أخبارإقتصادسياسة

بنك المغرب يتجه نحو فرض ضريبة على “الكاش”

والي بنك المغرب :" منظومة الأداء عبر الهاتف، التي تسعى إلى تقليل التعامل بـ”الكاش”، جاهزة منذ سنوات، إذ بلغت المحافظ الإلكترونية المسجلة نحو 8 ملايين، لكن التعاملات عبرها تبقى دون التطلعات.

وكالات

كشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب خلال ندوة صحافية شهر مارس ، بمقر البنك في العاصمة الرباط،حول موضوع الشمول المالي، إلى جانب الملكة ماكسيما زوريجويتا، ملكة الأراضي المنخفضة، بصفتها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية، التي حلت بالمغرب في زيارة رسمية،  إن ارتفاع التعامل بـ”الكاش” يدفع إلى التفكير في فرض ضريبة على ذلك، وهو ما خلصت إليه عدد من الدراسات المقارنة.

وأضاف إلى أن التفكير في هذا التوجه لم يسبق له أن كان في المغرب، لكنه قال إن استفحال ظاهرة “المعاملات النقدية” يفرض التفكير في هذه الصيغة”.

وحسب معطيات حديثة نشرها بنك المغرب، تشير الإحصائيات الصادرة نهاية فبراير الماضي، إلى تداول نقدي قدرُه 358.3 مليار درهم ، أي ما يربو عن 35 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 0.4 في المئة شهرا قبل ذلك، و11.4 في المئة مقارنة بشهر فبراير 2022.

التفكير في فرض ضريبة على “الكاش”

أسباب انتشار “الكاش”

جولة بسيطة في الأسواق والمتاجر المغربية، سواء تعلق الأمر بالقرى أو المدن، تكشف انتشار استعمال النقد للأداء. ولا يكاد المرء يجد أجهزة للدفع الإلكتروني، إلا في الأسواق الكبرى ومحطات الوقود وبعض المحلات. أما تجار الأسواق الشعبية والحرفيون، فأغلبهم يتعامل بالـ “كاش”.

يرجع بنك المغرب تسارع التداول النقدي إلى عدة عوامل، أبرزها “تنامي حالة عدم اليقين، وهو ما يدفع المودعين إلى إجراء عمليات سحب ضخمة للأوراق النقدية لأغراض احترازية، وهو الوضع الذي لوحظ في المملكة خلال أزمة كوفيد-19 في سنة 2020، عندما شهد الطلب على الأوراق النقدية، خلال عام واحد، زيادة بنسبة 20 بالمئة.”

وحسب المصدر ذاته، “يمكن أن يكون الاقتصاد غير المهيكل، وهو مكون أساسي للاقتصاد في البلدان منخفضة الدخل أو الناشئة، مصدرا للطلب المتواصل على النقد. ويعتبر ذلك حتى في الأدبيات الاقتصادية أحد المقاييس الرئيسية غير المباشرة للأنشطة الاقتصادية الموازية.”

الأداء عبر الهاتف المحمول المُسمى “المحفظة الإلكترونية” (M-wallet)

الأداء عبر الهاتف المحمول المُسمى “المحفظة الإلكترونية” (M-wallet)

وفي نفس السياق أشار والي بنك المغرب، إلى أن منظومة الأداء عبر الهاتف، التي تسعى إلى تقليل التعامل بـ”الكاش”، جاهزة منذ سنوات، إذ بلغت المحافظ الإلكترونية المسجلة نحو 8 ملايين، لكنه قال إن التعاملات عبرها تبقى دون التطلعات.

والأداء عبر الهاتف المحمول المُسمى “المحفظة الإلكترونية” (M-wallet) هو وسيلة أداء جديدة في المغرب، على شكل تطبيق يتم تحميله على الهاتف، ويكون مرتبطاً بحساب مفتوح لدى مؤسسة أداء أو بحساب بنكي.

وتُمكن هذه المحفظة من إنجاز مجموعة من عمليات الأداء بشكل آني، مثل تحويل مبالغ مالية إلى شخص آخر بإدخال رقم هاتف المرسل إليه فقط، والأداء مجاناً لدى التجار المعتمدين، وأداء فواتير الماء والكهرباء والضرائب والهاتف؛ ناهيك عن السحب من الشبابيك البنكية.

