
تشهد حركة المرور بين المحمدية والدار البيضاء حالة من التقلبات المؤقتة بفعل أشغال تجديد وتهيئة بدالة غرب المحمدية على الطريق السيار، العمل الذي بدأ في أبريل 2025 واستهدف إغلاق بعض المسارات مؤقتًا، مما أثر على انسيابية الحركة ولكنه لم يوقفها بالكامل بفضل المسارات البديلة المعتمدة التي سهلت مرور السيارات. ويترافق ذلك مع مشاريع توسعة ضخمة للطريق السيار بين المحمدية وبدالات عين حرودة، والتي ستثمر عن زيادة ملحوظة في قدرة الطرق عبر توسيعها إلى ثلاث إلى أربع مسارات في كل اتجاه، إضافة إلى بناء قناطر جديدة تسهم في زيادة انسيابية وتنظيم حركة السير وتخفيف الضغط المروري المتوقع في المستقبل القريب.
يعيش معدل انسيابية المرور في هذه المنطقة على وقع متوسط خلال هذه الفترة، يتأثر بالأشغال الجارية التي تخفض من قدرة الطرق المؤقتة، لكنها ليست على شفير الازدحام الكامل. حيث تعتمد انسيابية المرور على سرعة تدفق المركبات وعددها في الدقيقة الواحدة إضافة إلى طول الصفوف عند نقاط الانتظار والإشارات. وتعزز المشاريع الحالية من تحسين هذه المؤشرات تدريجيًا، مع توفير بدائل ومسارات تخفيفية للحفاظ على حركة منتظمة، وهو ما يحتاج إلى متابعة مستمرة عبر تطبيقات المرور المحلية التي تقدم تقارير لحظية دقيقة.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية الطرقية بشكل عام، تواصل المملكة المغربية تنفيذ استثمارات ضخمة في مشاريع تطوير شاملة من ضمنها توسيع شبكة الطرق وتشييد جسور جديدة تعد حجر الزاوية في تعزيز منظومة النقل الوطنية، وتحديث الطرق السيارة بكفاءة عالية لدعم الدينامية الاقتصادية والاجتماعية. وقد شهدت عدة مناطق، ومنها جهة الدار البيضاء-سطات وإقليم بنسليمان، مشاريع تقييمية وتأهيلية ضخمة تشمل تثليث الطرق وتحسين نقاط الالتقاء الحيوية، وذلك بميزانيات تمويلية ضخمة تستهدف رفع الجودة والقدرة الاستيعابية وضمان سلامة أفضل على الطرق.
وفي إقليم بنسليمان ومدينة بنسليمان تحديدًا، تبرز مشاريع بنيوية كبرى استعدادًا لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030؛ حيث يُقام ملعب “الحسن الثاني” الكبير الذي يُعد الأكبر في إفريقيا على بعد ضواحي المدينة، ويترافق هذا بإطلاق مشروع طموح لتحسين وتحديث شبكة الطرق والبنية التحتية في المنطقة. تشمل هذه المشاريع تثليث وتقوية الطريق الإقليمية 3308، بناء قناطر جديدة على نقاط تقاطع هامة مع السكك الحديدية والطريق السيار، فضلاً عن ربط الملعب الجديد بشبكة طرقية متطورة تربطه مدينتي الرباط والدار البيضاء، مما يضمن انسيابية حركة المركبات خلال الفعاليات الرياضية الكبرى. ويشمل المشروع كذلك تطوير مواقف ضخمة للسيارات وتحسين الوصول للمنشآت الرياضية، كما يتم العمل على ربط الملعب بشبكة السكك الحديدية ومحطة مطار محمد الخامس لتسهيل التنقل على الزوار. وتتميز هذه المشاريع باستثمارات ضخمة تجاوزت الملايين من الدراهم، وبجهود مشتركة بين وزارات ومؤسسات عمومية لتوفير التمويل اللازم وضمان التنفيذ العالي الجودة.
تتنوع الحلول العملية التي تعتمد عليها السلطات لإدارة الاختناقات المرورية، حيث يعمل تخفيف الضغط عن طريق تطوير أنظمة النقل العمومي وجعله أكثر جاذبية للمواطنين، إضافة إلى تشجيع ممارسة مشاركة الركوب وتقنيات النقل الذكي التي تعتمد على إشارات مرور تتكيف ديناميكياً وتوجيه المركبات نحو المسارات الأقل ازدحاماً، إضافة إلى تطبيق تسعير المرور خلال ساعات الذروة وتشجيع وسائل التنقل البديلة مثل الدراجات الهوائية والمشي، وتبني خطط عمل مرنة تقلل من طلب التنقل في أوقات الذروة. وتعزز تقنيات الذكاء الاصطناعي تحقيق هذه الأهداف عبر أنظمة ذكية لتحليل وتوقع حركة المرور، إدارة الإشارات الضوئية بفعالية عالية، وتسهيل عمليات الإنفاذ المروري بما يساهم في تقليل الحوادث وتحسين السلامة.
