أخبارسياسةمجتمع

تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس،افتتاح الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية

ناقشت دورة هذا العام موضوع "تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب: رؤية تنموية بمعايير دولية".

افتتحت ،يومه الاثنين الموافق 17 فبراير 20252،الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس في مقر مجلس المستشارين وناقشت دورة هذا العام موضوع “تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب: رؤية تنموية بمعايير دولية”.

وأشار الطالبي العلمي في كلمته عند افتتاح المنتدى إلى أن منظومة الحماية الاجتماعية حققت نجاحات، لكنها تواجه تحديات وإشكالات.(نص الكلمة أسفل الخبر)
ودعا “إعلان الرباط للعدالة الاجتماعية”، الذي اختتم به المنتدى ، إلى توسيع النقاش المجتمعي حول النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، مؤكدًا على تعزيز التضامن الاجتماعي وتقوية البرامج الاجتماعية المبنية على الحقوق.
ومن أجل استكمال بناء النموذج المغربي، دعا إلى استثمار آليات الديمقراطية التشاركية ومنظومة الجماعات الترابية، بالإضافة إلى المؤسسات الدستورية الاستشارية والمجتمع المدني.
وحث الإعلان الحكومة على تقديم مشروع قرار بالتعاون مع شركاء المغرب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يتعلق بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وأكد المشاركون في المنتدى أن الكرامة والتضامن والعدل والإنصاف وتكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق هي المبادئ التي يرتكز عليها النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية.
كما قدم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، مقترحات تتعلق بالمداخل المنهجية لبناء نموذج مغربي للعدالة الاجتماعية، مؤكدًا على المقاربة التشاركية والحقوقية وتكريس المساواة بين الجنسين.
ومن جهتها ،أكد ممثلو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسة الوسيط والمندوبية السامية للتخطيط والمجالس الجهوية على أن العدالة الاجتماعية قضية جوهرية لإقرار السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة.

وللإشارة ،يهدف المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية إلى تعزيز دور العمل البرلماني في تمكين العدالة الاجتماعية، وتوسيع النقاش المجتمعي حول الالتزام بمواثيقها الدولية وآلياتها الأممية ومرتكزاتها الدستورية.
وشاركت في المنتدى منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها، ووكالات التعاون الدولي، والاتحاد البرلماني الدولي، وبرلمانات من دول مختلفة، وأعضاء من البرلمان المغربي والمجالس الدستورية، وممثلون عن القطاعات الحكومية، ومجالس الجهات، ومنظمات نقابية ومهنية، وهيئات المجتمع المدني، ومؤسسات جامعية وأكاديمية، وخبراء وإعلاميون.

♦️كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب في افتتاح الدورة التاسعة لمنتدى العدالة الاجتماعية

باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

السيد رئيس المستشارين ،

السادة الوزراء،

السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،

حضرات السيدات والسادة،

يشرفني أن أشارك في افتتاح أشغال الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية والمجالية، الذي يحرص مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على انتظام دوراته كفضاء للحوار بين المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة المعنية والفاعلين في السياسات و الإشكاليات التي يتناولها المنتدى في دوراته المتتالية.

وأود في البداية أن أتوجه بالشكر إلى الأخ والزميل السيد محمد ولد الرشيد رئيس مجلس المستشارين على دعوتنا للمشاركة في الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة التي تتمحور أشغالها حول موضوع يكتسي من الراهنية، ومن الأهمية في السياق الوطني الراهن، ما يجعله في صدارة النقاش العمومي، واهتمامات الرأي العام وانشغالات الأسر.

في هذا الصدد، ينبغي التذكير بأن الفضل في ارتقاء موضوع الحماية الاجتماعية إلى صدارة النقاش العمومي، وتصدره السياسات الوطنية واكتسابه طابعا استراتيجيا في التدخلات العمومية، تخطيطا وتمويلا، يعود إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. فقد حرص جلالته مند اعتلائه العرش على جعل الحماية الاجتماعية لكافة المواطنات، والمواطنين في صلب التنمية، وجوهر حقوق الإنسان، والديموقراطية.

وقد شكلت التنمية البشرية والاجتماعية جوهر فلسلفة حكم جلالته، إذ أكد أنه “مهما تكن مكاسبنا في الديموقراطية، فإنها بدون اقترانها بالتنمية البشرية، ستظل مجرد هياكل صورية”، لذلك يحرص جلالته على ” إعطاء الديموقراطية بعدها الاجتماعي والإنساني”.

إن هذا الربط الجدلي بين الديموقراطية السياسية المؤسساتية، والديموقراطية الاجتماعية، والتمفصل الإيجابي، بينهما، هو ما يعطي النموذج الديموقراطي الحداثي والتنموي المغربي فرادته. ويتجسد ذلك، بالخصوص، في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها صاحب الجلالة أعزه الله سنة 2005، ويرعى مشاريعها في الميدان، ثم في برامج التغطية الصحية، والحرص على مجانية التعليم العمومي، والتحفيز على جعله وسيلة للرقي الاجتماعي والإدماج، ومحاربة التهميش، وتنمية العالم القروي، وصولا إلى إقرار منظومة الحماية الاجتماعية بمختلف برامجها ومداخلها، والمؤطَّرة بمفهوم الدولة الاجتماعية.

