أخباردولي

تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية: منعطف حاسم في ملف الصحراء المغربية الغربية وتحولات دولية حادة

انتهاء المهلة الأمريكية يفتح الباب أمام عقوبات شاملة وضغوط على داعمي الجبهة ومخاطر على مسار السلام الدولي

تشهد قضية الصحراء المغربية الغربية تحولات معقدة مع انتهاء المهلة التي منحها مشروع القانون الأمريكي H.R. 4119 لجبهة البوليساريو لقبول مقترح الحكم الذاتي المغربي، ما يفتح باباً أمام مسار تشريعي حاسم لتصنيفها كمنظمة إرهابية.
يفرض المشروع على وزيري الخارجية والخزانة الأمريكيين تقديم تقييم شامل للكونغرس يركز على مدى التزام الجبهة بالعملية السياسية وكذلك ارتباطها بأنشطة إرهابية وعلاقاتها بتنظيمات معروفة. في حال عدم الالتزام، ستخضع البوليساريو لعقوبات تشمل تجميد أصولها وحظر تحركات قيادييها، مما يزيد من ضغوط الخناق عليها ويعزز موقف المغرب، ويرسل رسالة واضحة للدول الداعمة مثل الجزائر بضرورة مراجعة مواقفها في ظل التهديدات القانونية والدبلوماسية.
وينتقل المشروع الآن إلى المراحل النهائية في الكونغرس إذ يناقش في لجانه المختصة قبل التصويت، ليتم إقراره وتفعيله بقانون بعد توقيع الرئيس. هذا القانون سيحظر الدعم المالي والسياسي للجبهة، ويحد من تحركاتها وقدراتها، كما يضع ضغوطاً إضافية على داعميها الإقليميين والدوليين. مع ذلك، تتحدث تحذيرات من إمكان تصعيد النزاع وصعوبة الدفع بجهود السلام، في ظل العقوبات والتوترات المتصاعدة التي تشير إلى تعقيد تمويل وتسليح البوليساريو.

يستند التصنيف إلى معايير قانونية دقيقة داخل الإطار الفيدرالي الأمريكي، حيث يتم تقييم الجبهة كتهديد أمني قبل إضافتها إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وقد تستتبع هذه الخطوة إجراءات صارمة تشمل ملاحقة الأفراد والمؤسسات الداعمة ومنع استخدام الأصول المالية داخل الولايات المتحدة، مع حظر السفر للقياديين، وذلك بهدف تقويض القدرات التنظيمية والسياسية للبوليساريو.

ويمتد تأثير التصنيف ليطال الدعم السياسي والدبلوماسي للبوليساريو، حيث تعرض شرعيتها الدولية وتضعف شبكة دعمها الإقليمية، مما يلقي بظلال ثقيلة على الجزائر التي كانت الركيزة الأساسية لوجود الجبهة، فتجد نفسها أمام مطالب قانونية ودبلوماسية لتعليق أو مراجعة دعمها المباشر وغير المباشر، فيما يزيد التصنيف من احتمالات تقويض القدرة التمويلية واللوجستية للجبهة، ويعزز فرص استبعادها من العملية السياسية مما قد يدفع النزاع نحو مزيد من التعقيد والعنف.
كما أن التصنيف سيؤثر سلباً على مفاوضات الأمم المتحدة المتعلقة بالنزاع، إذ سيعقد استمرار مشاركة البوليساريو كطرف رسمي ويعرض جهود السلام للخطر، مع احتمالات زيادة حالة الجمود وتصعيد النزاع عسكرياً. فضلاً عن ذلك، قد تواجه المساعدات الإنسانية للمخيمات التي تديرها الجبهة عراقيل جمة تزيد من معاناة المدنيين، فيما تفقد الولايات المتحدة ودول أخرى دورها كوسطاء محايدين في النزاع.

على الصعيد الدبلوماسي والقانوني، تواجه الدول التي تستضيف قادة البوليساريو تبعات معقدة قد تشمل ضغوطاً سياسية وربما إجراءات قضائية، ما يستوجب إعادة تقييم سياساتها لتجنب الوقوع في أزمات قانونية وأمنية قد تؤثر على علاقاتها الإقليمية والدولية.

في خضم هذه التطورات المتسارعة، يبرز تحول جذري في ملف الصحراء، حيث تتحول المبادرة الأمريكية إلى أداة ضغط قانونية وسياسية تهدف إضعاف الجبهة ودعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد عملي، في مقابل تراجع سياسة الدعم للبوليساريو. إذ يفتح المستقبل مساحة لديناميكية جديدة بين الضغوط والفرص التي تستلزم حكمة وتوافقاً لإدارة مرحلة حاسمة في تاريخ المنطقة.

ختاماً، يجسد التصنيف المحتمل للبوليساريو كمنظمة إرهابية رسالة واضحة بأن القانون والضغط الدولي جزء لا يتجزأ من الحلول المستقبلية. يمنح هذا الموقف المغرب مكاسب دبلوماسية وسياسية، لكنه في الوقت ذاته يطرح تحديات في سبيل استعادة الحوار السلمي والتعامل مع التداعيات السياسية والإنسانية، فيما تظل الأنظار متجهة نحو رصد تطورات التشريع الأمريكي وردود الفعل الدولية التي ستحدد مسارات السلام والاستقرار في المنطقة.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!