وأبرز الجواهري إلى أن تحقيق الإقبال على هذه الوسيلة يستدعي تغيير ثقافة وعقلية المغاربة، وأضاف أن: “المغرب بلدٌ يسود فيه التعامل بالكاش بشكل كبير، وهو مصنف ضمن البلدان الأولى عالمياً، وهذا أمر له سلبيات عدة؛ فهذه الظاهرة يمكن استغلالها في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال”.

كما ان استعمال “الكاش” له كلفة، وفي المقابل يَضمن الأداء الرقمي الأمان والسرعة والتكلفة المنخفضة، ودعا في هذا الصدد إلى العمل على تغيير ثقافة المغاربة بتبيان سلبيات التعامل بـ”الكاش” وإيجابيات الأداء عبر الهاتف.

ولتحقيق دفعة في هذا الصدد،  على الحكومة أن تعتمد التحويل الرقمي في ما يخص برامج الدعم العمومي، ونوه بتجربة تطبيق منظومة الأداء عبر الهاتف في برنامج “تيسير” لدعم تمدرس التلاميذ في العالم القروي التي أدت  الى نتائج إيجابية نسبياً، رغم أنها “لم تكن في مستوى الطموحات لأن تجار القرب لم ينخرطوا في العملية”.

“حجم القطاع غير المهيكل في المغرب يُعيق تطور الأداء عبر الهاتف”

من جهتها،قالت الملكة ماكسيما إن “حجم القطاع غير المهيكل في المغرب يُعيق تطور الأداء عبر الهاتف”، وأضافت: “المشكل يكمن أيضاً في كون العديد من التجار لا يرغبون في اعتماد الأداء عبر الهاتف لأنه سيكون عليهم أداء الضريبة على القيمة المضافة، وهي ضريبة معقدة بالنسبة لهم من حيث تدبيرها وحسابها وكلفتها”.

وفي حديثها عن وضع الشمول المالي في المملكة، ذكرت الملكة أن “المغرب من البلدان التي حققت تقدماً ملموساً في الشمول المالي، حيث تشير المعطيات الرسمية لسنة 2021 إلى أن 44% من البالغين المغاربة لديهم وصول إلى حساب مالي رسمي، إما من مؤسسة مالية رسمية أو مزود لخدمة الأموال عبر الهاتف المحمول، مقابل 29 في المائة عام 2017”.

وذكرت الملكة أن “حوالي 75 في المائة من المغاربة يقومون بعمليات أداء عبر الكاش، وهذا يعيق الوصول إلى الخدمات المالية المتعددة، مثل الادخار والاقتراض والتأمين، ويكون له تأثير على حياتهم وأسرتهم”.

توصيات الأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل

وأوصت الملكة، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل، الحكومة المغربية بـ”رقمنة جميع عمليات الأداء لفائدة الدولة والمقاولات الصغيرة، إضافة إلى التجار، لأن هذا يسهل دخولهم في المنظومة المالية الرسمية ويفتح لهم إمكانية الاستفادة من الخدمات المالية”.

كما دعت الملكة ماكسيما إلى “محاربة أداء الأجور نقداً من طرف بعض المقاولات، والعمل على رقمنة سلسلة القيمة لقطاع الفلاحة، لأنه مازال يعتمد النقد كلياً بهدف فتح المجال للفلاحين للحصول على التأمين أمام التغيرات المناخية”.

15 مليون مغربي بالغ لا يتوفرون على حساب بنكي

المعطيات التي قُدمت بمناسبة زيارة الملكة إلى المغرب تشير إلى أنه “مازال هناك 15 مليون مغربي بالغ لا يتوفرون على حساب بنكي حسب أرقام 2021، وهذا يعني أن هذه الفئة لا تتوفر على وسيلة مضمونة للادخار لمواجهة النفقات الطارئة والتأمين الضروري، أو إمكانية الحصول على قروض”.

زيارة الأولى من نوعها

جدير بالذكر أن الزيارة الرسمية لملكة الأراضي المنخفضة هي الأولى من نوعها، امتدت من 20 إلى 23 مارس الجاري، حيث التقت عدداً من المسؤولين الحكوميين والمؤسسات التنظيمية، إضافة إلى ممثلي القطاع البنكي؛ كما التقت عدداً من الجمعيات النسائية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!