
في واقعة أثارت جدلاً واسعاً بالمدينة الحمراء مراكش، تورط والي جهة مراكش آسفي، فريد شوراق، إثر قيامه بنحر أضحية عيد الأضحى مباشرة بعد صلاة العيد بإحدى المصليات، وهو التصرف الذي جاء مخالفاً لتوجيهات ملكية صريحة دعت إلى إلغاء شعائر الذبح هذا العام بسبب الأزمة التي تعاني منها الثروة الحيوانية جراء الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف. وقد استغل شخص يدعي قربه من القصر هذه الواقعة لورط الوالي في هذا الحدث، ما أدى إلى توقيفه عن مزاولة مهامه من قبل وزارة الداخلية المغربية، التي أكدت التزامها بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في ظل حساسية المرحلة التي تتطلب انضباط المسؤولين للتوجيهات الملكية.
كما تم إعفاء والي جهة فاس مكناس، معاذ الجامعي، لنفس السبب، حيث ظهر هو الآخر في مقاطع فيديو وهو يذبح أضحية العيد، مما اعتُبر مخالفة لتعليمات الملك محمد السادس، الذي بذل جهوده نيابة عن الشعب لتخفيف الضغط على الفلاحين ومربي الماشية. وعليه، عينت وزارة الداخلية عامل إقليم الحوز رشيد بنشيخي والياً بالنيابة على جهة مراكش آسفي، وعامل إقليم مكناس والياً بالنيابة على جهة فاس مكناس، في انتظار تعيين ولاة جدد، في خطوة تعكس حرص الدولة على احترام التوجيهات الرسمية وتعزيز الانضباط في صفوف المسؤولين، خاصة في القضايا ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي، حيث كان لظهور الواليين وهما ينحران الأضحية دلالات رمزية أثارت استياءً شعبياً ورسميًا.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على جهة مراكش آسفي فقط، بل تمتد لتشمل مختلف أرجاء التراب الوطني، حيث يتواجد العديد من الأشخاص الذين يدعون قربهم من القصر الملكي ويستغلون هذا الادعاء للتأثير على المسؤولين المحليين والإداريين في عمالات الأقاليم والإدارات المختلفة. هؤلاء الأشخاص يستخدمون نفوذهم المزعوم للتدخل في شؤون الإدارة، مما يعرقل سير العمل ويخلق بيئة غير صحية تتسم بالمحسوبية والفساد، وهو ما يؤثر سلباً على نزاهة وفعالية الإدارة ويضعف ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية.
تجربة جهة مراكش آسفي تؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال تعزيز آليات الرقابة الداخلية في الإدارات المحلية، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية لملاحقة كل من يسيء استخدام نفوذه، إلى جانب توعية المسؤولين والموظفين بأهمية الالتزام بالقوانين والتعليمات الرسمية. كما يجب تشجيع ثقافة الشفافية والمساءلة لضمان خدمة المواطنين بإنصاف ونزاهة.
إن ظاهرة الأشخاص الذين يدعون قربهم من القصر أو من جهات حزبية ويستغلون ذلك في التأثير على المسؤولين تمثل تحدياً حقيقياً أمام الإدارة المغربية. ولعل ما حدث في مراكش آسفي بمثابة إنذار يدعو إلى مراجعة شاملة لتعزيز الحوكمة الرشيدة، وضمان أن تكون المؤسسات الحكومية بعيدة عن أي تأثيرات غير مشروعة، خدمةً لمصلحة الوطن والمواطنين.
طط