أخبارإقتصادجهاتفن وثقافةمجتمع

ساكنة سيدي موسى المجدوب تنتفض ضد تحويل موسمها الروحي إلى مهرجان سياسي

رفض شعبي واسع لقرار عمالة المحمدية الذي يهدد هوية موسم يمتد لأكثر من قرنين

في قلب جماعة سيدي موسى المجدوب بالمحمدية، ينبض موسم عريق يمتد عبر قرنين من الزمن، يحمل في طياته عبق الروحانية ودفء التواصل الاجتماعي، موسمٌ كان ولا يزال ملاذًا للقلوب الباحثة عن السلام والارتباط بالتراث الصوفي الأصيل. لكن هذا الموسم، الذي لطالما جمع بين الأجيال على وقع تقاليد راسخة، وجد نفسه فجأة في مواجهة قرار اتخذ يوم الأربعاء 25 يونيو 2025 بمقر عمالة المحمدية، يقضي بتحويل “موسم سيدي موسى المجدوب” إلى مهرجان يحمل طابعًا جديدًا، ما أثار موجة اعتراضات ورفض شعبي واسع من ساكنة الجماعة بحسب مصادر محلية.

لم تقبل الساكنة، التي تربت على قيم هذا الموسم وتعايشت مع رموزه، هذا التحول كأمر واقع. بل انتفضت بصمتها، معلنة رفضها القاطع لما اعتبرته محاولة لتفريغ الموسم من روحه، وتحويله إلى حدث تجاري وسياسي يخالف عمق تاريخه وهويته. بالنسبة لهم، ليس مجرد تغيير في الاسم أو الشكل، بل هو مسخ للذاكرة الجماعية التي نسجت خيوطها عبر الزمن، وطمس لرموز التواصل الاجتماعي مثل نصب الخيام والتخييم الجماعي، التي كانت علامة مضيئة على وحدة المجتمع وتلاحمه.
هذا الرفض ليس تعبيرًا عن رفض للتغيير بحد ذاته، بل هو صرخة من أجل الحفاظ على الأصالة، على ذلك الرابط الروحي الذي جمع بين الزوار والسكان المحليين، بعيدًا عن أي استغلال سياسي أو حزبي. فالموسم بالنسبة لهم هو أكثر من مناسبة؛ إنه تراث حي ينبض في وجدانهم، يحمل معاني الصوفية والتقاليد الشعبية، ويشكل فضاءً للتلاقي بين الأجيال.
وفي ظل هذه الأجواء، ارتفعت أصوات المجتمع المدني والطرق الصوفية، داعية إلى إعادة الاعتبار للموسم في صورته الأصلية، محذرة من أن فرض نماذج مهرجانية دخيلة قد يؤدي إلى تلاشي هذا التراث وانفضاض الناس عنه. مناشدات متكررة توجهت إلى المسؤولين في عمالة المحمدية ووزارة الثقافة ووزارة الداخلية، تطالبهم بالتدخل العاجل لوقف هذا المسار الذي قد يجر الموسم إلى فقدان روحه وهويته.
وفي النهاية، يبقى موسم سيدي موسى المجدوب أكثر من مجرد حدث سنوي؛ هو شهادة حية على تاريخ وثقافة وهوية مجتمع يرفض أن تُمحى ذاكرته أو تُستغل مناسباته لأغراض لا تعبر عنه. هو دعوة صامتة للحفاظ على الأصالة وسط متغيرات العصر، وتمسك بالتراث كجسر يربط بين الماضي والحاضر، ويمنح الأمل في مستقبل يحترم الجذور ويحتفي بالروح.

اظهر المزيد

حميد فوزي

رئيس التحرير
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!