أخبار

انتشار الباعة الجائلين أمام المساجد يثير الجدل بين المصلين والباعة

حكيم سعودي

تشهد الساحات المحيطة بالمساجد في العديد من الأحياء الشعبية ظاهرة انتشار الباعة الجائلين، الذين يحولون تلك الفضاءات إلى أسواق عشوائية تعج بالحركة والصخب. ورغم ما يقدمه هذا النشاط من فرصة اقتصادية للعديد من الأسر ذات الدخل المحدود، إلا أنه يثير استياء المصلين بسبب تأثيره السلبي على قدسية المكان وتنظيمه.ويشتكي المصلون من عرقلة حركة الدخول والخروج من المسجد، خاصة في أوقات الصلاة، بسبب اكتظاظ الساحات بالبضائع والعربات. كما يتسبب وجود الحيوانات المستخدمة لنقل السلع في انتشار الروائح الكريهة نتيجة ترك فضلاتها دون تنظيف.

أحد المصلين في مسجد كبير بأحد الأحياء الشعبية عبر عن استيائه قائلاً: “نأتي إلى المسجد للخشوع والسكينة، لكننا نجد أنفسنا محاصرين بأصوات مكبرات الباعة وصراخهم، وكأننا في سوق بدل أن نكون في بيت من بيوت الله.”من جهة أخرى، يرى الباعة أن هذه المواقع توفر لهم مصدر رزق لا يمكنهم التخلي عنه، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها. ويؤكد أحدهم قائلاً: “نحن نعمل هنا لتأمين قوت يومنا، وليس لدينا بديل مناسب. نعلم أن وجودنا قد يسبب إزعاجًا، لكننا مضطرون لذلك.”

وفي ظل هذا الوضع تتزايد الدعوات إلى تدخل الجهات المعنية لتنظيم هذه الأنشطة. ويقترح مواطنون تخصيص أماكن بديلة قريبة من الأحياء والأسواق، مع فرض رقابة تضمن احترام قوانين التنظيم والحفاظ على نظافة المكان.ان الحلول المقترحة تشمل تعزيز التوعية بين الباعة والمجتمع حول أهمية احترام قدسية المساجد، إلى جانب وضع خطط تنموية توفر بدائل اقتصادية للباعة، بما يحقق التوازن بين حقهم في العمل وحق المصلين في بيئة هادئة ومنظمة

أكد عدد من الأعضاء في الشأن المحلي أن التعامل مع ظاهرة الباعة الجائلين أمام المساجد يتطلب نهجًا شموليًا يتجاوز الحلول المؤقتة، مثل حملات الإخلاء أو العقوبات. وأشاروا إلى ضرورة وضع استراتيجيات طويلة الأمد تشمل تخصيص فضاءات تجارية مرخصة بالقرب من المناطق السكنية، وإدماج الباعة في برامج تأهيل اقتصادي واجتماعي.كما أضاف أحد المتخصصين في التخطيط الحضري: “المشكلة ليست فقط في الباعة، بل في غياب التخطيط العمراني الملائم الذي يوفر مساحة تجارية منظمة تخدم احتياجات المواطنين دون الإضرار بالساحات العامة أو المقدسات.”

على الصعيد الآخر، دعا أئمة المساجد وأفراد المجتمع المدني إلى التعاون بين السلطات المحلية والباعة والمجتمع لوضع حد لهذه الفوضى، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على احترام قدسية المساجد ودورها الروحي.وفي ظل استمرار الظاهرة، يبقى الحل مرهونًا بمدى قدرة الجهات المسؤولة على تحقيق توازن بين احتياجات الباعة وحق المصلين في الهدوء والتنظيم، بما يضمن بيئة حضارية تعكس قيم الاحترام والتعايش في المجتمع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!