
تعاني مدينة بنسليمان بشكل متزايد من مشاكل متعلقة بانتشار الدراجات النارية، خاصة وأن أغلب مستعمليها ينحدرون من الدواوير والجماعات الترابية المحيطة بالمدينة ما يفاقم من حدة الوضع ويخلق حالة من الفوضى والقلق بين السكان بسبب السلوكيات المتهورة وعدم الالتزام بقوانين السير ويتجلى هذا الوضع بشكل خاص في أوقات الذروة حيث يقود بعض الشباب دراجاتهم بأسلوب يشكل خطراً على المارة وسكان الأحياء، من جانب آخر تبذل عناصر الدرك الملكي في بنسليمان جهوداً كبيرة للحد من هذه الفوضى عبر حملات مراقبة شبه يومية وضبط المخالفين وتلعب كوكبة الدراجات النارية للدرك الملكي والأمن الإقليمي دوراً محورياً في مواجهة السائقين المتهورين وضمان السلامة في المنطقة إلا أن التحديات لا تزال قائمة بسبب كثرة مستعملي الدراجات القادمين من المناطق المجاورة مما يزيد الضغط على النظام المروري والسلامة العامة.
وعلى الصعيد الوطني ،تشير إحصائيات عام 2024 إلى ارتفاع مقلق في عدد الوفيات والإصابات الناتجة عن حوادث السير التي تشمل مستعملي الدراجات النارية بالمغرب حيث بلغ عدد القتلى حوالي 4,024 حالة بزيادة تتجاوز 5% مقارنة بالسنة السابقة وهو أعلى معدل يسجل منذ سنوات كما شهدت نسبة الوفيات بين مستعملي الدراجات النارية قفزة كبيرة بلغت 63% منذ عام 2015 مع تسجيل حوالي 670 وفاة إضافية خلال هذه الفترة وهو ما يعكس تفاقم الظاهرة خاصة في المجال الحضري إذ ارتفع عدد القتلى بنسبة 14 نقطة بين 2015 و2024 بينما شكل مستعملو الدراجات نسبة 43.19% من مجموع القتلى مما يجعلهم الفئة الأكثر تعرضاً للخطر من بين مستخدمي الطريق، ولا تقتصر هذه الإحصائيات على الوفيات إذ سجلت أيضاً إصابات خفيفة بلغت 192,406 حالة وإصابات خطيرة تجاوزت 14,700 حالة مما يدل على ارتفاع مستمر في حالات الحوادث المرتبطة بالدراجات النارية.
تعود أسباب هذا الارتفاع إلى عدة عوامل مترابطة تم توضيحها من قبل السلطات المختصة إذ أشاروا إلى الانتشار الكبير والسريع للدراجات في المدن خصوصاً واستخدامها المتزايد في خدمات التوصيل السريع التي ارتبطت بسلوكيات متهورة تتضمن تجاوز الإشارات الضوئية وركوب الأرصفة والسرعة الزائدة بالإضافة إلى ظاهرة السياقة الاستعراضية التي تجذب الشباب وتزيد من خطورة الحركة المرورية، كما يشكل ضعف التأطير والتكوين للسائقين وعدم الالتزام بارتداء الخوذات الواقية عناصر تزيد من حدة الإصابة عند وقوع الحوادث، كما تلعب التحولات الاجتماعية والاقتصادية دوراً في تحول أعداد كبيرة من السكان لاستخدام الدراجات النارية كوسيلة نقل رئيسية في ظل غياب بدائل نقل آمنة ومريحة، ورغم الجهود المبذولة في التوعية وتطوير القوانين إلا أن هذه العوامل جميعها أدت إلى تفاقم الخسائر البشرية والمادية.
تتضح خطورة الوضع في المحيط القريب من بنسليمان إذ تقع عدة حوادث مميتة ناجمة عن اصطدامات بين الدراجات النارية ومركبات أخرى تزيد من حجم المأساة وتعكس الحاجة إلى تدخلات عاجلة لتعزيز السلامة الطرقية، ويظل هذا الموضوع أحد أكبر تحديات الأمن المروري في المغرب عموماً وببنسليمان خصوصاً حيث أن الإجراءات الأمنية والتوعوية المتواصلة تتطلب دعماً أكبر بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية وتنظيم حركة المرور وتحديد أوقات وطرق مخصصة أكثر أماناً لمستعملي الدراجات النارية، ومن المؤكد أن نجاح هذه الجهود يتطلب تعاوناً مجتمعياً ودوراً فعالاً للسلطات المحلية والجهات المعنية لتقليص الحوادث والوفيات ومواجهة الظاهرة التي باتت تتنامى بشكل سريع لا يمكن تجاهله.