أخباررأيسياسة

تداعيات الحرب التجارية الأمريكية-الصينية على القيادة العالمية لأمريكا

في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية بين أكبر قوتين عالميتين، يقدم ذ. الحسين شقرة، المدير المساعد لمكتب البرامج والخدمات الدولية بولاية إنديانا وأحد الأكاديميين المرموقين الحاصلين على وسام العرش المغربي عام 2009، قراءة معمقة لتداعيات الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الصين.

في تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك، استند فيها إلى تقارير وتحليلات عدة، أبرزها تقرير موقع عربي21 وبي بي سي العربي ، ليبرز كيف أن الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الصين تمثل نقطة تحول في السياسة الاقتصادية والعلاقات الدولية، حيث تجاوزت حدود النزاع التجاري لتطال مكانة الولايات المتحدة كقائد عالمي وتعيد تشكيل موازين القوى الاقتصادية والسياسية على الساحة الدولية.

وأضاف أن فرض تعريفات جمركية مرتفعة على الصين وحلفاء أمريكا التقليديين أدى إلى توتر في العلاقات مع شركاء استراتيجيين، مما يعرض التحالفات التي دعمت النفوذ الأمريكي لخطر التفكك. هذه السياسة أحادية الجانب أدت إلى عزلة نسبية لأمريكا، حيث بدأت دول أوروبية وغيرها من الحلفاء تفكر في تعزيز علاقاتها مع الصين، التي تقدم نفسها كبديل اقتصادي وسياسي. هذا التحول يعزز من فرص ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب، يقلص من الهيمنة الأمريكية التي استمرت عقوداً.
وعلى الصعيد الاقتصادي،أشار إلى أن هذه الحرب التجارية أدت إلى اضطرابات في الأسواق المالية العالمية، وزيادة مخاطر الركود، كما حذرت مؤسسات مالية كبرى من أن استمرار هذه السياسات قد يضعف الاقتصاد الأمريكي نفسه. كما أن الاعتماد الكبير على سلاسل التوريد الصينية للسلع الحيوية يجعل من الصعب على أمريكا فرض قيود تجارية دون تكبد أضرار داخلية.

وأما سياسياً، ففقدان الثقة من الحلفاء وتراجع مكانة أمريكا في قضايا كالتغير المناخي والأمن السيبراني يضعف قدرتها على قيادة المبادرات الدولية، مما يفتح المجال لدول أخرى كالصين وكتلة الـBRICS للعب دور أكبر على الساحة العالمية.
وفي المجمل، إن الحرب التجارية التي اختارها ترامب تمثل مخاطرة استراتيجية قد تؤدي إلى إعادة تشكيل النظام الدولي، مع تبعات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي والتحالفات السياسية. الولايات المتحدة تواجه تحدياً كبيراً للحفاظ على موقعها القيادي في عالم يتجه نحو تعددية الأقطاب، حيث قد يكون تراجع النفوذ الأمريكي نتيجة حتمية إذا استمرت سياسات العزل الاقتصادي والتجاري.

ترجمة النص الأصلي بقلم ذ. الحسين شقرة
في حربه التجارية مع الصين، لا تهدد إدارة ترامب فقط سمعة أمريكا كقائدة عالمية، بل تقوض أيضاً التحالفات القديمة التي دعمت النفوذ الأمريكي في الشؤون الدولية. بفرض تعريفات جمركية على منتجات صينية وأيضاً على منتجات دول حليفة، تُبعد الإدارة تلك الدول التي كانت تقليدياً تدعم السياسات والمصالح الأمريكية. قد يدفع هذا الحلفاء إلى البحث عن اتفاقيات تجارية بديلة أو التقارب أكثر مع الصين لموازنة الإجراءات الأمريكية، كما ظهر مؤخراً مع الدول الأوروبية.

إذا تذبذبت استراتيجية ترامب، فقد تكون العواقب على مكانة أمريكا في السياسة العالمية عميقة. الدول التي كانت تلجأ للولايات المتحدة قد تبدأ بالتشكيك في مصداقيتها والتزامها بمبادئ التجارة الحرة. هذا قد يشجع دولاً مثل الصين أو تحالف الـBRICS على تعزيز دورها عالمياً، مقدمة نفسها كشريك اقتصادي وسياسي بديل.

علاوة على ذلك، إذا ابتعدت الدول عن النفوذ الأمريكي، قد يتغير توازن القوى بشكل جذري، ليصبح العالم متعدد الأقطاب مع تراجع الهيمنة الأمريكية. في هذا السياق التنافسي، قد تجد الولايات المتحدة صعوبة في حشد الدعم لمبادراتها التي تخدم مصالحها الوطنية، من التجارة إلى الأمن.

فقدان الهيمنة الأمريكية قد يقلل من قدرتها على التأثير في مفاوضات عالمية مهمة مثل التغير المناخي والأمن السيبراني والتدخلات الإنسانية. بدون تحالفات قوية واحترام دولي، قد تواجه أمريكا صعوبة في توحيد الدول حول مبادراتها، مما يضعف دورها في تشكيل النظام العالمي.

بشكل جوهري، الحرب التجارية مع الصين والتعريفات المصاحبة لها تمثل مخاطرة قد تؤثر بشكل كبير على المصالح الاقتصادية الأمريكية ونفوذها الاستراتيجي وتحالفاتها ودورها القيادي طويل الأمد في العالم. هذه التداعيات قد تغير ديناميكيات العلاقات الدولية لأجيال قادمة.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!