أخبار

اليوم العالمي للمرأة وإشكالية التمكين السياسي 

إعداد :عبد الواحد بلقصري

باحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

رئيس الخلية الاقليمية لصندوق تشجيع تمثيلية النساء بعمالة إقليم سيدي سليمان 

إهداء :

إلى الاستاذة المناضلة والمكافحة نهلة مهاج  

يحتفل العالم يوم السبت 08 مــارس 2025 باليوم العالمي للمرأة ،هذا الاحتفال الذي جــاء نتـــــــــيجة التراكمات الإيجابية والمطالب التي ناضلت من أجلها البشرية لكي تنعم المرأة بالحرية والإنصاف ،هذا اليوم الذي يذكرنا بالنضالات العمالية التي خاضتها المرأة من أجـــل تحقيق مكاسب تجـــعلها تنــــــعم بالمساواة وإنعدام التمييز ،وهو يوم ليس ككل الأيام باعتباره يكرم إحدى ركائز المجتمع بجميع أشكاله .

بعدما ما تطرقنا في المقالة السابقة بهاته المناسبة الجلية حول التمكين الاقتصادي ومتطلباته وأسسه وشرعية إنجازاته ،سوف أشير في هاته المقالة الى أهمية التمكين السياسي ورهاناته بالمغرب .

أسس ومبادئ التمكين السياسي :

التمــــــــــكين هو عملية تتصدى لجميع أنواع التمييز ضد المرأة، حيث ظــــــــــــهر فــــي بداية

التسعينيات من القرن العشرين وأصبح الأكثر استخداما في سياسات وبرامج معظم المنظمات غير الحكومية، وهو أكثرالمفاهيم ارتباطا بالمرأةكعنصر فاعل في التنمية، وبالتالي فهو يسعى للقضاء على كل مظاهر التمييز ضدها من خلال آليات معينة وتكشف الادبيات حول المفهوم من أنه رغم التباين في توسيع أو تضييق مجالات تطبيقه إلا انه يلتقي عند مفهوم القوة من حيث مصادرها وأنماط توزيعها باعتبار أن ذلك ضروري لإدراك طبيعة التحولات الاجتماعية التي 

تعمل لصالح الفئات المحرومة والمهمشة والبعيدة عن مصادر القوة لذلك تتحقق قوة المرأة بتمكنها من ظروفها وفرصهاوممارسة حقها في الاختيار .*1

أما التمكين السياسي فهو عملية مركبة تتطلب تبني سياسات واجراءات وهياكل مؤسساتية وقانونية تهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدف الى التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المتكافئة للأفراد في استخدام موارد المجتمع وفي المشاركة ليس القصدمن التمكين المشاركة في النظم القائمة كما هي عليه. بل العمل الحثيث لتغييرها واستبدالها بنظم إنسانية تسمح بمشاركةالغالبية في الشأن العام وإدارة البلاد وفي كل مؤسسات صنع القرار ضد هيمنة الأقلية 

كما يعرف تقرير التنمية الانسانية التمكين السياسي على أنه : – وصول المرأة الى مراكز صنع القرار، والمراكز*2*

التي تؤثر في تصنع القرار ووضع السياسات، فالمؤسسات البرلمانية وإن كانت هي من أهم الأجهزة المشاركة في صناعة

القرار ورسم السياسات في الدول، فهي ليست الوحيدة المنفردة في صنع القرار إذ ان هناك مؤسسات أخرى كالمؤسسات

القانونية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية تؤدي دورا مهما في صنع القرارات أو تؤثر فيها، وقد اعتمد بر”مج الأمم

المتحدة الإنمائي لقياس تمكين المرأة ومشاركة المرأة في السياسة، وذلك باعتماد على حصة النساء في مقاعد البرلمان .

التمكين السياسي للمراة في المغرب الواقع والرهانات : 

شكل إقرار الحقوق السياسية للنساء بالمغرب (انتخابا، ترشيحا، وولوجا للمناصب العليا)… مكسبا

حقيقيا للدولة و المجتمع منذ السنوات الأولى لبزوغ الاستقلال ، فقد حرص أول دستور للمملكة سنة

1962على تضمين تلك الحقوق للرجال والنساء على حد سواء و دون تمييز، وهو الأمر الذي تعزز في دستور 

العقدين الأخيرين من خلال الإقرار الدستوري على الحق في المشاركة السياسية للنساء و المناصفة و

المساواة بين الجنسين في مختلف مناحي الحياة ، حيث اقر دستور يوليوز 2011في فصله التاسع عشر 

تمتع ” الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية

والثقافية والبيئية”…، و ألزم الدولة بالسعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، كما أقر في نفس

الاتجاه الفصل 146على ضرورة وضع الآليات الكفيلة بذالك عبر إحداث هيئة دستورية للمناصفة

ومكافحة كل أشكال التمييز.

