أخبار

دار الطالب والطالبة بمدينة الكارة: اجتماع تشاوري يعكس قيم التواصل والتدبير الشفاف

 حكيم السعودي 

دار الطالب والطالبة في مدينة الكارة، مؤسسة تجمع بين الجوانب التربوية والاجتماعية، تُعد نموذجاً مشرقاً للإدارة الفعّالة التي ترتكز على الشفافية والإنصات لاحتياجات النزلاء. خلال زيارتي لهذه المؤسسة، كنت شاهداً على اجتماع غير عادي جمع بين الإدارة وممثلي النزلاء، في صورة تحمل أبعاداً تربوية وإنسانية عميقة تستحق التوقف عندها.

البداية كانت مع دخولي مكتب المقتصد، حيث التقيت بالمقتصد رشيد والمدير عزيز عمرو وأمين المال. النقاش الذي دار بينهم كان حول الشأن المحلي وتحديات المدينة، وهو أمر يعكس مدى انخراطهم في قضايا مجتمعية أوسع من نطاق عملهم. الحديث كان عفوياً، لكنه اتسم بالجدية التي تحمل شعوراً بالمسؤولية. لم يمر وقتا طويلا حتى تمت دعوة أعضاء مجلس التدبير، الذين يمثلون نزلاء ونزيلات الدار، للمشاركة في اجتماع يهدف إلى مناقشة برنامج التغذية المعتمد في المؤسسة.و ما لفت انتباهي من اللحظة الأولى هو الطريقة التي أُدير بها الاجتماع. لم يكن الأمر مجرد شكليّة أو إجراء روتيني، بل اتسم الاجتماع بالصدق والصراحة المطلقة. الإدارة فتحت الباب أمام ممثلي النزلاء للتعبير عن آرائهم واقتراحاتهم، وهي خطوة تعكس إيمانهم بأن للمستفيدين صوتاً يجب أن يُسمع. المقتصد رشيد، الذي بدا متمرساً في الحوار البناء، عرض برنامج التغذية بكل شفافية، واستمع بصدر رحب لملاحظات النزلاء، ليبدأ بعدها في تعديل البرنامج بناءً على رغباتهم بما يتماشى مع الإمكانيات المتاحة والمعايير الغذائية المطلوبة.

الأجواء التي سادت الاجتماع كانت دافئة ومحترمة، حيث شعر النزلاء بأنهم جزء حقيقي من عملية صنع القرار داخل المؤسسة. مثل هذه اللحظات تعكس روح التشاركية، التي تعد عنصراً نادراً في العديد من المؤسسات. الإدارة بدورها وعلى رأسها المدير عزيز عمرو، أظهرت قدراً عالياً من الاحترافية في إدارة النقاش. كان واضحاً أن هناك وعياً عميقاً بأهمية بناء علاقة ثقة مع النزلاء، وهو ما بدا جلياً في طريقة تفاعلهم مع ممثلي النزلاء. لم يكن الهدف فقط تحسين برنامج التغذية، بل تعزيز شعور النزلاء بالانتماء والتقدير داخل هذه المؤسسة التي أصبحت بيتهم الثاني.

 

وما يجعل هذه التجربة جديرة بالاهتمام هو الطريقة التي تدار بها الأمور داخل دار الطالب والطالبة. الإدارة لا تكتفي بتقديم خدمات أساسية، بل تسعى جاهدة لخلق بيئة متوازنة تجمع بين الرعاية النفسية والاجتماعية والتربوية. التعامل مع النزلاء هنا لم يكن فقط باعتبارهم مستفيدين، بل كأفراد يستحقون الاحترام والمشاركة في القرارات التي تمس حياتهم اليومية أن هذا المستوى من الكفاءة الإدارية يعكس تكويناً متيناً للمشرفين على هذه المؤسسة، سواء في التسيير الإداري أو التدبير المالي أو الوساطة الاجتماعية. المشرفون، بفضل تكوينهم وخبراتهم، نجحوا في بناء نموذج يحتذى به لإدارة المؤسسات التربوية والاجتماعية.

 

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت هذه التجربة كيف يمكن للمؤسسات أن تتحول إلى فضاءات للحوار البناء وتعزيز القيم الإنسانية. النزلاء، الذين هم في الغالب أطفال وشباب في مقتبل العمر، وجدوا في هذه المؤسسة بيئة تحترم احتياجاتهم وتدعم تطلعاتهم، مما يسهم في تنمية شخصياتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

 

دار الطالب والطالبة في مدينة الكارة ليست مجرد مكان للإقامة المؤقتة، بل هي مساحة تعكس إمكانية تحويل المؤسسات التربوية إلى منصات للتفاعل الإيجابي والتغيير المجتمعي. هذه التجربة تذكرنا بأن الإدارة الفعالة ليست فقط في تقديم الخدمات، بل في الطريقة التي يتم بها الاستماع إلى الآخرين وتقدير آرائهم وإشراكهم في عملية صنع القرار.إن وجود مؤسسات مثل هذه في مجتمعنا يُعد علامة فارقة، حيث تسهم في تعزيز قيم المسؤولية والشراكة والشفافية. نتمنى أن تنتقل هذه التجربة إلى مؤسسات أخرى، وأن تصبح نموذجاً يُحتذى به في جميع أنحاء المملكة، لأنها تحمل في طياتها الأمل في بناء مستقبل أكثر إنسانية وعدالة.

 

 تمثل دار الطالب والطالبة بمدينة الكارة نموذجًا حيًا على أن المؤسسات التربوية والاجتماعية ليست مجرد مكان لتقديم الخدمات الأساسية، بل هي بيئة حاضنة تُصقل فيها شخصيات النزلاء، وتعزز من إحساسهم بالمسؤولية والانتماء. التجربة التي شهدتها داخل هذه المؤسسة أثبتت أن الشفافية، الحوار البناء، واحترام آراء المستفيدين يمكن أن تخلق بيئة تُشبه الأسرة في قيمها وتفاعلها.ان ما قامت به إدارة الدار، بقيادة المدير عزيز عمرو والمقتصد رشيد وأمين المال، يعكس حسًا عميقًا بالواجب والتزامًا بتوفير أفضل الظروف للنزلاء، ليس فقط على المستوى المادي، ولكن أيضًا على المستوى النفسي والاجتماعي. مثل هذه المبادرات تجعلنا نستشعر الأمل في أن المؤسسات التربوية قادرة على أن تكون نواة للتغيير الإيجابي، ومنارة للقيم الإنسانية التي نطمح إليها في مجتمعنا.إن دار الطالب والطالبة بالكارة ليست مجرد مؤسسة، بل هي نموذج يُحتذى به، يثبت أن القيادة الحكيمة والإدارة الواعية يمكن أن تحوّل أبسط الإمكانيات إلى قصص نجاح تُكتب بحروف من نور. نأمل أن تجد هذه التجربة صداها في مؤسسات أخرى، وأن تكون حافزًا لتكريس المزيد من الجهود لتحقيق بيئة تربوية أكثر إشراقًا وإنسانية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!