي إلا أن تواصل نهجها التحريضي، بإقحام موضوع حرية التعبير والصحافة، علاقة بما راج ويروج أمام القضاء. ولا يسع المندوبية الوزارية، بالمناسبة، إلا أن تؤكد من جديد، أن ما اُدُعي على هذا المستوى، يتعلق بحالات أشخاص، توبعوا على ذمة ملفات قضائية في نطاق الحق العام، كما لا يسع المندوبية الوزارية، إلا أن تذكر بأن حرية التعبير، تظل قضية انشغال القوى الحية بالبلاد، ولم تكن قطعا موضوع تَردد لأنها في صميم مبادرات الإصلاح واحترام حقوق الإنسان، على أساس احترام الدين الإسلامي والنظام الملكي والوحدة الوطنية والاختيار الديموقراطي، كمقومات لسياسة الدولة المغربية التي تحاول أمنستي حشر نفسها فيها. وختاما، وبناء على مجموع ما ذكر، فإن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ترفض، جملة وتفصيلا، ما ورد في منشور فرع المنظمة بإسبانيا.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!