أخبارجهاتمجتمع

تقنين حراسة السيارات بالدار البيضاء بين التنظيم والعبء الاقتصادي على المواطنين

تسعيرة الحراسة الموحدة تثير جدلاً واسعاً وتفرض تحديات جديدة في تطبيق النظام التنظيمي

شهدت مدينة الدار البيضاء مؤخراً تقنيناً مهماً لمهنة حراسة السيارات، عبر إطلاق منصة رقمية لتنظيم منح رخص الحراسة، بهدف وضع حد للفوضى والعشوائية التي كانت تسيطر على هذا القطاع الحيوي. هذا التقنين جاء في إطار جهود جماعية لتوفير نظام قانوني منظم، يمنح الأولوية للفئات الهشة مثل الأرامل وذوي الإعاقة، ويشترط ارتداء الحراس لزي موحد يحمل رقم الترخيص واسم الحارس، مما يعزز الطابع الرسمي للمهنة ويحد من الممارسات غير القانونية.
وفي إطار هذا التنظيم، تم تحديد تسعيرة حراسة السيارات بين درهمين و3 دراهم، وفقاً لنوع السيارة والمكان الذي تُحرس فيه، سواء كان سوقاً، مخبزة، مكان عمل أو غيرها من المواقع. ورغم أن الهدف من هذه التسعيرة هو ضبط السوق ومنع الاستغلال، إلا أن التطبيق العملي أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين، الذين يرون أن هذه التكلفة تمثل عبئاً ثقيلاً عليهم، خصوصاً في حالات الوقوف القصير مثل التوقف لشراء الخبز أو إنجاز معاملات بسيطة.
فمثلاً، قد تصل تكلفة الوقوف لشراء رغيف خبز إلى درهمين أو ثلاثة، وهي تكلفة قد تعادل أو تتجاوز ثمن الخبز نفسه، ما يجعل التكلفة اليومية للوقوف في مثل هذه الحالات مضاعفة وغير منطقية. هذه الزيادة في التكلفة تثير استياء واسعاً، حيث يشعر المواطنون بأنهم يُجبرون على دفع مبالغ إضافية غير مبررة، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
رغم الجهود التنظيمية التي وضعتها جماعة الدار البيضاء، لا تزال هناك تحديات كبيرة في تطبيق النظام الجديد. فالممارسات غير القانونية مثل فرض تسعيرات عشوائية أعلى من التعريفات الرسمية، والابتزاز في بعض المناطق، ما زالت قائمة، مما يهدد صورة المدينة ويؤثر سلباً على راحة المواطنين وزوار المدينة. كما أن تحديد مساحة الحراسة بـ70 متراً مربعاً كحد أقصى، ومنع حصول شخص على أكثر من رخصة، لم يحد من الفوضى بشكل كامل، بسبب ضعف الرقابة والتطبيق الميداني.
رداً على هذه التحديات، أعلنت الجماعة تعليق إصدار وتجديد رخص الحراسة، في محاولة للحد من الممارسات غير القانونية وإعادة ترتيب القطاع بشكل أكثر فعالية.
إن تقنين مهنة حراسة السيارات بالدار البيضاء خطوة ضرورية لتنظيم قطاع كان يعاني من الفوضى والعشوائية، مع وضع معايير اجتماعية تحمي الفئات الهشة وتضبط السوق. إلا أن التسعيرة الموحدة التي تتراوح بين درهمين و3 دراهم، والتي تُطبق حتى على الوقوف القصير مثل الذهاب إلى المخبز، تشكل عبئاً اقتصادياً ملموساً على المواطنين، وتثير استياءً مشروعاً. الحل يكمن في تعزيز الرقابة، وتوعية الحراس والمواطنين، وضبط الأسعار بما يتناسب مع طبيعة الوقوف، لضمان نظام عادل وشفاف يحفظ حقوق الجميع ويخدم مصلحة المدينة ويخفف من الأعباء اليومية على ساكنيها وزوارها.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!