أخباررأيسياسةمجتمع

بين السطور: قراءة في بيان الجزائر حول موقف المملكة المتحدة من قضية الصحراء المغربية

الصحراء المغربية: حق تاريخي والسلم في المغرب الكبير ركيزة أساسية لبناء اتحاد قوي يعزز التنمية ويواجه التحديات المشتركة

في خضم التطورات الدبلوماسية التي تشهدها قضية الصحراء الغربية المغربية، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً يعبر عن “أسفها” تجاه الموقف الجديد للمملكة المتحدة الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي. بيانٌ يحمل في طياته مواقف سياسية تقليدية، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن فجوة واضحة بين قراءة الجزائر للملف والواقع الدولي المتغير.
الرسالة الجزائرية، التي ترفض دعم لندن لمبادرة الحكم الذاتي، تبدو وكأنها تقف عند محطة قديمة من الزمن، حيث لا تزال ترى في هذا المخطط محاولة “لتشتيت القضية” و”تجاهل حقوق الشعب الصحراوي”. لكن الوقائع على الأرض، والقراءات الدولية التي تتبنى مقاربة أكثر واقعية، تشير إلى أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بات خياراً يحظى باعتراف دولي متزايد، ويُنظر إليه كحل وسط يوازن بين وحدة التراب المغربي وحق السكان في المشاركة السياسية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل أن الموقف البريطاني، الذي عبرت عنه الجزائر بأسف، يعكس تحوّلاً دبلوماسياً مهماً. لندن، التي لطالما كانت لاعباً مؤثراً في الملف، اختارت أن تدعم مبادرة الحكم الذاتي، ربما انطلاقاً من رغبة في استقرار المنطقة وتعزيز فرص السلام، بعيداً عن الخطابات التقليدية التي تستند إلى مواقف جامدة.
البيان الجزائري، رغم ما يحمله من تحفظات، يعكس أيضاً حالة من الإحباط أمام ما يبدو له تراجعاً في الدعم الدولي لموقفها. لكنه يفتقر إلى تقديم رؤية بديلة واضحة أو مقترحات عملية تواكب التحولات الجيوسياسية، مما يضعه في خانة الردود الدفاعية أكثر من كونه مبادرة فاعلة.
وفي النهاية، تبقى قضية الصحراء الغربية معقدة وحساسة، تتداخل فيها السياسة مع التاريخ والجغرافيا، وتتطلب من جميع الأطراف قراءة متأنية ومرنة. ومن هذا المنطلق، فإن المواقف الرسمية، بما فيها بيان الجزائر، بحاجة إلى مراجعة نقدية توازن بين الثوابت الوطنية ومتطلبات الواقع الدولي، لتفتح الباب أمام حوار بناء يفضي إلى حل يرضي الجميع ويضمن استقرار المنطقة.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!