
تشهد الشوارع المغربية في السنوات الأخيرة ارتفاعاً مقلقاً في حوادث السير التي يكون أبطالها في الغالب مستعملي الدراجات بمحرك، وهي وسيلة نقل أصبحت شائعة بين فئة الشباب على وجه الخصوص؛ وحسب معطيات رسمية، فإن هذه الدراجات تتسبب في حوالي 40 في المائة من مجموع قتلى حوادث السير بالمملكة، وهو رقم يضعها في صدارة وسائل النقل الأكثر خطورة على سلامة الطرقات.
وفي هذا السياق، أعلنت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية عن تفعيل مسطرة جديدة لمراقبة هذه الدراجات باستعمال أجهزة قياس السرعة القصوى (سبيدومتر)، وذلك لضمان مطابقتها للمعايير القانونية والتقنية المنصوص عليها في مدونة السير؛ وتتم هذه العملية سواء في مراكز الفحص التقني أو من خلال مراقبة ميدانية مباشرة تنجزها اللجان المختصة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات تهم بالأساس فئة الدراجات بمحرك الصغيرة (Cyclomoteurs)، أي تلك التي لا تتجاوز سعة أسطوانتها 50 سنتيمتراً مكعباً، والتي غالباً ما تُستعمل داخل الأحياء والشوارع الرئيسية دون ترقيم أو تأمين؛ غير أن بعض النماذج المنتشرة بكثرة مثل دراجات Honda C90، والتي تُستعمل أحياناً دون تسجيل رسمي، تدخل بدورها في نطاق هذه المراقبة، خصوصاً حين يتم التعامل معها كدراجات خفيفة رغم قدرتها على بلوغ سرعات تفوق بكثير الحد القانوني؛ أما الدراجات النارية المرخصة والمزودة ببطاقة رمادية ولوحة ترقيم وتأمين، فتخضع لمساطر خاصة بها ولا يشملها هذا الإجراء الجديد.
ويحدد القانون السرعة القصوى المسموح بها في 50 كيلومتراً في الساعة مع هامش تسامح قدره 7 كيلومترات؛ وفي حال تجاوزت الدراجة عتبة 58 كيلومتراً في الساعة، تُعتبر غير مطابقة للمواصفات التقنية والقانونية، ما يستوجب اتخاذ إجراءات زجرية تصل إلى الحجز المؤقت، وإحالة ملف المخالفة على النيابة العامة التي يمكن أن تأمر ببيع الدراجة أو إتلافها في حال عدم تسوية وضعيتها؛ كما ينص القانون على غرامات مالية تتراوح بين 5000 و30.000 درهم، إضافة إلى عقوبات حبسية من ثلاثة أشهر إلى سنة في حالات العود أو التسبب في حوادث خطيرة.
ولا يقف الخطر عند الجانب التقني فقط، بل يتعداه إلى سلوكات بعض الشباب الذين يقودون هذه الدراجات بشكل متهور داخل الأحياء والشوارع، حيث يعمدون إلى تجاوز الإشارات المرورية، والقيام بحركات بهلوانية أو سباقات عشوائية، في مشاهد تزرع الخوف بين المواطنين وتشكل خطراً حقيقياً على سلامة الراجلين والمارة؛ وقد تسببت هذه السلوكات في حوادث مميتة وأخرى خلّفت إصابات بليغة وعاهات مستديمة، لتزيد من حجم المأساة المرتبطة باستعمال هذا النوع من المركبات.
وترى الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أن هذه الإجراءات الجديدة تدخل في إطار الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، التي تروم تقليص عدد قتلى حوادث السير بنسبة 50 في المائة في أفق سنة 2026، عبر تشديد المراقبة وردع المخالفين وضمان احترام القانون.
ويأمل المتتبعون أن تسهم هذه الخطوة في إعادة الانضباط إلى استعمال الدراجات بمحرك، والحد من الاستهتار الذي يحوّلها من وسيلة نقل عملية إلى مصدر إزعاج ورعب وتهديد يومي لحياة المواطنين.