أخبارسياسة

دور المرأة المغربية في تعزيز التنوع والقيادة في المجتمع الفرنسي

تعيين نجاة فالو بلقاسم نموذجاً للتقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة المغربية في الغرب

تُشكّل المرأة المغربية جسراً حيوياً يربط بين ثقافتين مختلفتين، ويُجسّد حضورها في المجتمع الغربي، وخصوصاً في فرنسا، قصة نجاح متجددة تتداخل فيها العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتعكس قوة التفاعل والاندماج. ولعل تعيين السيدة المغربية نجاة فالو بلقاسم في منصب مستشارة كبيرة في محكمة الحسابات الفرنسية عام 2025، في فرنسا تحديداً خلال اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي في 16 يوليو بناءً على اقتراح الوزير الأول فرانسوا بايرو، يعكس هذا التشابك العميق بين الأصل والإقامة، ويُبرز كيف يمكن لأصولها المغربية أن تشكل دعامة في مسيرتها السياسية، بوعيها المتعدد الثقافات وتجربتها الشخصية التي دفعتها للدفاع عن حقوق الأقليات والمساواة، مما جعلها رمزا للنضال في المجتمع الفرنسي متجاوزة التحديات والانتقادات، ومُؤكدة أن التنوع يمثل قوة لا عيب فيها في السياسة الفرنسية الحديثة.
وقد تلقت مسيرتها السياسية صورًا متعددة في المجتمع الفرنسي، حيث احتفى جزء كبير من الجمهور والإعلام بكفاءتها ومسارها المهني القائم على الجدارة والمنافسة الشريفة، مؤكدين أن مثل هذا التعيين، الذي جاء عبر مسطرة مهنية دقيقة تنافست خلالها مع 150 مرشحاً وتم اختيار خمسة فقط لشغل منصب المستشار الكبير، يرمز إلى قبول أوسع للتنوع الثقافي والعرقي في المواقع العليا، رغم ما يحيط بأصولها من هجمات من أطراف يمينية معارضة حاولت التشكيك في ولائها، وهو ما لم يمنعها بل زاد من إصرارها على تعزيز قيم الديمقراطية والمساواة. وإن وسائل الإعلام الفرنسية، على الرغم من عدم إيلاء هذا التعيين تغطية واسعة، إلا أن الصمت النسبي حول الموضوع يشير إلى قبول مجتمعي نسبي ومهني لهذا النوع من التعيينات، بعيداً عن جدليات لا طائل منها، وبلا تحامل مفتعل.
ومن جهة أخرى، يشكل هذا الإنجاز نقطة مضيئة في صورة المرأة في السياسة الفرنسية، حيث يدعم الرسالة بأن وصول المرأة إلى المواقع العليا ليس مجرد شعار شكلي بل تحقيق لمبادئ المساواة والجدارة، كما يكسر الحواجز التقليدية، خاصة للنساء ذوات الأصول المهاجرة، مما يعزز طموحات النساء للانخراط الفاعل في الحياة السياسية وتبوء مراكز صنع القرار، ويؤكد أن التنوع الثقافي في المؤسسات الحكومية هو مصدر قوة وتعزيز للديمقراطية. وهذا لا يختلف كثيراً عن وضع المرأة المغربية التي، رغم التحديات الاجتماعية والثقافية في داخل وطنها، تتقدم بخطوات ثابتة نحو تمثيل سياسي أوسع وتمكين اقتصادي واجتماعي مستمر، مستفيدة من إرث نضالي يمتد من مقاومة الاستعمار إلى اليوم، حيث باتت تشغل مناصب وزارية وبرلمانية مهمة، وتؤثر في صنع القرار الوطني، مع تصاعد صوتها في مجالات متعددة.
أما على صعيد المجتمع الغربي والفرنسي خصوصاً، فتلعب المرأة المغربية دورًا متزايد الأهمية في مختلف المجالات. ففي المجال السياسي، باتت المغربيات جزءًا من المشهد الديمقراطي، مشاركات في الحياة الحزبية والمجالس المنتخبة، ورموزًا لحركات الدفاع عن المهاجرين وحقوق النساء، كما يبرز عملها في الجمعيات المدنية التي تساهم في تعزيز الاندماج والهوية الثقافية، فهي جسر بين ثقافتين تُحافظ على التراث وتُعيد تفسيره في البيئة الجديدة. وفي الجانب الاجتماعي، يتجسد دورها في تعزيز قيم التعايش والتسامح ومشاركة الفعاليات التطوعية، بينما على الصعيد الاقتصادي تتزايد مبادرات المغربيات في ريادة الأعمال والعمل المستقل رغم التحديات التي تواجههن من حيث التمكين المالي والاجتماعي، مما يعكس فلسفة النضال والصمود التي تربت عليها عبر الأجيال.
وفي النهاية، يشكل هذا التداخل بين الأصول المغربية والحياة في الغرب مثالاً حيًا على قدرة المرأة المغربية على تحقيق التميز وتخطي العقبات، مضيفة بذلك إلى المشهد الغربي فرادة في التنوع والثقافة والفاعلية. سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، تثبت المرأة المغربية في فرنسا وخارجها أن هويتها متعددة الأبعاد هي مصدر قوة، وأن نجاحاتها تُلهم نساء الجيل الجديد في السعي نحو استقلالية القرار والمشاركة الفاعلة في بناء المجتمعات التي تنتمي إليها. إن تعيين شخصية مثل نجاة فالو بلقاسم هو رسالة واضحة بأن الكفاءة والمثابرة والتنوع يمكن أن تشكّل معًا مفتاحاً لفرص أوسع ومساهمة أعمق للمرأة المغربية في المشاهد العالمية، ليظل حضورها مثالاً حياً على روح العصر والتغيير المستدام.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!