وعلى المستوى الاستراتيجي، تهدف المملكة من خلال خطة طموحة تمتد حتى عام 2030 إلى زيادة شبكة الطرق السيارة بنسبة تصل إلى 66%، لتبلغ حوالي 3000 كيلومتر، عبر مشاريع رئيسية تشمل بناء الطريق السيار القاري بين الرباط والدار البيضاء، والطريق السيار تيط مليل-برشيد الذي يتميز بثلاث مسارات بكل اتجاه، مع تحديث وتحسين نقاط الالتقاء الأساسية مثل عين حرودة وسيدي معروف، وتمويل استثماري ضخم يقارب 12.5 مليار درهم لتحسين وتوسيع البنية التحتية، بالإضافة إلى دعم المقاولات المحلية للرفع من تنافسيتها وقدراتها التقنية في هذا القطاع الحيوي. وتعتبر هذه المشاريع، التي تحظى بتعاون حكومي واسع يشمل عدة وزارات ومؤسسات وبلديات، ضرورية لاستقبال الفعاليات الرياضية العالمية وتنشيط الاقتصاد الوطني، وتعزيز الربط المجالي بين مراكز النمو الكبرى.
تشهد مدينة بنسليمان وإقليمها تحولات كبيرة على مستوى البنية التحتية، خصوصاً في مجال النقل، في إطار استعدادات المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030. المشاريع الطرقية والسكك الحديدية التي تُنفذ حالياً تهدف إلى رفع مستوى الخدمات وتحسين انسيابية الحركة، مما يعزز من قدرة المدينة على التعامل مع الزيادات الكبيرة في حركة الركاب والبضائع، وينعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الطريق السيار القاري الجديد، الذي سيربط بين بنسليمان والرباط والدار البيضاء، يشكل محوراً رئيسياً في هذه الجهود، حيث يعمل على تخفيف الازدحامات ويقلل الزمن اللازم للتنقل، ما يسهل سهولة الوصول إلى المرافق الحيوية مثل ملعب الحسن الثاني في بنسليمان، ويحفز ازدهار الأنشطة التجارية والاستثمارية في المنطقة، وبالتالي يدعم الاقتصاد المحلي ويخلق فرص شغل متعددة. هذا الطريق يحمل تصميمًا حديثًا بثلاث مسارات في كل اتجاه ويُعد نقلة نوعية في حركة النقل الإقليمي.
تُعتبر محطة قطار بنسليمان الجديدة ركيزة أساسية في تطوير النقل المستدام بالمنطقة، إذ توفر وسائل نقل عصرية ومريحة تربط بين بنسليمان والمدن الكبرى من جهة، وتدعم جهود التنمية المستدامة بتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة والحد من التلوث. هذه المحطة ترتقي بجودة النقل العام، وتخلق منظومة متكاملة مع الحافلات وغيرها من وسائل النقل، وتسهم في تعزيز الربط الإقليمي وتحفيز النمو الاقتصادي عبر جذب الاستثمارات ودعم السياحة، لاسيما مع قرب استضافة المونديال.
تطلعات التنمية في بنسليمان تشمل أيضاً مشروع تأهيل البنيات الطرقيّة بتكلفة ضخمة تصل إلى مئات الملايين من الدراهم، وتغطّي توسيع وتثليث الطرق وإحداث ممرات جديدة وقناطر، بالإضافة إلى بناء منشآت رياضية متطورة تعزز مكانة الإقليم كمركز حيوي للرياضة والثقافة، وتعزز من جاذبية المدينة والاستثمار فيها. تزامن إطلاق هذه المشاريع مع تعيين إدارة جديدة يتبنى رؤى استراتيجية لتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين جودة الحياة.
