أخبار

دلالات الاحتفال بالسنة الأمازيغية

عبد الواحد بلقصري 

باحث في علم الاجتماع السياسي 

احتفل المغرب برأس السنة الأمازيغية 2974 يوم 14 يناير2024والذي صادف هاته السنة ذكرى وثيقة المطالبة بالاستقلال ،ولعل هذا الاحتفال يحمل في طياته دلالات رمزية عديدة لعل أهمها ما يلي : 

  الدلالة الأولى : أن ترسيم الاحتفال بالسنة الأمازيغية من طرف الملك محمد السادس نصره هوتأكيد لأهمية الجذور التاريخية للهوية الأمازيغية كجزء رئيسي من الهوية الجماعية للمغرب والمغاربة والأفارقة.

الدلالة الثانية :أن دسترة الأمازيغية هومكسب لجميع الأمازيغ الذين طالبو منذ عقود بترسيم الأمازيغية وأنه كان من بين المطالب التي رفعتها الحركة الأمازيغية بالمغرب منذ مدة اعتبار (يوم 14 في حقيقة الأمر) الذي يصادف فاتح ينّار حسب التقويم الامازيغي*1*، يوم عطلة شأنه في ذلك شأن باقي الأعياد الوطنية والدولية والدينية، وقد تم تنظيم مجموعة من التظاهرات الثقافية بمجموعة من المناطق بالمغرب، وذلك للتذكير بأهمية الحدث ومدى ارتباطه بالثقافة والحضارة المغربية حيث أن كل الأسرالمغربية سواء كانت تتكلم الامازيغية أو لا، تحتفل بهذه المناسبة تحت مسميات مختلفة، إن هذا الاعتراف يأتي كتتويج لمسيرة طويلة من النضال والتضحيات التي قدمتها الحركة الامازيغية. *2* 

الدلالة الثالثة : أن هذا الاحتفال هو بمثابة إعادة الاعتبار للهوية الأمازيغية التي تشكل جزئا رئيسيا من الهوية الثقافية للمغرب ذات الجذور الإفريقية والأندلسية واليهودية والإسلامية والعربية ،وهو اعتراف بالتنوع الثقافي الذي ساهم في تقدم العديد من البلدان اقتصاديا وسياسياعبر سياسات متعددةالثقافات وعبر احترامهالثقافة الأقليات وخياراتهم وقد أكد المفكر صامويل هنتغتون في كتابه قضایاثقافية وهو كتاب ألفه إلى جانب لورنس هارسون، على أنه في أوائل سبعينات القرن العشرين (20) وقعت على بيانات اقتصادية لكل من غانا وكوريا الجنوبية وذهلت عند ما رأيت أوجه التشابه بعد ثلاثين عاماأصبحت كوريا الجنوبيةعملاقا صناعيا يحتل المرتبة 14 على مستوى العالم، بينما لم تبلغ هذا الأمر غانا، هذاالاختلاف سببه بالدرجة الأولى أن الكوريين يقدرون التنوع الهوياتي .

الدلالة الرابعة :أن الاحتفال بهاته السنة والذي يواكب مجموعة من المبادرات الملكية السامية من أجل انضمام دول الساحل الإفريقي إلى المحيط الأطلسي وذلك من أجل أفريقيا مزدهرة بحكم الجذور الامازيغية لمختلف دول الساحل وهي قضية تعيد الاعتبار للتاريخ المشترك للمغرب مع أفريقيا التي تتوفر على روافد تاريخية غنية بحكم أنها من أقدم الحضارات في التاريخ بالإضافة إلى غنى مواردها الطبيعية والبشرية ، دون أن ننسى سباق القوى العظمى من أجل الاستثمار فيها ،ومن شأن إعادة الاعتبار لذاكرة أفريقيا أن يوحد الأفارقة وأن يعالج بشكل جلي وواضح مسألة التبعية التي ساهمت في إغراق أفريقيا في الفقر والجوع والانقلابات العسكرية والهجرة السرية ،مما جعلهامعادلة خارج التاريخ المعاصر  

نخلص في الأخير أن المجتمع الديمقراطي الحداثي لا يمكن تحقيقه بدون إعطاء الفرصة للجميع لدراسة وإنجازاختياراتهم الكبرى والمتنوعة، وبواسطة ثقافةالمشاركة هاته، يمكن تحقيق الاندماج الوطني والوحدة الوطنية التي لا يمكن تحقيقها إلا بخلق سياسات متعددة الثقافات تكون مدخلا أساسيا لبناء الدولة الديمقراطية الحداثية التي بواسطتها يمكن تحقيق النفع العام لجميع المكونات المجتمعية على اختلاف تلاوين هوياتها وثقافاتها.

لائحة المراجع والهوامش :

انظر مقال الباحث محمد بوداريأسكّاس أماينو 2972 .. في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية جريد جديد أنفو.

2- نفسه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!