السيدات والسادة،

لقد نجحت بلادنا بشكل كبير في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير الحماية الاجتماعية بمختلف أشكالها. وأكثر من ذلك، والأساسي، أنها تتوفر على إرادة أكيدة في تطوير منظومتها الحمائية، وفي مقدمتها إرادة ورعاية صاحب الجلالة نصره الله ورؤيته الاجتماعية للتنمية.

ويتبين من خلال النصوص التشريعية، بين مشاريع ومقترحات قوانين التي صادق عليها البرلمان المغربي منذ 1970، والمتعلقة بالحماية الاجتماعية، والبالغ عددها 138 نصا، منها 28 قانونا خلال الولاية الحالية، بين تعديلات جوهرية على نصوص سارية ونصوص تأسيسية، – يتبين من ذلك – الأهمية المركزية لمنظومة الحماية الاجتماعية في التشريع الوطني وفي السياسات العمومية.

ومع ذلك، فإن هذه المنظومة، التي حققت نجاحات هامة وملموسة، ما تزال تواجه عدة تحديات وإشكالات.

ومن ذلك:

تحدي وإشكال التمويل ومصادره، وتواضع الموارد مقابل الطموحات والحاجيات، والارتفاع المتزايد لأعداد المحتاجين إلى الحماية الاجتماعية؛ مما يتطلب الإبداع والاجتهاد في طرق ومصادر التمويل خاصة من خلال التضامن بين الأجيال وبين الفئات، وجعل عائد مدخرات مساهمات ذوي الدخل في الصناديق الاجتماعية منتجة، وذات مردودية، وقادرة على تغطية نسب أكبر من اعتمادات الإنفاق على الحماية الاجتماعية.

وإذا كانت نسبة 55% فقط من كلفة تعميم الحماية الاجتماعية، هي التي تتأتى من مساهمات الأفراد، فإن المجهود العمومي لتمويل الحصة المتبقية، بقدر ما يبرهن على الابتكار في إيجاد الحلول، وفي هندسة إنفاق المداخيل العمومية، وعلى أن بلادنا هي في الطريق الصحيح، بقدر ما يستدعي منا توسيع قاعدة المساهمات، توخيا لاستدامة المنظومة وتقوية أسسها وتجويد مردوديتها.

تحدي وإِشْكال الاستدامة، خاصة بسبب التحولات في الهرم الديموغرافي، مما يتسبب في اختلالات بين حجم المساهمات وقاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالتقاعد أو التغطية الصحية أو الدعم المالي للفئات المستحقة.

تحدي وإشكال الهندسة المؤسساتية للهيئات والصناديق التي تدبر الحماية الاجتماعية والتدخلات العمومية في المجالات الاجتماعية، مما قد يؤثر على مردودية التضامن باعتباره قيمةً حاكمة ومركزية في الحماية الاجتماعية، ويجعل أثرها دون الطموحات.

إننا السيدات والسادة، في شأن الحماية الاجتماعية، الضامنة للكرامة والادماج والشعور بالمواطنة، إزاء منظومة وتدابير للتحفيز على الإنتاج بالنسبة لمن هم قادرون عليه، وعلى الثقة في المؤسسات والانتماء للمجموعة الوطنية، وبالتالي تعزيز التماسك الاجتماعي الذي يميز نسيجنا المجتمعي.

وما من شك في أن ما تحقق في مجال تعميم الحماية الاجتماعية وحرص الجميع على استمرار نجاعة المنظومة تتطلب تعزيز الحكامة الجيدة التي تضمن الولوج إلى مختلف الخدمات بشكل متيسر، والشفافية في التدبير، والتواصل مع المواطنين، وهو ما تشجعه اليوم التكنولوجيا الرقمية، وحرص مختلف المؤسسات والفاعلين على تقدير نُبل الحماية الاجتماعية كمنظومة للتضامن الوطني والاجتماعي. وبالتأكيد فإن هذه الحرص والتتبع هو ما أنتج اليوم حصيلة جد إيجابية في أداء المنظومة، ومردوديتها على الرغم من حداثتها.

وينبغي من جهة أخرى، في مقابل توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، توفير بنيات التكفل والاستقبال وتجويد الخدمات، حتى يلمسَ المواطنُ أثرَ الحماية المكفولة له.

وتسير الاستثمارات العمومية الكبرى المنجزة أو الجاري تنفيذها، خاصة في مجال البنيات الاستشفائية، الكبرى والمتوسطة والصغرى، في هذا الاتجاه. كما أن عزم بلادنا على ضمان أمنها وسيادتها الدوائية وتنويع عروض التكوين في مجال الصحة، يتساوق مع ـأهداف التعميم والتجويد.

في الختام، أود أن أؤكد أن الحماية الاجتماعية، باعتبارها مشروعا ملكيا، ليست مرتبطة، بالولايات الحكومية أو التشريعية، وإنما هي مشروعٌ وطني، وطموحُ أمة، ينجز بفضل العناية والرعاية الملكية، وينفذ من قبل السلطات العمومية وفق الرؤية الحصيفةِ لصاحب الجلالة؛ وينبغي أن نتعبأ جميعا من أجل إنجاحه وضمان استدامته وجودته.

شكرا على إصغائكم.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!