العلاقة بين هذه المشاريع والتنمية الاقتصادية واضحة، حيث أن النقل المستدام لا يعزز فقط فعالية التنقل ويقلل التكاليف البيئية، بل يفتح أبواباً جديدة للنمو عبر تحسين الولوج إلى فرص العمل والخدمات، وزيادة تنافسية الاقتصاد المحلي. مشاريع السكك الحديدية خصوصاً تخلق فرص عمل متعددة في مراحل البناء والتشغيل، وتوسع من نشاطات لوجستية وتجارية حيوية، مما يدعم خفض معدلات البطالة ويعزز الرفاه الاجتماعي.الطريق الجديد الذي يجري إنشاؤه بين بنسليمان والرباط سيحدث تحولاً نوعياً في نقل المدينة من عدة جوانب. أولاً، يسهم هذا الطريق السيار الحديث في تقليل زمن التنقل بين بنسليمان والرباط، ما ييسر التنقل اليومي للسكان ويشجع على توسيع الفضاء الاقتصادي والاجتماعي للمدينة، عبر ربطها بمركز العاصمة بشكل أكثر سرعة وأماناً. كما يعزز الطريق الجديد من انسيابية حركة المرور ويقلل من الازدحامات، خصوصاً في أوقات الذروة، من خلال تمريره بمحاذاة مناطق استراتيجية مثل مطار بنسليمان وملعب الحسن الثاني، وهو ما يسهل وصول الزوار والمستخدمين إلى هذه المنشآت الحيوية بكفاءة عالية. هذا الأمر يدعم كذلك تنشيط النشاطات التجارية والخدمية في المدينة، ويعزز من فرص العمل ويحفز على التطور الحضري والاقتصادي.
من جهة أخرى، يحفّز الطريق الجديد تحسن خدمات النقل العمومي والخاص، حيث يتيح للجهات المختصة تطوير جداول النقل وإدخال خدمات جديدة تلبي الاحتياجات المتزايدة لسكان المدينة وضواحيها. كما يرتبط بمبادرات تحديث خطوط السكك الحديدية في المنطقة، ما يُسهّل التنقل بوسائل متعددة، ويقلل الاعتماد على السيارات الخاصة، مما يساهم بشكل إيجابي في تقليل الانبعاثات والتلوث البيئي.
تُعد المرحلة القادمة لمشاريع بنسليمان مرحلة مفصلية في مسار تحديث بنيتها التحتية، حيث دخل مشروع طرقي متكامل مرحلة التنفيذ بعد سنوات من التخطيط والدراسة، وينقسم إلى أربع مراحل كبرى تهدف بالأساس إلى تسهيل الولوج إلى ملعب الحسن الثاني وتخفيف الاختناقات المرورية في مداخل ومخارج المدينة، لا سيما خلال الفترات الحيوية والفعاليات الرياضية الكبرى. تشمل هذه المراحل توسيع وتثنية الطرق، إنشاء ممرات تحت أرضية، فتح بدالات جديدة، وبناء ممرات أرضية، مع تعزيز شبكات الربط ما بين الطرق الإقليمية والجهوية لتحسين السلامة وتقليل الازدحام.
مشاريع بنسليمان الجديدة سيكون لها تأثير إيجابي عميق على قطاع النقل العام بالإقليم، حيث تم تخصيص أسطول حافلات حديث ومدعوم بتقنيات متطورة لخدمة السكان، ما يشكل نقلة نوعية في جودة وكفاءة الخدمات ويقلل أعباء التنقل اليومية. كما يتم العمل على إنشاء محطة قطار حديثة ومتكاملة بالقرب من ملعب الحسن الثاني، مما يوفر بيئة مريحة وأفضل للتنقل السككي ويزيد من فعالية الربط بين وسائل النقل، ويعزز مكانة بنسليمان المحورية في منظومة النقل الإقليمية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تسهم مشاريع الطرق والسكك الحديدية في بنسليمان في جذب الاستثمارات، وتوفير فرص شغل متعددة خلال مراحل البناء والتشغيل، وتحفيز تنمية قطاعات لوجستية وتجارية حيوية ترتبط بزيادة حركة النقل والطلب على الخدمات، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد المحلي عبر تسهيل الوصول إلى الأسواق وتحسين مناخ الأعمال. علاوة على ذلك، يشجع التركيز على النقل المستدام في هذه المشاريع، عبر تقليل الاعتماد على السيارات والحد من التلوث، تطوير الاقتصاد الأخضر، وإرساء أسس التنمية المستدامة التي تربط بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة وجودة الحياة.
بهذا التكامل المتواصل بين البنية التحتية المتطورة والخدمات الحديثة والاستراتيجيات البيئية والاقتصادية، تصبو مدينة بنسليمان أن تكون نموذجًا حضريًا يشكل ركيزة مهمة في التنمية الشاملة للمملكة المغربية، ويسهم بفعالية في تحقيق طموحاتها الوطنية وإحداث تحول إيجابي في حياة سكانها ومنطقتها المحيطة.