أخبارإقتصاددولي

“ربط العملة الجديدة لدول الساحل الإفريقي بالدرهم المغربي: خطوة استراتيجية لتعزيز الاستقلال النقدي والتكامل الاقتصادي”

"مبادرة مغربية إقليمية تعيد تشكيل المشهد المالي في غرب إفريقيا وتدعم نمو الصادرات والاستقرار الاقتصادي"

تستعد دول الساحل الإفريقي الثلاث، بوركينا فاسو والنيجر ومالي، لإطلاق عملة جديدة بديلة للفرنك الإفريقي المرتبط تاريخياً بفرنسا، ضمن مبادرة تهدف إلى تحقيق استقلال نقدي أكبر وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي. وتم الاتفاق مبدئياً بين هذه الدول والمغرب، حيث ستكون العملة الجديدة مرتبطة بالدرهم المغربي، في خطوة تهدف إلى تقوية الروابط الاقتصادية بين هذه الدول، وتقليل الاعتماد على النفوذ المالي الفرنسي في المنطقة.

يخضع الاتفاق حالياً لتقييم البنك المركزي المغربي ودار السكة الملكية، مع انتظار الموافقة السيادية الملكية. ويتم اعتماد نظام سعر صرف مرن للدرهم، يتيح له التذبذب ضمن نطاق محدد حول سعر محوري معتمد على سلة عملات تشمل اليورو (نسبة 60%) والدولار الأمريكي (نسبة 40%)، مما يوفر استقرارًا نسبيًا وقوة شرائية أعلى مقارنة بالفرنك الإفريقي القديم.
وتتجلى الجدوى الاقتصادية لدول الساحل في رغبتها بالتغلب على التحديات التنموية والأمنية والجغرافية عبر تعزيز التكامل الإقليمي وتحسين البنية التحتية، وذلك بمساعدة المغرب الذي يقود مبادرة طموحة لربط هذه الدول بالمحيط الأطلسي، ما يعزز وصولها إلى الأسواق العالمية ويحد من العزلة التجارية.

كان رد فعل السوق المالية المغربية إيجابيًا، حيث شهدت بورصة الدار البيضاء أداءً قياسيًا خلال النصف الأول من 2025، يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني والمبادرات الإقليمية الطموحة. وقد استفاد السوق من استقرار السياسات النقدية وتدفق الاستثمارات، مع توقعات بتحقيق مكاسب إضافية نتيجة للمشاريع الاقتصادية الكبرى.
تأثير ربط العملة بالدرهم على الصادرات متوقع أن يكون إيجابيًا، من خلال تعزيز تنافسية السلع المغربية ودعم نمو الصادرات لدول الساحل المرتبطة، بفضل استقرار العملة وتقليل التكاليف التجارية. ومع ذلك، فإن تحرير الدرهم المغربي بشكل تدريجي، الذي يعمل عليه بنك المغرب، يفرض تحديات مثل ارتفاع تكاليف الواردات وتأثيرها على القدرة الشرائية، وهو ما يتطلب موازنة دقيقة لضمان الحفاظ على النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي.
بدأ إصلاح نظام سعر صرف الدرهم المغربي فعليًا منذ 2018، مع توسيع نطاق تقلبه تدريجيًا، ويخطط البنك المركزي لفك ارتباط الدرهم بسلة عملات اليورو والدولار خلال السنوات المقبلة. لكن هذا الإصلاح يتطلب تأنيًا بسبب حاجة الاقتصاد الوطني وبصفة خاصة الشركات الصغيرة إلى تكيف مع تقلبات سعر الصرف، بالإضافة إلى ضرورة مراقبة المضاربات التي تؤثر على استقرار سوق العملات.

وفي الختام، يمثل ربط العملة الجديدة لدول الساحل بالدرهم المغربي تحولاً استراتيجيًا يعزز استقلال هذه الدول اقتصاديًا ونقديًا، ويكسب المغرب مكانة مركزية في إعادة تشكيل المشهد المالي في غرب إفريقيا. ويعد هذا الربط خطوة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الاستقرار النقدي وتحفيز النمو الاقتصادي، مع ضرورة إدارة مخاطر التغيرات في سعر الصرف وآثارها على القدرات التنافسية والتوازن الاجتماعي.

هذه المبادرة تمثل دمجًا للمصالح الإقليمية مع طموحات التنمية المستدامة، وتفتح آفاقًا واسعة لتعزيز التكامل الاقتصادي وجذب الاستثمارات في غرب إفريقيا، بعيداً عن النفوذ التقليدي للفرنك، مع إرساء أسس تعاون نقدي يراعي خصوصيات الاقتصاد المغربي وإمكانيات دول الساحل.

🖋️المصادر:

👈🏼تقارير البنك المركزي المغربي ونظام سعر الصرف

👈🏼تحليلات السوق المالية المغربية وأداء بورصة الدار البيضاء 2025

👈🏼دراسات حول التكامل الاقتصادي في غرب إفريقيا والتحديات الأمنية والتجارية

👈🏼تصريحات محافظ بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري ومصادر إعلامية اقتصادية دولية.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!