واعتبارا لكون الانتخابات تعتبر العنصر الرئيسي الذي يرتكز عليه النظام الديمقراطي، والذي يقوم في

جوهره على مبدأ اختيار النخب، وبطبيعة الحال سعت المرأة جاهدة إلى تكريس تواجدها في هذا السياق،

حيث عرف حضورها في الحياة السياسية المغربية تطورا ملحوظا، ذلك أنها أبدت رغبتها في تحمل المسؤولية

السياسية في أول انتخابات جماعية نظمت في سنة 1960عندما ترشحت14سيدة ولم تفز أية واحدة منهن 

وقد تطورت نسبة المرشحات في انتخابات سنة 1976إلى 76مرشحة حيث تمكنت 9مرشحات من

الفوز في هذه الانتخابات الجماعية، وتطورت بعد ذلك نسبة عدد الترشيحات من 0.56سنة 1983إلى

%21.95في الانتخابات الجماعية لسنة ،2015وحصلت النساء على 6673مقعدا أي ما يعادل تقريبا ضعف

العدد المسجل خلال اقتراع 2009بنسبة %21.18من عدد المقاعد .*3*

وفي سياق نفس المنحى التطوري للمشاركة السياسية للمرأة بالمغرب، وانطلاقا من التوجيهات السامية

لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله ونصره التي أصدرها خلال عدة مناسبات، وخاصة

بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية لسنة ،2009حين توجه إلى الحكومة والبرلمان

قصد التعاون المثمر والبناء من أجل إيجاد آليات ناجعة تتوخى تشجيع حضور ملائم وأوسع للمرأة .

المغربية في المجالس الجماعية، ترشيحا وانتخابا، مبينا حفظه الله أن الغاية المثلى من ذلك تتمثل في

ضمان تمثيلية أفضل للنساء في مجالس الجماعات المحلية، حيت تم سنة 2009إحداث صندوق

الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء و الذي لعب أدوار جد مهمة في بلورة وترجمة توجيهات

جلالة الملك على أرض الواقع .

 

وقــــد عرفت مشاركة الـــــــمرأة المغربية فــــي الحياة السياسية، خـــــــلال العقدين الأخيرين،

 قفـــــزة نوعية وتطورا كبيرابمختلف القطاعات الحيوية والإنتاجية بكل كفاءة 

واقتدار ساهمت بكل جدية في تطوير وتحسين أوضاعهاوتعزيز مكانتها وحقوقها في مجالات متعددة 

وميادين وقطاعات مجتمعية هامة، بفضل كفاءتها وانخراطهاالفعال في معركة التنمية والتقدم في الحياة العامة ،

وبالرغم من هذا التقدم النسبي للمشاركة النسائية في الحياة السياسية، والذي يعزى إلى الدور المحوري 

الذي قامت به الحركة النسائية في الترافع من جهة، و إلى القوانين الانتخابية الجديدة التي

 خصت تمثيليةالنساء باليات للتمييز الإيجابي (الكوتا)، بالاظافة إلى إحداث صندوق

 لتقوية قدرات النساء وتعزيزتمثيليتهن في الحياة السياسة من جهة أخرى. 

جعل دستور 2011 من المجال الترابي المحلي مجالا لتعزيز هذا الإمكان وبلورته من خلال المكانة المتميزة

 التي اعطاها للجماعات الترابية عبر تخصيص 12 فصلا تنظيميا لها عكس ما كان منصوصا عليه في دستور96. *4*

وعبر التنصيص على اختصاصات وأدوار جديدة انيطت بالجماعات الترابية باعتبارها أحد 

الأساسية والجديدة للسياسات العمومية ومحددا مرجعيا وفاعلا أساسيا لتـــــــــــــــــحقيق التنمية الشاملةالمداخل والمندمجة .

حيث أولى الدستور المغربي عناية خاصة لحقوق المرأة كما هو متعارف عليها عالميا مع حظر ومكافحة

 كل أشكال التمييز حيث أوجب على السلطات العمومية وضع سياسات تهتم بالمرأة، وكفيلة بتحقيق المساواة بين

 الجنسين، حيث يؤكد الفصل السادس من الدستور على ضرورة تفعيل مبدأ المساواة 

و تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطـــــابع الفعلي لحرية المواطنات

 والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ويعتبر

 المغرب من الدول القلائل التي نصت صراحة على مبدأ المناصفة في دستور ، حيث جاء في الفصل

التاسع عشر من الدستور على ما يلي: ” يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية

والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته

الأخرى وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور

وثوابت المملكة وقوانينها.تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة ومكافـــــحة كل أشكال التمييز

كما جاء في الديباجة أن المملكة المغربية تؤكد وتلتزم على :” حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس.

 

               ومجــــمل القول، أن الدستورالجديد والقوانين والتدابيرالمتخذة في الســـنوات الأخيرة قد ساهمت في ارتفاع حجم ووثيرة المشاركة السياسية للنساء،لكن يبقى العمل على التثقيف السياسي مسالة ملحة للرفع من بناء قرار سياسي مثمر ونموذجي يمكننا جميعا من تحقيق انجازات تنموية من شانها المساهمة في التنمية المحلية التي بواسطتها نساهم في خلق مجتمع متجانس ومندمج يتمتع بمواطنة فاعلة . 

لائحة المراجع والهوامش :

 انظر الاستاذ بيسان مصطفى موسى “أهمية السياسي للمرأة العربية “جامعة الجزائر 3 مجلة مدارات سياسية تاريخ النشر 30/06/2024

نفسه

انظر دليل الأمل للمشاركة السياسية من اعداد جمعية الامل للتنمية والتضامن هذا الدليل جاء في إطار تنفيذ مشروع تقوية قدرات النساء والمنتخبات في مجال تدبير الشأن المحلي الممول في اطار صندوق دعم تشجيع تمثيلية النساء بعمالة إقليم سيدي سليمان .

نفسه

نفسه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!