أخبار

دور القيم في ترسيخ السلوك المدني

عبد الواحد بلقصري 

باحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

 

إذا كانت القيم هي مــجموعة من السلوكيات والمبادئ والأخلاقيات التي تربي الإنسان والتي يمارسها في حياته اليومية وهي أهم عنصر من عناصر الثقافة الاجتماعية ،حيث أننا نجد في كل مجتمع منظومة من القيم تؤطر سلوك الفرد وتجعله يخضع للممارسات ويتشبع بقيم اجتماعية من صنع ذات المـــــــــــجتمع ويــعتبر كل من حاول احترامها خارجا عن القوانين التي رسمها المجتمع منذ زمن بعيد ،بغــــــية الحفاظ على السلم الاجتماعي والتعايش بين مكونات المجتمع ،وبالتالي تتم معاقبة الخارجين عن الخـــــــــطوط الحمراء التــــي رسمها المجتمع .

وفي زمننا المعولم أصبحنا نعيش تحولات اجتماعيا بفعل التداعيات الاقتصادية والسياسية والصـــحية الناتجة عن الأزمات الدولية والمشاكل المعقدة التي يعيشها العالم اليوم .

والمغرب كغيره من البلدان العالمثالثية يعيش انتقالا قيميا مهما في السنوات الأخيرة ،كل هذا استوجب التصدي له بالبحث وإخضاعه للسؤال ،هل ساهمنا في بناء قيم مركزية مستوحاة من هويتنا وتـــقاليدنا وذاكرتنا الجماعية المشتركة من أجل بناء مواطن فاعل .

إن المجتمع بدون قيم كالجسد بلا عقل يتخبط خبط عشواء ليعيث فسادا فيما حوله بلا تأنيث ضـــمير ولا يباهي بتفكيره في النتائج .

فالقيم هي الحجر الأساس لأي مجتمع الهدف منها هو إعداد مواطن فاعل ،إن العالم اليوم أصـــــبح قرية صغيرة وساهمت التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي في التبادل الثقافي ،حيث أن التــــــــــعامل مع الحوادث الاجتماعية العرضية التي نعيشها يوميا تبين لنا جوانب أزمة القيم وتؤكد لنا على أننا بالرغم مع أننا نعيش انتقالا قيميا إلا انه من الواجب إعادة النظر في إشكالية القيم من خــــلال تقويتها وإنمائها عبر برامج للتنشئة الاجتماعية والسياسية تكرس لثقافة الاختلاف والتعايش من داخلها والعيش المــــــــشترك والإندماج الوطني والثماثل الاجتماعي .

ان القيم من شأنها القضاء على الشوائب التي تنتاب سلوكاتنا المدنية .

وأن دور الفاعلين بمختلف أنواعهم السياسيين عبر التاطير و التنشئة السياسية والمدنيين عبر تكثيف برامج التربية المدنية والنخب عبر تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي ودفع الافراد الى اكتساب ثقاقات المجتمع والمثقفين عبر الانتاج الفكري والابداعي الذي يبقى مهما دون أن ننسى دور السياسات التعليمية والتربوية حيث أن الادماج القوي لبرامج ومقومات السلوك المدني في المقررات المدرسية وتكثيف أنشطة التفنح الفني من شأنه بناء مواطنة فاعلة قادرة على خلق اندماج وطني.

كما أن انفتاخ الجامعة والمدرسة العمومية على المحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي من شأنه تقويم وتجويد السلوك المدني عبر ترسيخ قيم التسامح وثقافة الاختلاف والابتعاد عن نظام التفاهة في النقاش العمومي وفي شبكات التواصل الاجتماعي. 

في الاخير يمكن القول أن خلق منظومة للقيم هو شأن مجتمعي يتطلب من الجميع تفكير ومجهود جماعي من أجل الرقي بمجتمعنا ومغربنا العريق بقيمه وموروثه الثقافي وتقاليده العريقة إلى مصاف الدول الصاعدة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!